[align=center]إلى الحبيب جمال عشال
الامر غير قابل للشك, كل ما اقوله لك ما هو الا اقرارا للواقع" تنهدم امامنا فى بعض الاحيان دنيانا و تصغر امامنا حتى تصير اقل من ان نلمح تفاصيلها الحية! نصير كأننا نتحرك فى مشهد ثابت او يكاد يكون! مشاعر عدة انتابتنى حينسمعتُ خبراً بأنه قد مات , مضيت اكاد لا ارى الطريق من امامى, استشعرت ضعفى البشرى و عدم قدرتى على التحكم فى الزمن.
اتجهت الى المنزل و انا لا ادرى كيف ساواجهه بما علمت لتوى! امر غريب! اننى حتى لا ارى الطريق من امامى , اناس تعبر امامى و مشاهد تنحدر فى نهر المدينة الصاخب! ولا احد يستشعر ما اجده فى نفسى! اوجه عيناى نحو الناس عسى ان اجد فيها من يرانى, الا ان الناس لا ترى الا الملامح , فمن اين للاوجه العابرة ان ترى ما هو ابعد من ذلك!
جمال ..
حين دلفت الى البيت كان هناك , اخواتى كانت تطل من اعينهم اعاصير من التساؤل و القلق! تعتصرنى تلك النظرات الحيرى! تقتلع من داخلى كل قدرة على الاحتمال! الا اننى اتذكر كلمات هذا الناظر الى تذكرنى بأننى رجل ! خبأت الامر عن الجمع الحاضر و اتقنت دورى حتى سمعت تنهدات الراحة تزفر من احر الاركان من قلوبهم!
جمال ..
حين توسدت سريرى تلك الليلة لم انم! و انهدرت سيول من ضعفى الذى كثيرا ما وئدته امام اعين الاهل و امامه هو! كان الدمع يهطل من عينى كليلة شتوية امتلأت سمائها بالغمام الاسود, و الوقت يمر سريعا بطيئا بلا معيار ثابت فقد اختلت كل المعايير, نتحول الى كائنات اخرى حين يمتلك الحزن زمام ارواحنا, يضمنا الحزن بأعتصار كضمة القبر, يطوينا حتى تختلج منا الضلوع, ينسج علينا خيوطه السوداء كعنكبوت حول فريسته يحكم من حولها الحصار بلا امل لها فى الفكاك! لشد ما نتألم حين يكون الامر كذاك!
جمال ..
اتخيل ذلك الجسد المتعب مسجى امامى , و الروح قد غادرت, هذا الساكن امامى بلا حراك لا اعرفه ! بقايا الامل الكاذب ما زالت تعبث بى! اركز النظر حول الجفنين المنسدلين , سترتفع الان و يعود الذى اعرفه , امعن النظر الى القدمين ! انه سوف يقف الان فيعود الذى اعرفه!, ارهف السمع الى القلب الساكن , سوف ينطق الان ..هل يعود الذى اعرفه؟!! ... الا انك لا تقف ! الا انك.. لا تفتح عينيك .. الا ان قلبك يستمر فى السكون... فأتيقن انك قد رحلت عن دنيايا و لكنك ما زلت الذى اعرفه بين حنايا القلب المكلوم!
جمال ..
اتخيل كل هذا الان, أنني حملتك و اسلمت جسدك الطاهر الثرى , امانة لدى الارض الى يوم الدين! حين وقفت اتلقى التعازى من عيون تحمل معنى الصبر! و انا ..ما زلت لا اصدق!
جمال ..
مر الان العام تلو العام او هكذا استشعرت فى مرآة زمنى الخاص, حتى و ان كذب الناس و اخبرونى انه ما مر غير شهور ! نعم ما زلت حزينا انا لفراقك يا جمال! و كم انا مشتاق اليك الان ...و كل حين .
مكلوم بفقدك
[/align]