جزاك الله كل خير أخي الكريم؛
لا شك بما قلته من خطورة هذه الظاهرة في المجتمعات الإسلامية والعربية؛ ودور النساء أو أولياء الأمور في تفاقم هذه الظاهرة..
لكن هناك بعض الأفكار والعادات البالية التي تجحف المرأة حقها وتوصمها بالعانس دون أن يكون حول لها ولا قوة؛ ففي بعض المجتمعات نجد الرجل يفضل الفتاة الصغيرة وأعني بالصغيرة هي التي يكون سنها ما بين 15 إلى 20 وبعد العشرين تعتبر المرأة التي لم يحالفها الحظ بالعثور على الزوج بنظر المجتمع تعتبر عانس لا تصلح للزواج بل لا تصلح لأن تكون زوجة وأم..
كذلك معارضة البعض لتعليم المرأة وأهميته لها كزوجة وأم وما يمكن أن تقدمه هذه المرأة لأسرتها وللمجتمع..
فنجد المرأة في حيرة من أمرها بين أن تتعلم وتحقق ذاتها في مجتمعها وبين أسرتها وبين أن تتزوج وإن كانت لا تفقه شيء لا بأمور دينها ولا دنياها وإن جلست معها وحاورتها تجد حجم الظلم في حقها وحق أولادها وستجد أن اهتمامها منصب على توافه الأمور إلا من رحم ربي؛ هنا لا أدافع عن تعليم المرأة ولكن لا ينكر أحد منّا أهميته ودوره في إنشاء مجتمع صالح وبناء أجيال واعية ساندة للمجتمع؛ ومساواتها بالرجل من حيث الحق بالتعليم؛ فلماذا نبيح ونبرر تأخر الرجل عن الزواج بحجة التعليم وتحقيق الذات ونستهجن هذا الحق بحق المرأة؟؟
فالمرأة ليست فقط وسيلة متعة للرجل وخادمة بل شريك ومعاون للرجل يجب الاهتمام بها وبرغباتها واحتياجاتها.
لا أريد أن ابتعد كثيراً عن موضوع العنوسة ولكنها بنظري حلقة متواصلة كل جزء فيها يتمم الآخر، فهناك كم هائل من الفتيات اللواتي رغبن بالتعلم ودفعن الثمن باهظاً ألا وهو عدم وجود من يرغب بالزواج بها بدعوى أنها تعدت سن العشرين !! أو أنها متعبة لا تنصاع لأوامر زوجها بسهولة بل تناقش وتحاور؟!
كذلك اللوم لا يقع فقط على المرأة وأهلها؛ فالرجل له الضلع الأكبر في تفاقم هذه الظاهرة؛ فتارة نجده يطلبها متعلمة مثقفة واعية مكملة له؛ وتارة أخرى نجده يريدها صغيرة ليحسن عجنها وتشكيلها حسبما يرغب ويشتهي! فأصبحت المرأة رهن رغبات وأهواء بعض الرجال...
يحيط بي الكثير من الحالات منهم من تزوجن بسن مبكر ولم تتعدى أعمارهن العشرين فأصبح يقدن طابوراً من الأطفال ولكن للأسف لا نجد معنى لوجودهم فالأم منشغلة بالتسابق مع غيرها بالإنجاب والأب يتفاخر بالأعداد الهائلة التي تحيط به والنتيجة جيل لم ينل حظه من العناية والرعاية والتعليم، فيزيدون على أعباء المجتمع التي تتراكم يوماً بعد يوم..
وحالات أخرى؛ فتيات فاتهن قطار الزواج حسب تعبيرهن؛ وعند محادثتهن يخيل إليك أن العالم انتهى ووصلن إلى المحطة الأخيرة من أعمارهن؛ فقد وصلن إلى حد من اليأس والإحباط لأنهن لم يتزوجن!
استغرب من الطرفين: المتزوج والمنتظر للزواج؛
طبيعة المرأة بفطرتها أنها أم فنجدها وهي طفلة تلاعب دميتها وتلبسها وتهدهد لها وكأن الأمومة مزروعة بها منذ خلقت؛ فليس بغريب أن نجد فتاة صغيرة قد تصل إلى سن الثالثة عشرة متلهفة على الزواج وتبهرها أحلام الزواج والأمومة فتجعلها تعزف عن أي شيء سوى الزواج؛ وفي الجهة المقابلة فتيات وصلن إلى حد من التعلم والثقافة ولكن نجد لديهن استعداد لضرب كل ما حصلن عليه في سبيل الحصول على زوج؛ لا أعلم السبب قد يكون الخوف من الوحدة التي ستؤول إليها؟ وقد يكون الخوف من المستقبل والإنفاق؟ وقد تكون الرغبة لدى المرأة ؟؟
لكنني أجزم أن المرأة قد تصل إلى مرحلة معينة تتنازل بها عن أية حقوق أو متطلبات وطبعاً ليست خيالية وذلك في سبيل أن تركن إلى أحضان زوج يحميها وإن تجاوز عمر ذاك الزوج التسعين..
القاعدة تقول؛ لا بد من التوازن والتكافؤ في الزواج؛ وأعني بالتكافؤ من جميع النواحي : الفكر، التعليم، الطموح، التفاهم، المستوى الاجتماعي....ألخ. وما خلا ذلك هو اهتزاز لهذا التوازن نتيجة علاقة زواج قد لا نستطيع أن نقول عنها فاشلة؛ إنما لا تحقق الهدف من إنشائها.
سأعود مرة أخرى للعنوسة ومعذرة لأنني ابتعدت كثيراً
أؤيدك أخي بكل ما ذكرت من اسباب تؤدي إلى العنوسة؛ وعلينا كمجتمعات التصدي لهذا الخطر الذي يهدد التوازن في المجتمع؛ وخلاف ما ذكرت أعلاه وما كان سببه الأهل أو الفتاة نفسها؛ يجب التيسير بأمور الزواج وعدم المغالاة بالمهور وإتاحة التعدد المشروط بأحكام الشريعة الإسلامية وليست الأهواء والرغبات البشرية..
ويتبادر لذهني سؤال؛ ما هي المرحلة التي نستطيع أن نقول أن المرأة وصلت لحد العنوسة؟!
زيادة عدد سنين حياتها؟ فقدانها لرونقها؟ أم رغبات ومتطلبات الرجال المتجددة والمتطورة بتطور العصر؟؟
وختاماً؛ لنيقن أنه إن تأخر شيء من نصيب أو رزق فإنه لحكمة من رب العالمين ولعل بقاء بعض النساء بلا زواج هو الخير لها؛ ولا نعلم نحن كبشر أين يكمن الخير لنا وذلك لقصورنا ...
ولنتأكد أن الله إن كتب للعبد شيء فلا بد أنه ملاقيه فلمَ التذمر والاعتراض على أمر الله..
يجب أن ننظر لكل شيء حتى العنوسة بمنظار آخر يجعلنا نقبلها بالمجتمع وألاّ نرتبك ونربك ما هو أهم لهذه الأمة وألا نجرح بعض النساء بهذا اللقب الذي لم يكن لها أي تدخل به أو نية لأن تطلقه على نفسها..
معذرة إن أطلت ولكن الموضوع يحتاج وقفة وإسهاب فاعذر لي تطفلي وللآخرين إزعاجهم
دعواتي؛؛