ليتهم تعلموا من هذا الفتى الصغير
لم تكن هذه قصة من نسج خيالي بل كانت حقيقية عشتها ولم أنساها.
كان ذلك في صباح يوم شتائي قارص غضبت السماء في ليلته علينا غضب من انذر وحذر لا غضب من طغى وتجبر ثم بكت لحالنا وسوء أفعالنا بمطر غزير كاد يزرع في نفوسنا الرعب والجزع، بعدها هدأت عن صباح يلفه الطل والضباب مع ريح زمهرير قارص . كنت أقف تحت واجهة إحدى المحلات التجارية انتظر باص الموظفين منكمشا ابحث عن خيوط الشمس لأدفئ فيها أطراف أصابعي ولكن دون جدوى ... ثم حاولت إن اغبر مكاني لعلي أكون في وضع أدفا فلمحت من بعد حوالي ثلاثون مترا صبيا يخطو باتجاهي ، ينحني بين الحين والأخر ليلتقط شيئا من بين الشارع والرصيف ليضعه في كيس كان يحمله على متنه الصغير كان فتى بعمر تسع أو عشر سنوات ملابسه لا تقيه البرد كملابسي التي ارتدي وأنا ارتجف كالعصفور كان حذاءه كتانا بللته مياه الأمطار الراكدة على طول الشارع لقصور المجاري عن تحملها ، له وجها بريئا ومجداً لكنه ولكنه شاحبا وباد عليه النحول وتعب الحياة .....رباه ما ذا يفعل هذا الصبي عند هذا الصباح الباكر وهو لم يتسلح للبرد بملابس تقيه نزلات المرض ولماذا لم يكن كأقرانه في هذا الوقت تحت دفئ السرير ..
عندما اقترب مني أكثر عرفت ماذا يجمع ... كان يجمع علب المشروبات ألغازيه الفارغة ، ثم يكورها ويضعها في كيسه الذي يحمله كي يبيعها إلى محلات صهر الألمنيوم .. لقد بكر كالطير على رزقه كان يلتقط علب المشروبات الغازية ويترك علب المشروبات الروحية حيث كانت هناك بعضا منها ، وعندما اقترب مني سألته لماذا لا تأخذ هذه العلب إنها نفس علب البيبسي فرد علي لا ياعم لا اخذ هذه . فتخابثت وسألته لماذا هي مصنوعة من الألمنيوم أيضا .، فقال لي وهو يمضي في طريقة إنها علب البيرة ....
أخجلني كلامه فتراجعت خلفي وبقيت متعجبا في أمره ، مرت في خاطري صور لسياسيين ووزراء وقادة ورجال برلمان أكلوا حقوق الاخرين بالحرام كما يأكلون الشهد ومنها حق هذا الصغير.. أدرت وجهي إلى المحل خلفي ومسحت قطرات الماء التي تكاثفت فوق زجاجه فبدا لي وجهي بأرنبة انف حمراء ما لبث أن تداخل مع وجوه أولئك الذين مرت صورهم بخاطري فلم أجد مايريحني إلا إن
ابصق عليه ..
من ايميلي