في ليلة من الليالي العابرة،اجتمعت الوجوه المشتاقة،بعد فترة من الزمان طويلة، تزخرفت المجالس،وهيئت المجالس،وزينت الموائد بالمأكولات والمشروبات الشيء الكثير الكثير .. فطبق الكعك يقاربه طبق كعك آخر،وعصير تفاح بجانبه هو الآخر عصير تفاح أيضاً،والقهوة العربية واقفة شامخة نظيرتها الأنيقة الناعمة القهوة التركية بجوارها جالسة،أي تناسق هذا،كلتاهما تنظر للأخرى بنظرة متكبرة غائرة حتى انطلقت العبارات الساخرة واصلوا القراءة يا الدرر الغالية لتستمعوا للذي حدث
القهوة التركية بصوت ناعم يخالجه التكبر والغطرسة : من أنت؟نعم من أنت حتى تقفين بجانبي؟وتزاحميني في مجلسي،وتنافسيني في شعبيتي ؟
القهوة العربية بثقة في النفس واضحة : عجباً لك إما سمعت بالقهوة العربية؟قهوة الأجداد والأقوام سأظل قهوة للأجيال،وان شعبيتك المزعومة أنا قبلها مولودة وكنت مع التاريخ موجودة...
ترد الأنيقة ساخرة: حقاً إذا انك دقة قديمة وفي السن كبيرة،أنا يا عزيزتي وليدة هذا العصر ورمز التقدم في هذا الزمن،ُأقدم للناس الراقية وللطبقة المرتفعة،يرتشفني شاربي في جو رومانسي هادئ فيحلم بشئ هانئ..
ترد الشامخة قائلة : أنا رمز الأصالة والكرم،وعنوان الضيافة،ُأقدم مع التمر الذي كالدرر المنثور حولي , وأنت مع أي شيء تقدمين ؟ لم أرى سوى كأس الماء حولك لكونك ثقيلة على حلق من يشربك..
تنطلق أسهم التركية بسرعة : أنا عبير الدار فرائحتي الزكية تجذب الجوار،وأكوابي الفضية تسحر الأنظار...
تعقب العربية ساخرة : يا ساحرة الأنظار،دعيني أكمل حديثي ولا تقاطعي الكلام،أنا حين يرتشفني أصحابي أعيد لهم الذكريات الماضيات، فتنطلق الألسن بأجمل الحكايات ، وأعذب الألحان ، يستمتع بي الصغير والكبير،الصحيح والسقيم،أما أنت فصاحب الأرق لا يستمتع بحلاوتك،ومريض القلب لا يقرب بجانبك.
المتكبرة تنقذ نفسها : حسناً يا عربية لنخرج إلى الشوارع والطرقات لتري أي حد بلغت شهرتي التي حكمت عليها بأنها مزعومة ، فلا يخلو شارع إلا وأرى من المقاهي الجذابة الأخاذة معلنة شعار التركية وللتركية فقط ، أين شعبيتك المترامية،أهي في الطرقات مفقودة؟أم مسحتها الرمال فلم يبقى لها اهتمام؟
العربية بحماس: لن اخرج معك إلى الشوارع، بل أنا من سيصحبك إلى الفنادق الراقية،ذوات النجوم الخمسة لتري كيف تستقبل نزلاءها بقهوة عربية أصيلة،واسمعي يا أنيقة:
أنا المحبوبة السمراء واجلي في الفناجين
وعود الهند لي عطراً وذكري شاع في الصين
نعم وذكري شاع في الصين..الصين يا تركية
ترد النظيرة:يا عربية..
فتقاطعها العربية بصوت حنون:حبيبتي قبل أن يرفع احد رايته البيضاء،معلناً استسلاما يهز المشاعر والوجدان..تعالي..تعالي نرجع إلى اصلي وأصلك،السنا حبيبات بن؟!إذن أنت أختي وأنا أختك،فتعالي يا تركية نامي في أحضان أختك العربية،ولننسى ما حدث،ولنرميه الوراء حتى يمحوه الزمن...
الناعمة وقد انهالت الدموع من كاهلها: نعم يا عربية أنت أختي وأنا أختك،ما أجملها من عبارة وما أروعها من مقالة هي خير من المساخرة والمشادة
