[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدأ ضبابٌ كثيفٌ وردي اللون يخرج من فم المصباح وملأ الحجرة عطرٌ رائعٌ أخاذ
وماأن انقشع الضباب حتى رأى في حجرته فتاةً رائعة الجمال تنظر للأرض ولا تنبس ببنت شفة !!!
انتفض ورجع بكرسيه للخلف بسرعة و نهض على قدميه متجهاً نحو باب حجرته موجهاً الحديث للفتاة
بصوت تملأه الدهشة ومزيجٌ من الخوف الاستغراب :
من أنتِ ؟!!!
رفعت رأسها نحوه ونظرت إليه وقالت بصوتٍ عذبٍ :
أنا التي أسألك من أنت ؟!!!
أخرجتني من بين الصخور رغم كل المصاعب والمخاطر ومسحت على المصباح حتى ظهرتُ لك
وفي النهاية تسألني من أنتِ ؟؟!!!!!!!!!!!!!!
أجابها بصوت واضحٌ فيه عدم التصديق
نعم من أنتِ ؟!!!
أنا بشرٌ أعيش على الأرض ومثلي مليارات ولكن عندما يخرجٌ شخصٌ ما من مصباح كان بين صخورٍ في عمقِ البحر لابد أن نسأله من أنت ؟!!
فمن أنتِ ؟
أجابته : أنا مخلوقة من خلق الله ..
فقاطعها قائلاً : تعيشُ في مصباح ؟!!!
أجابته: أمستغربٌ أنت من ذلك ؟!!!!!!!
قال : نعم !!
قالت : وأنا لاأجد موطن غرابة في كوني أعيش في مصباح
قال لها: كنتُ أظنُ أن قصص مصباح علاء الدين محض خرافات ولم أتوقع أنها قد تكون حقيقة في يومِ من الأيام !!
قالت: الآن علمت أنها حقيقة فمن أنت ؟
أجابها بصوت بدأ يُشحن بالغضب:
بل من أنتِ ؟!!
قالت : ولماذا أخرجتني من بين الصخور ولماذا مسحت على المصباح فأخرجتني منه إن كنت ستتوقف عند من أكون أنا ؟!!
قال : ما كنت أتوقع أنكِ موجودة في المصباح !!
اعتقدته مجرد مصباح رائع الشكل أخاذ أحببت أن اقتنيه فأخذته ..
قالت له : هل لو كنت تعلم أني في المصباح ماكنت أخرجتني من بين الصخور ؟!!
سكت فترة ولم يعلم ماذا يقول !!!
ثم عاود السؤال : بصوت جادٍ للغاية ونبرة توحي بنفاذ الصبر :
من أنتِ ؟
قالت : أجبتك أنا مخلوقة من خلق الله ..
فقال لها : وماذا تصنعين داخل المصباح ؟!!
نظرت نحوه باستغراب وقالت :
هل تعتقد أنه يحق لك أن تسألني مثل هذا السؤال ؟!!
قال : أقصد كيف أصبحتِ أسيرة المصباح ؟
تبسمت ابتسامة عريضة وقالت له :
كم أنت ذكي !!
فأنت تريد تذكيري بأنك أنقذت حياتي من عمق البحر ومن بين الصخور ومن داخل المصباح ..!!!
تبسم هو الآخر وشعر بنوع من الأمان والاطمئنان وقال لها :
أليست هذه هي الحقيقة ؟!! أنا لاأمن عليكِ ولكن فعلاً هذا ماحدث
كنتِ أسيرة بين الصخور في أعماق البحر وفي مصباح وردي صغير وأنا من أخرجكِ من كل هذا
ولولاي لكنتِ حتى اللحظة قابعةً بين الصخور في عُمقِ البحر في مصباح صغير الحجم لايستع
حتى لفراشة !!!!!!!!!
ومن قال لك أني كنت أسيرة المصباح ؟!! أنا فيه بكامل رغبتي ..
ضحك ضحكة عذبة وقال : وهذا ماكنت أريد معرفته وقد عرفته ...
تبسمت ثم قالت له : استدرجتني حتى أجيبك على سؤالك ؟؟!!!!!!!
قال : ليس بالضبط .. أتأذنين لي بالجلوس ؟
قالت : هذه حجرتك وهذا منزلك أجلس ولا تستأذن ..
قال لها شكراً وعاد إلى كرسيه وجلس
وعندما جلس على الكرسي قرص كف يده اليسرى بيده اليمنى ونظر نحوها وقال :
إذن أنا لاأحلم وأنتِ حقيقة ؟!!
قالت : نعم أنا حقيقة ..
ثم نهض من على كرسيه معتذراً لها وسحب مقعداً في غرفته وقال لها سامحيني أرجوكِ تفضلي بالجلوس ..
تبسمت وجلست على المقعد ..
وخيم الصمت على الحجرة ..
ثم قطع الصمت صوته قائلاً بصوتٍ كله خجل :
أنا لاأريد أن أكون فظاً ولاأقصد بحديثي أي شيء أنتِ على الرحب والسعة ولكن ماذا أستطيع أن أقدم لكِ ؟ كيف أخدمكِ ؟
نظرت نحوه وقالت : هذه تعني أغربي من هنا بأسلوب مهذب ؟!!!
شخصت عيناه وقال بصوت جاد جداً :
لالالالا والله ماقصدت ذلك بل على العكس تماماً أنا سعيدٌ بوجودكِ على الأقل أشعر بنوعٍ من الأمان لأنني لاأتعامل مع بشر ...
أم أنكم كالبشر ؟
قالت : أتعلم من أين أنا ؟
قال : طالما أن قصتك تشبه قصة علاء الدين وأنتِ بداخل مصباح فأنت لابد جنية ..
قالت : نعم أنا جنية ..
ولكن الجن مثل البشر تماماً
سألها باستغراب : تماماً تماماً ؟!!!!!!!!
قالت :لافرق إلا في بعض القدرات والخصائص وإلا فنفس النفسيات ونفس القلوب !!!
رمى بنفسه على كرسيه ونظر نحو السقف وتنهد وقال :
أعانكِ الله أذن ..
لاألومكِ أن اخترتِ البقاء داخل مصباح ...
تبسمت وقالت : استدرجتني مرة ولن تفعلها معي ثانية ....
تبسم وقال : ماقصدت ذلك والله ...
قالت : طالما أنك أخرجتني من المصباح فلك عندي ثلاث أمنيات أساعدك على تحقيقها
ثم لي عندك طلبٌ لابد أن تفعله لي
قال : أنا لاأريد منكِ شيئاً فقط قولي طلبكِ
قالت : لا لابد أن أحقق لك ثلاث أماني ثم أطلب منك طلبي
قال : وماذا تستطيعين أن تقدمي لي ؟
عمري بيد الله وكذلك رزقي
قالت : هل كل الأمنيات طول حياة أو مال ؟!!!!!!!!
أتعلم : كم حي وهو محسوبٌ من الأموات وكم غني وهو محسوب من الفقراء !!!
الأماني أكثر من ذلك وأشمل بكثير
أطرق إلى الأرض وغرق في تفكيرٍ عميق
وبعد فترة طويلة نظر إليها وقال :
قال : أتصدقين ؟ ليس عندي أماني !!!!!!!!!!!
لأول مرة أكتشف أنني لاأملك أمنية أريد تحقيقها !!!!!!!!!
يالله !!!!!!!!!!!!!
ألهذا الحد تجمدت حياتي ؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!
أتمهلينني بعض الوقت ؟
قالت : معك كل الوقت
نهض من على كرسيه والتفت نحوها وقال : لم أُضَيفكِ سيدتي..
قالت : شكراً لك, لاأرغب في شيء
قال ممازحاً لها : ولا شعلةً من نار ؟
تبسمت وقالت : ولاشعلةً من نار ...
مشى خطوات نحو النافذة في حجرته ورفع الستار عنها ونظر من خلالها للبعيد
وظل يفكر في أمنية يقولها لسيدة المصباح ...
بعد فترة التفت نحوها متسائلاً :
هل لكِ قدرة على قلوب البشر ؟
فأجابته سريعاً: بالتأكيد لا ...
ولا حتى على قلوب الجان
أشياء كثيرة أستطيع أن أفعلها ولكن التأثير على القلوب لاأستطيعه
قال : نعم
هذا أمرٌ صعبٌ جد صعب .. يقولون :
أنت تستطيع أن تذهب بالحصان للنهرِ ولكنك لاتستطيع إجباره على الشرب ..
تبسمت : وقالت : نعم هذا صحيح ..
تنهد وقال: أنتِ بذلك قد جعلتِ الأماني تمر من ثقب إبرة !!!!!!
وسألها : ألا تكفي أمنية واحدة ؟
قالت : لا, بل ثلاث ...
عاد للنظر من خلال النافذة ثانية ومكث طويلاً يُفكر !!
ثم التفت نحوها وقال : أمعقولٌ ألا أماني لدي ؟!!!!!!!!!
ماذا حل بي ؟!!!!!!!!!!
كيف وصلت إلى هذا الحال ؟!!!!!!!!!!
هل إمعاني في الهروب من الماضي أنساني مستقبلي وأنهك حاضري؟ !!!!!!!
مالذي جعل حياتي بسيطة جداً جداً جداً ؟!!!
حتى أني أستطيع تلخيصها لكِ في نصف ورقة !!!!!!
أين ذهبت أحلامي ؟!!!!!!!!!!!!
أين ذهبت تلك الأماني العِذاب ماعدت حتى أذكرها؟ !!!!!!!
يالله كم سُحقت !!!!!!!!!
يالله هل أصبحت مجرد كائن حي يأكل ويشرب ويتنفس وينام ..؟!!!!!!!
قاطعته وقالت :
ويتمدد ساعات وساعاتٍ على سطح الماء ...
تبسم واتجه نحوها وقال لها :
مكثتِ طويلاً بين الصخور !!
رفعت رأسها نحوه وقالت :
فكر في أمانيك الثلاث ودعك مني ...
أعتذر لها .. ثم عاد للتفكير
أهكذا فعلت بي الحياة ؟
قالت : ماذنب الحياة ؟ أنت من صنع بنفسه ذلك ؟!!
قال لها وبدأ صوته يميل للبكاء : كيف فعلت بنفسي ذلك ؟!!!!!
أنتِ لم تعاشري البشر .. لم تخالطيهم ... لم يمزقوا قلبكِ أرباً أرباً ...
لم تعطي كل شيء لاتحصلي على لاشيء
لم تُرسلي قلبكِ محملاً بورود الدنيا حباً وصدقاً ووفاء ويعود إليكِ ومافيه موطن إلا ومغروساً فيه خنجر !!!!!!!
قالت : أخطأت الاختيار والتقدير ..
فتحت قلبك على مصراعيه للجميع ودون استثناء وقد حدث لك ماحدث ...
قال : هل هو ذنبي أنني أحب الخير لكل الناس ؟؟؟!!!!!!
هل الطيبة أصبحت جريمة ؟؟!!!!!!!
هل الحب يعني ضوءاً أخضراً لقتلي ؟؟!!!!!!!!!!
قالت : ليست المشكلة في الحب ... الحب أطهر وأعظم وأروع وأصدق وأجل مما نظن بكثير
المشكلة فيمن نحب ...
قال لها : وهل نملك الاختيار ؟!!!!
سكتت ولم تجبه ..
عاود السؤال: أنملك أن نختار من نُحب ؟؟!!!!!!!!!
ليتنا نملك الاختيار .. ماكان حدث لي ماحدث ...
ولا حتى تمددت على سطح الماء لساعات وساعات كما قلتِ أنتِ !!!!!!!!
قالت : يجب أن نتعلم كيف نسيطر على عواطفنا في زمن أصبحت العواطف فيه بوابةً للجراح !!!
قال لها : وأنتِ هل تعلمتِ ؟!!
لم تجبه
توجه نحو المصباح وحمله بين ذراعيه ونظر نحوها وقال .. أليس هذا هو سطح الماء الذي تتمددين عليه ..؟.!!!!!
أنتِ مثلي ..
قاطعته بصوت جاد وقد وقفت على قدميها :
أمانيك أرجوك ...
أيعقلُ ألا أماني لديك ؟؟!!!!!!!!!!!!
صمت برهة ثم التفت نحوها
وضع عينيه في عينيها وقال :
أتأذنين لي بسؤال ؟
قالت : تفضل
قال : ماذا لو تبادلنا الأدوار
ماذا ستكون أمانيك الثلاث ؟
قالت : دعني وشأني أرجوك ...
أمانيك أنت هي ماأريد سماعها ..
قال هل يصلح أن ألبي طلبكِ قبل الأماني الثلاث ؟
قالت : لا طبعاً هي في الأول ..
قال : والله لاأجد في بالي شيئاً محدداً ..
اقترحي علي أماني .. أي أماني ...
تبسمت وقالت : لابد أن تختار أمانيك بنفسك ..
خيم الصمت ثانية
عاد وجلس على الكرسي أمام مكتبه ووضع جبهته على راحته وطفق يمسحها بقوة ويفكر ...
ثم بدأ يفكر بصوتٍ عالٍ ويقول :
ماذا أطلب ؟ ماذا أطلب ؟ ماذا أطلب ؟
ثم فجأة ضرب المكتب بيده بقوة وقال :
نعم نعم نعم نعم وجدتها وجدتها ..
أسمعي , أمنيتي الأولى هي :
وللقصة - إن كان في العمر بإذن الله بقية - بقية [/align]