اهتمام متزايد بالمخطوطات في الجزائرأصبحت المخطوطات تحظى في السنوات الأخيرة باهتمام متزايد من قبل الباحثين والجامعيين بولاية وهران والذين قاموا بفهرسة وتحقيق العديد منها، وكان لمخابر البحث الجامعية التي كلفت بالاشراف على أعمال التنقيب وتحقيق المخطوطات ومنها "مخبر مخطوطات الحضارة الاسلامية في شمال افريقيا" التابع لكلية العلوم الانسانية والحضارة الاسلامية بوهران دور كبير في تشجيع الباحثين على الاقبال على العناية بال! تراث المخطوط وتثمينه وانقاذه من الضياع، وشهدت السنوات الأخيرة تنظيم أربعة ملتقيات لاستعراض ودراسة ومناقشة المخطوطات التي تم تحقيقها كان آخرها ملتقى حول مخطوطات الفقه والتصوف بوهران في شهر ديسمبر الماضي، وبادر بتنظيم هذا الملتقى مخبر مخطوطات الحضارة الاسلامية في شمال افريقيا بالتعاون مع مخبري مخطوطات جامعة الجزائر ومخبر تحقيق ودراسة التراث الأدبي واللغوي بنفس الجامعة ومخبر البحوث والدراسات في حضارة المغرب الاسلامي التابع لجامعة "منتوري" بقسنطينة.

وقد سمح هذا اللقاء باستعراض عشرات المخطوطات النفيسة المحققة والتى شملت الفقه وتراجم وسير ومناقب اعلام التصوف من أ حقاب زمنية مختلفة حيث أبرزت المكانة العلمية التي كان يتبوؤها العلماء والمفكرون الجزائريون على مر العصور واسهاماتهم في بناء الحضارة الانسانية، والى جانب ذلك قام الباحثون على مستوى شبكة مخابر البحث وفي ظرف سنتين ورغم الوضعية المتردية التي يعرفها التراث المخطوط بانجاز فهرسة للمخطوطات بخزائن ولاية أدرار تشمل أكثر من 2300 وثيقة ستكون قريبا محل طبع في اطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، ويسعى الباحثون من خلال تكثيف أعمال التنقيب وتحقيق المخطوطات الى احياء هذا التراث واخراجه الى النور للحفاظ على ذاكرة الأمة وتمكينه من اداء دوره في نقل العلوم والحضارة وربط الأمة بأصالتها، وضمن هذا التوجه تقوم مراكز البحث في المخطوطات أيضا بتشجيع طلبة الدراسات العليا وتوجيههم نحو تحقيق المخطوطات ودراستها واطلاعهم على المناهج العلمية المتبعة قديما وحديثا في تحقيق التراث ونشره.

كما تتعاون الهيئات المعنية بالتراث مع نظيراتها بالدول المغاربية لاثراء وترقية أعمال التنقيب لتحقيق المخطوطات من خلال الملتقيات العملية التي حددت بعض ميادين التعاون منها تشكيل فرق بحث مشتركة وانشاء مكتبة رقمية والتكوين في مجال المخطوط، ! وتجدر الاشارة الى أن الجزائر تزخر بثروة هائلة من المخطوطات يعود البعض منها الى القرون الأولى من الهجرة النبوية، وحسب الدراسات المعدة في هذا المجال فان هذه المخطوطات تحتوي على كنوز من المعرفة الانسانية وتتناول شتى أنواع العلوم والفنون من فقه وتصوف ومنطق ولغة وأدب وفلسفة وطب وفلك وغيرها، وتنتشر المراكز العلمية والخزائن التي تحفظ بها المخطوطات بمختلف أنحاء الوطن ومنها المراكز العمومية من جامعات ومؤسسات تعليمية ومكتبات ومساجد والمراكز الخاصة من مكتبات وزوايا والتي توجد خاصة بمنطقة الجنوب الجزائري، وتعد ولاية أدرار من أغنى المناطق في الجزائر في ميدان التراث المخطوط الذي يتواجد بمكتبات "توات" و"قورارة" و"تدكلت" و"تنجريرن"، وتضم هذه المكتبات المنتشرة بمختلف القصور المئات من المخطوطات في الفقه والتوحيد والعقيدة واللغة والحديث والسيرة وكذا التاريخ والطب والفلك وتراجم وسير لعلماء جزائريين، وبالاضافة الى هذه المخطوطات الموجودة بالجزائر يوجد العديد من المخطوطات الجزائرية بالمكتبات والمتاحف الأجنبية لا سيما في فرنسا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا نقلت في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.

المصدر: محمد بغداد - الجزائر ( إيلاف الالكترونية )