لما كانت العين رائدا , والقلب باعثا وطالبا , وهذه هى لذه الرؤيا ,
وهذا له لذه الظفر , كانا فى الهوى شريكين عنان ... ولما وقعت فى
العناء , واشتركا فى البلاء , أقبل كلا منهما يلوم صاحبه ويعاتبه ....
فقال القلب للعين : انت التى سقتنى الى موارد الهلكات , وأوقعتينى
فى الحسرات بمتابعتك اللحظات , ونزهت طرفك فى تلك الرياض ,
وطلبت الشفاء من الحدق المراض وخالفت قول أحكم الحاكمين ...
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذالك
أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون "
وقول الرسول عليه الصلاه والسلام " النظر الى المرأه سهم مسموم
من سهام إبليس , فمن تركه من خوف الله عز وجل أثابه الله إيمانا
يجد حلاوته فى قلبه "
وقال أحد العقلاء من سرح ناظره , أتعب خاطره , ومن كثرت لحظاته
دامت حسراته , وضاعت عليه أوقاته , وفاضت عبراته , ,,
وقال أحد الشعراء :
نظر العيون الى العيون هو الذى ** جعل الهلاك الى الفؤاد سبيلا
مازالت اللحظات تغزو قلبه ** حتى تشـــــحط بينهن قتيلا
وقالت العين ::
ظلمتنى أولا وأخرا , وبؤت بإثمى باطنا وظاهرا , وما أنا الا
رسولك الداعى اليك فأنت الملك المطاع , ونحن الجنود والأتباع ,
فلو أمرتنى أن أغلق علي بابى , وأرخى حجابى لسمعت وأطعت ,
ولما رعيت فى الحمى ورتعت , وأرسلتنى لصيد قد نصبت لك
حبائله واشراكه ... واستدارت حولك فخاخه وشباكه , فغدوت
أسيرا بعد أن كنت أميرا , وأصبحت مملوكا بعد أن كنت مليكا ,
وهذا قول أعدل الحكام عليه الصلاه والسلام "" ان فى الجسد
مضغه اذا صلحت صلح لها سائر الجسد , واذا فسدت فسد لها
سائر الجسد ألا وهى القلب ""
"" من كتاب روضه المحبين ونزهه المشتاقين