- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: متى تكون النصيحة سراً ، ومتى تكون علانية ؟ أو متى يكون التكلم في الأشخاص غيبة ، ومتى

  1. #1
    الصورة الرمزية ابوالخير
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    رقم العضوية : 2425

    متى تكون النصيحة سراً ، ومتى تكون علانية ؟ أو متى يكون التكلم في الأشخاص غيبة ، ومتى




    إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

    (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)).

    ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )).

    (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أَمَّا بَعْدُ :

    فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . ثم أما بعد:


    فقد خلط بعض الشباب بسبب جهله ــ أو تلبيسه ــ بين رد الأخطاء والبدع والتحذير من الأشخاص المخالفين للمنهج السلفي ؛ الذي هو واجب شرعي ، ومن أفضل الجهاد في سبيل الله ؛ بل قال يحي : " أن الذب عن السنة أفضل من الجهاد ف سبيل الله ... " ،
    وبين الغيبة المحرمة .
    وبعضهم إذا تكلمت في شخص أخطأ وبينت خطأه ، قالوا لماذا لم تنصحه قبل أن تتكلم فيه .
    فلذلك رأيت أن أفرد هذا الأصل ــ الذي ذكرته في كتابي : تحذير الخلان من خطأ الشيخ صالح السدلان ــ

    (مميزقال الإمام النووي رحمه الله) : " اعلم أن الغيبة تـُباح لغرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أبواب :
    الأول : التظلم :
    فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه ، فيقول : ظلمني فلانٌ بكذا.
    الثاني : الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب ، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر : فلان يعمل كذا ؛ فازجره عنه ، ونحو ذلك ، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر ، فإن لم يقصد ذلك ؛ كان حراماً .
    الثالث : الاستفتاء :
    فيقول للمفتي : ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا ؛ فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه ، وتحصيل حقي ، ودفع الظلم ؟ ونحو ذلك ؛ فهذا جائز للحاجة ، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول : ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا ؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيي ، ومع ذلك ؛ فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى .
    الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم :
    وذلك لوجوه : منها : جرح المجروحين من الرواة والشهود ، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة .
    ومنها : المشاورة في مصاهرة إنسان ، أو مشاركته ، أو إيداعه ، أو معاملته ، أو غير ذلك ، أو مجاورته ، ويجب على المشاوَر أنه لا يخفي حاله ، بل يذكر المساوئ التي فيه بنيَّة النصيحة .
    ومنها إذا رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم ، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك ؛ فعليه نصيحته ؛ ببيان حاله ؛ بشرط أن يقصد النصيحة ، وهذا مما يُغْـلَـط فيه ، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ، ويلبّس الشيطان عليه ذلك ، ويخيل إليه أنه نصيحة ؛ فليتفطن لذلك .
    ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها ، إما بأن لا يكون صالحاً لها ، وإما بأن يكون فاسقاً أو مغفلاً ونحو ذلك ؛ فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ؛ ليزيله ويولي من يصلح أو يعلم ذلك منه ؛ ليعامله بمقتضى حاله ، ولا يغتر به ، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به .
    الخامس : أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته :
    كالمجاهر بشرب الخمر ، ومصادرة الناس ، وأخذ المكْس ، وجباية الأموال ظلماً ، وتولي الأمور الباطلة ، فيجوز ذكره بما يجاهر به ، ويحرم ذكره بغيره من العيوب ؛ إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرنا .
    السادس : التعريف :
    فإذا كان الإنسان معروفاً بلقب - كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم - ؛ جاز تعريفهم بذلك ، ويحرم إطلاقه على وجه التنقيص ، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك ؛ كان أولى .
    فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء ، وأكثرها مجمع عليه ، دلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة
    ؛ فمن ذلك : عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن رجلاً استأذن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال : « ائذنوا له بئس أخو العشيرة »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الرِّيبِ.
    وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: « ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً » رَوَاهُ البُخَارِيّ ، قال، قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين.
    وعن فاطمة بنت قيس رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقلت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : « أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    وفي رواية لمسلم : « وأما أبو الجهم فضراب للنساء » وهو تفسير لرواية : « لا يضع العصا عن عاتقه » وقيل معناه: كثير الأسفار.
    وعن زيد بن أرقم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: خرجنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في سفر أصاب الناس فيه شدة فقال عبد اللَّه بن أُبيّ: لا تنفقوا على من عند رَسُول اللَّهِ حتى ينفضوا ، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد اللَّه بن أبي فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل اللَّه تعالى تصديقي] إذا جاءك المنافقون [ ثم دعاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت، قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ، قال : « خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. "
    رياض الصالحين : باب ما يباح من الغيبة ، ص / 525 – 528 _ ومنه النقل _ وأنظر صحيح الأذكار وضعيفه له 2 / 834 – 836 ، وشرح مسلم 16 / 358 ، دار المعرفة .

    (مميزوقال عاصم الأحول) : جلست إلى قتـادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه ، فقلت : لا أرى العلماء يقع بعضهم في بعـض ، فقال : يا أحول أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع فينبغي أن يُذكر حتى يُحذر ... ". الميزان للذهبي 3/273 ، بواسطة إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء ص / 37 مكتبة سحاب

    (مميزوقال الإمام الحسن البصري) : " ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة " . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي رقم [ 279 ].
    وقال أيضاً : " ليس لأهل البدع غيبة " . المصدر السابق رقم [ 280 ] .

    (مميزوقال الإمام أحمد بن حنبل ، إمام أهل السنة -رحمه الله-): " لا غيبة لأصحاب البدع " طبقات الحنابلة 2/274 بواسطة إجماع العلماء ص / 140.

    (مميزوقال الإمام ابن أبي زمنين رحمه الله) : " ولم يـزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عـن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبـة لـهم، ولا طعناً عليهم. " أصول السنة ص / 293 .

    (مميزوقال الإمام الترمذي رحمه الله) : " وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال ، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال ، منهم : الحسن البصري وطاووس ؛ تكلما في معبد الجهني ، وتكلم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب ، وتكلم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي في الحارث الأعور ، وهكذا روي عن أيوب السختياني ، وعبد الله بن عون ، وسليمان التـيمي ، وشعـبـة بن الحجــاج ، وسـفـيان الـثوري ، ومـالك ابن أنس ، والأوزاعي ، وعبد الله بن المبارك ، ويحيى بن سعيد القطان ، ووكيع بن الجراح ، وعبد الرحمن ابن مهدي ، وغيرهم من أهل العلم ؛ أنهم تكلموا في الرجال وضعفوا .
    وإنما حملهم على ذلك عندنا ـ والله أعلم ـ النصيحة للمسلمين .
    لا يظن بهؤلاء أنهم أرادوا الطعن على الناس، أو الغيبة ؛ إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء لكي يُعرَفوا ؛ لأن بعضهم من الذين ضُعِّفوا كان صاحب بدعة ، وبعضهم كان متهماً في الحديث ، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ ؛ فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقةً على الدين وتثبتا ً؛ لأن الشهادة في الدين أحق أن يُتَثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال .
    وأخبرني محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، حدثني أبي ، قال : سألت سفيان الثوري ، وشعبة ، ومالك بن أنس ، وسفـيان بن عيـينة ؛ عن الرجـل تكون فيه تهـمة ، أو ضعـف : أسكت أو أبَـيَّـن ؟. قالوا : بَـيَّـن ... " الجامع الكبير 6 / 230 – 231 تحقيق بشار .

    (مميزوقال الإمام ابن رجب رحمه الله) : " مقصود الترمذي رحمه الله أن يبين أنّ الكلام في الجرح والتعديل جائز قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها ، لِما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن مما لا يجوز قبوله .
    وقد ظنّ بعض من لا عِلم عنده أنّ ذلك من باب الغيبة ، وليس كذلك ، فإنّ ذِكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة ولو كانت خاصة ، كالقدح في شهادة الزور ، جائز بغير نزاع ، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى ... ولهذا كان شعبة يقول : " تعالوا حتى نغتاب في الله ساعة " يعني نذكر الجرح والتعديل .
    وذكرَ ابن المبارك رجلاً فقال : " يَكْذب " ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن تغتاب ! ، قال : " اسكتْ ، إذا لم نُبيّن كيف يُعرف الحق من الباطل " .
    وكذا رُوي عن ابن عُليّة أنه قال في الجرح : " إن هذا أمانة ليس بغيبة " .
    وقال أبو زرعة : سمعت أبا مُسْهر يُسأل عن الرجل يَغْلطُ وَيَهِمُ ويُصحِّفُ ؟ فقال : بيِّن أمره . فقلت لأبي مسهر : أترى ذلك غيبة ؟ قال : لا .
    وروي أحمد بن مروان المالكي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : جاء أبو تراب النّخْشَبيُّ إلي أبي ، فجعل أبي يقول : " فلان ضعيف وفلان ثقة " ، فقال أبو تراب : يا شيخ لا تغتب العلماء ، قال : فالتفت أبي إليه قال : " وَيْحَكَ ! هذا نصيحة ، ليس هذا غيبة " .
    وقال محمد بن بُندار السباك الـجُرْجَاني : قلت لأحمد بن حنبل : إنه ليشتدُّ عليّ أن أقول : فلان ضعيف ؛ فلان كذّاب ؟ قال أحمد : " إذا سَكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا فمتى يَعرف الجاهل ؛ الصحيح من السّقيم ".
    وقال إسماعيل الخُطبي : ثنا عبد الله بن أحمد قلت لأبي : ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعلّه أن يكون مرجئاً أو شيعيّاً أو فيه شيء من خلاف السنة ، أيسعني أن أسكت عنه أم أحذر عنه ؟ فقال أبي : " إنْ كان يدعو إلى بدعةٍ وهو إمام فيها ويدعو إليها ، قال : نَعم تُحذّر عنه " ...
    وذكر الخلاّل عن الحسن بن عليّ الإسكافي قال : سألت أبا عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن معنى الغيبة ؟ قال : " إذا لم تُرِد عيب الرجل " ، قلت : فالرجل يقول : فلان لم يسمع وفلان يخطئ ؟ قال : " لو ترك الناس هذا لم يُعرف الصحيح من غيره " ... وأما تكلّم سعيد بن جبير في طَلْق : فمن طريق حمّاد بن زيد عن أيوب قال : رآني سعيد بن جبير مع طلْق بن حبيب فقال : " ألم أرَك مع طلْق ! لا تجالسه " وكان طلْق رجلاً صالحاً لكنه كان يُرمى بالإرجاء ... " . شرح علل الترمذي 1 / 44 – 48 . ط / دار العطاء . وأنظر تحفة الأحوذي 10 / 327 وما بعدها .

    (مميزوقال الإمام أبو حاتم - رحمه الله -) : " احتج بهذا الخبر [ أي حديث : " أتدرون ما الغيبة ؟ "رواه مسلم ] جماعة ممن ليس الحديث صناعتهم ، وزعموا أن قول أئمتنا : فلان ليس بشيء، وفلان ضعيف، وما يشبه هذا من المقال غيبة إن كان فيهم ما قيل، وإلا فهو بهتان عظيم .
    ولو تملق قائل هذا إلى باريه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحق لكان أولى به من الخوض فيما ليس من صناعته، لأن هذا ليس بالغيبة المنهي عنها ، وذلك أن المسلمين قاطبة ليس بينهم خلاف أن الخبر لا يجب أن يُسمع عند الاحتجاج إلا من الصدوق العاقل، فكان في إجماعهم هذا دليل على إباحة جرح من لم يكن بصدوق في الرواية، على أن السنة تصرح عن المصطفى r بضد ما انتحل مخالفونا فيه ...
    قال حدثنا الحسن بن سفيان قال: سمعت معاذ بن شعبة يقول: قال أبو داود: جاء عباد بن حبيب إلى شعبة فقال:إن لي إليك حاجة. فقال: ما هي ؟ فقال تكف عن أبان بن أبي عياش . فقال: أنظرني ثلاثا، وجاء بعد الثالث فقال: يا عباد نظرت فيما قلت فرأيت أنه لا يحل السكوت عنه وقال: حدثنا محمد بن زياد الزيادي قال: حدثنا أحمد بن علي عن مكي بن إبراهيم قال: كان شعبة يأتي عمران بن حُدير فيقول: تعال نغتاب ساعة في الله - عز وجل - نذكر مساوئ أصحاب الحديث ثم قال : فهؤلاء أئمة المسلمين وأهل الورع في الدين أباحوا القدح في المحدثين ، وبينوا الضعفاء والمتروكين ، وأخبروا أن السكوت عنه ليس مما يحل وأن إبداءه أفضل من الإغضاء عنه ، وقد تقدمهم فيه أئمة قبلهم ذكروا بعضه ، وحثوا على أخذ العلم من أهله" . كتاب المجروحين ص / 17 ـ 21 ، بواسطة الردود السلفية من شريعة رب البرية ص / 57 – 59 ، وانظر المحجة البيضاء ص / 87 وما بعدها .

    (مميزوقال الإمام الدارقطني – رحمه الله -) : " فإن ظن ظان أو توهم متوهم أن التكلم فيمن روى حديثا مردودا غيبة له ، يقال له : ليس هذا كما ظننت ، وذلك أن إجماع أهل العلم على أنه واجب ديانة ونصيحة للدين وللمسلمين ...
    ثم قال: حدثنا محمد بن خلف ، ثنا عمر بن محمد بن الحكم النسائي ، ثنا محمد بن يحي عن محمد بن يوسف قال كان سفيان الثوري يقول: فلان ضعيف ، وفلان قوي ، وفلان خذوا عنه ، وفلان لا تأخذوا عنه وكان فلان لا يري ذلك غيبة .
    وحدثنا علي بن إبراهيم المستملي، قال : سمعت أبا الحسين محمد ابن إبراهيم بن شعيب الغازي، يقول : سمعت أبا حفص عمرو بن علي يقول : حدثنا عفان قال : كنت عند إسماعيل بن علية، فحدث رجل بحديث عن رجل؛ فقلت : لا تحدث عن هذا فإنه ليس بثبت. فقال الرجل : اغتبته. فقال إسـماعيل : "ما اغتابه، ولكنه حكم أنه ليس بثبت" . مقدمة كتاب الضعفاء والمتروكين ص / 11 – 13، بواسطة المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء ص / 106 – 108 .

    (مميزوقال العلامة ابن الجوزي رحمه الله ): " ومن التغفيل قول المتزهّد عند سماع القدح في الكذابين : هذا غيبة ، وإنما هـو نصيحة للإسلام ؛ فإن الخبر يحتمل الصدق والكذب ، ولا بد من النظر في حال الراوي .
    قال يحيى بن سعيد : سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وشعبة، وسفيان بن عيينة؛ عن الرجل يكذب في الحديث أو يَهِم ، أُبَــيِّنُ أمره ؟. قالوا : "نعم.. بَــيِّن أمره للناس" .
    وكان شعبة يقول : "تعالوا حتى نغتاب في الله ـ عز وجل ـ" .
    وسئل أن يكف عن إبان؛ فقال : "لا يحل الكف عنه؛ لأن الأمر دين" .
    قال ابن مهدي : مررت مع سفيان الثوري برجل؛ فقال : " كذاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكتَ لسكتُ" .
    وقال الشافعي : "إذا عَلِم الرجل من محدِّث الكذب لم يسعْهُ السكوتُ عنه ، ولا يكون ذلك غيبة ؛ لأن العلماء كالنقاد ، ولا يسع الناقد في دينه أن لا يبين الزيوفَ من غيرها... " الموضوعات 1 / 42 - 43

    (مميزوقال الإمام النووي رحمه الله) في شرحه لمقدمة الإمام مسلم لصحيحه : " باب بيان أن الإسناد من الدين، وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات، وأن جرح الرواة بما فيهم جائز بل واجب، وأنه ليس من الغيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة " المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 1 / 43 دار المعرفة .
    وقال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ... وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء .
    أحدهما : أن يكون الرجل مظهراً للفجور ، مثل الظلم والفواحش والبدع والمخالفة للسنة ، فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه بحسب القدرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم . ،
    وفي المسند والسنن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس ، إنكم تقرأون القران ، وتقرأون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها ] إ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [ ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " .
    فمن أظهر المنكر وجب الإنكار عليه ...
    النوع الثاني : أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملة أو استشهاده ، ويعلم أنه لا يصلح لذلك ؛ فينصحه مستشاره ببيان حاله ، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس ... فهذا حجة لقول الحسن : أترغبون عن ذكر الفاجر ! اذكروه بما فيه يحذره الناس ، فإن النصح في الدين أعظم من النصح في الدنيا ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ؛ نصح المرأة في دنياها ؛ فالنصيحة في الدين أعظم ... " الفتاوى 28 / 219 – 220 .
    وقال رحمه الله : " وأما الشخص المعين فيذكر ما فيه من الشر في مواضع .
    منها المظلوم له أن يذكر ظالمة بما فيه ، إما على وجه دفع ظلمه واستيفاء حقه ، كما قالت هند ...
    ومنها : أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهـــم ودنيـاهم كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبي صلى الله عليه وسلم من تنكح ؟ ... وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله ، ومن يوكله ويوصي إليه ، ومن يستشهده ؛ بل ومن يتحاكم إليه ، وأمثال ذلك .
    وإذا كان هذا في مصلحة خاصة ؛ فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين : من الأمراء والحكام والشهود والعمال ؛ أهل الديوان وغيرهم ؟ فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " … وإذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة مثل نقلة الحديث الذين يخلطون أو يكذبون كما قال يحيى بن سعيد: سألت مالكاً والثوري والليث بن سعد أظنه والأوزاعي عن الرجل يُتهم في الحديث ولا يحفظ فقالوا بَيّن أمره ، وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: أنه يثقل علي أن أقول فلان كذا ، وفلان كذا فقال إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم .
    ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنّة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، وليس هذا الباب مخالفا لقوله : " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره " فإن الأخ هو المؤمن ، والأخ المؤمن إن كان صادقا في إيمانه لم يكره ما قلته من هذا الحق الذي يحبه الله ورسوله ، وإن كان فيه شهادة عليه وعلى ذويه ، بل عليه أن يقوم بالقسط ، ويكون شاهداً لله ولو على نفسه أو والديه أو أقربيه ، ومتى كره هذا الحق كان ناقصاً في إيمانه ، ينقص من اخوته بقدر ما نقص من إيمانه … " مجموع الفتاوى 28 / 229 - 236 .

    (مميزوقال الإمام ابن رجب رحمه الله) : " ... فهذه كلمات مختصرة جامعة في الفرق بين النصيحة والتعيير – فإنهما يشتركان في أن كلاً منهما : ذِكْرُ الإنسان بما يكره ذِكْرَه ، وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس والله الموفق للصواب .
    اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص .
    فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه .
    وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه ...
    فحينئذٍ رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه .
    فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته .
    وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ...
    وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته " . وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم . وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم . " الفرق بين النصيحة والتعيير ص / 1 _ 4 ، مكتبة سحاب .

    (مميزوقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله) ـ معلقاً على كلام الإمام النووي السابق ـ : " وكلامه رحمه الله ، ليس بعده كلام ؛ لأنه كله جيد وصواب ، وله أدلة ... " شرح رياض الصالحين 4 / 130 .

    (مميزوسُئل المحدث العلامة فضيلة الشيخ أحمد النجمي - حفظه الله )– السؤال التالي : بعض طلاب العلم ، وجَّه نقده إلى فئة من الدعاة الذين أخطئوا في المنهج ، فهل تعتبر هذه غيبة لهم أم لا؟
    فقال حفظه الله : " الدعوة يجب أن تكون على الطريقة التي حددها الله عز وجل لأنبيائه حيث يقول سبحانه : ) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ( ، وحددها أيضا لنبيه محمد r الذي هو خاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه فقال: )قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ( .
    إذن فمن أتى بمنهج يخالف منهج الرسول r وطريقة تخالف طريقة الرسول r فإنه يجب على العلماء أن يبينوا هذه المخالفات، وأن يبينوا هذه الأغاليط والملاحظات، ومن لم يبين وهو يعلم ذلك فإنه يكون آثما، اللهم إلا إذا حصل البيان بفئة كافية ،فالأمر في هذا فرض كفائي إذا قام به البعض سقط الوجوب عن الآخرين، أما إذا كان من يقوم بالبيان يحتاج إلى معاضدة ومناصرة،فإنه يجب على الجميع معاضدته ومناصرته، ومن يزعم بأنه لا يجوز الكلام في هؤلاء الذين جعلوا منهجا يخالف منهج رسول الله r وطريقة تخالف طريقته، من زعم هذا فإنه مبطل، ويقصد بذلك إبطال الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وبيان الحق والتعاون على البر والتقوى، وإن لم يكن قاصدا لهذا، فهو قد قلد من قصده، وكان مغررا به، ويجب عليه أن يعود إلى الحق، وأن يترك ما هو عليه من القول بعدم جواز الإنكار على من أخطأ في المنهاج، أو في الطريقة التي هي طريقة شرعية في الدعوة " الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية ص / 23 السؤال رقم : 8 .

    وسئل السؤال التالي : هل تجوز غيبة أهل البدع ؟ ...
    فقال حفظه الله : " لا شك أن الكلام في أهل البدع يجوز ؛ إذا كان القصد منه التحذير من بِدَعِهم ، فكما تعلمون ؛ أنّ الغيبة يُخصُّ منها ستةُ أشياء : التحذير ، والاستفتاء ، والتظلم ، والمجاهرة بالفسق ، والتعريف ، ولمن طلب الإعانة في إزالة منكر ؛ فإن كان المقصود الكلام في أهل البدع ؛ هو بيان بدعهم ، والتحذير منها ، ومن الدخول فيما دخلوا فيه ، فهذا ليس فيه شيء ، أما إذا كان على سبيل التفكُّه في أعراض الناس فلا يجوز ... " الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية ص / 58 السؤال رقم : 38.

    (مميزوقال العلامة المجاهد فضيلة الشيخ الدكتور ربيع المدخلي حفظه الله) : " والله سبحانه وتعالى يقول : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ [ ، فلا شك أن لحوم المسلمين محرمة والذي يأكل لحم أخيه كأنما يأكل الميتة ومن يطيق أكل الميتة المنتنة ؟! طبعاً النفوس ترفضها ، ولكن لمصالح ومقاصد إسلامية ولحماية هذا الدين وللحفاظ عليه أباح الله تبارك وتعالى أموراً قد تكون صورة منها غيبة ولكنها ليست من الغيبة ، فإنسان يخطئ وتنبه على خطئه هذا أمر واجب لا بد منه وهذا يسمى بالنصيحة ويسمى بالبيان وهو أمر من الأصول في الإسلام لا بد من القيام بها لكي لا يضيع الدين لأنه ما أكثر أخطاء الناس وما أكثر ما يقع الناس في الخطأ وما أكثر ما يقع الناس في الضلال يقودهم الهوى – والعياذ بالله – حتى بعض الصالحين يقوده هواه – أحياناً – يغلب عليه الهوى فيقع في الخطأ والقول على الله بغير علم ... الصوفية كانوا يعترضون على أئمة الحديث لماذا تقولون : فلان سيئ الحفظ وفلان كذاب أنتم تغتابون الناس ؟! فقال لهم أهل الحديث : هذه ليست غيبة هذه نصيحة هذا بيان للناس وليس من الغيبة في شئ .
    ولهذا وجدنا الرسول عليه الصلاة والسلام أتقى الناس وأخشاهم لله تبارك وتعالى وفي نفس الوقت هو أنصح الناس وهو أخوفهم من الله عز وجل لا يتكلم في أحد عليه الصلاة والسلام ولا يغتاب ولا يطعن في أحد عليه الصلاة والسلام ولكن إذا جاء دور البيان والنصيحة يبين .
    فلا بد من فقه في هذا الدين ولا بد من التمييز بين الغيبة المحرمة وبين النميمة – والعياذ بالله – وبين النصيحة والبيان الذي كلّف الله به هذه الأمة وجعل من هذه النصيحة ومن هذا النقد سياجاً يحفظ هذا الدين ويُحقِّقُ فيه وعد الله تبارك وتعالى بحفظ هذا الدين : ]إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [ ... " النقد منهج شرعي ص / 2 – 4

    وقال حفظه الله ـ معلقاً على بعض كلام الإمام ابن رجب السابق ـ : [ " قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : فهذه كلمات مختصرة جامعة في الفرق بين النصيحة والتعيير – فإنهما يشتركان في أن كلاً منهما : ذِكْرُ للإنسان بما يَكره ذِكْرَه ، وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس والله الموفق للصواب "
    يعني : النصيحة تذكر إنساناً بشيء يكرهه – أليس كذلك – والتعيير أيضاً تذكر إنساناً بشيء يكرهه فقد يحصل اشتباه بين النصيحة والتعيير .
    التعيير : أن تذكر العيب – أليس كذلك – والنصيحة تذكر العيب أيضاً حتى يحذره الناس إن كان عنده بدعة أو خطأ قصدك وجه الله تبارك وتعالى هذه هي النصيحة .
    وإن ذكرت عيبه لتشفي غليلك منه مالك قصد شرعي أبداً وليس قصدك إلا أن تشفي غليلك ، هذا تعيير وذمٌّ وإثم .
    قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - : " اعلم أنَّ ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص . فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين أو خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه "
    أقول : بل هو واجب لأن الله أوجب البيان وليس مندوباً فقط .
    قال الحافظ ابن رجب– رحمه الله - : " وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة " .
    الغيبة : ذكرك أخاك بما يكره لغرض شخصي ما تقصد وجه الله عز وجل ولكن قصدك الطعن فيه ، أما جرح الرواة فهذا حفاظ على دين الله تبارك وتعالى يعني كيف نميز بين الصحيح والضعيف إذا كان الرواة كلهم لم يتكلم فيهم أحد ، الرافضي والجهمي والكذاب وفاحش الغلط أليس في هذا ضياع الدين ؟ ألا يترتب على هذا ضياع الدين ؟ طيب أنت عندك كتب في الموضوعات وكتب في العلل مجلدات كبيرة ما هو سببها ؟ سببها : الجرح في الرواة والكلام على الأسانيد والكلام على المتون إذا كان فيها مُدْرَجات وفيها مراسيل وفيها كذا .
    وقوله : " وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة " .
    الغيبة ما تخدم الدين قد تهدم الدين والأغراض التافهة ، بينما الجرح له أغراض سامية للحفاظ على هذا الدين وحمايته وصيانته من أن يختلط فيه الحق بالباطل . لأنا إذا سكتنا عن الرواة عن الكذاب والمتهم والسيء الحفظ والفاحش الغلط وكذا ، ضاع الدين أليس كذلك ؟ لكن بهذا النقد وبهذا التجريح وبهذا التمييز بين هذا وذاك حفظ الله لنا هذا الدين ، وثمار هذا العلم واضحة ولله الحمد .
    وجهل الصوفية الذين كانوا يودون أن يُغطُّوا أفواه الرواة والنقاد ويكموا أفواههم فلو كان استسلم لهم علماء الجرح والتعديل وعلماء النقد لضاع دين الله تبارك وتعالى لكن أبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المبتدعون .
    قال ابن جب – رحمه الله - : " وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه " .
    هم المتصوفة الذين كانوا ينكرون على علماء الحديث ويقولون لهم : أنتم تغتابون الناس فقال لهم أهل الحديث : هذه ليست غيبة هذه نصيحة وبيان ، طبعاً من لا يفهم الكتاب والسنة كثير جداً .
    الآن هؤلاء السائرون على طريقة أهل البدع والصوفية في تحريم النقد والهيجان منهم على طريقة هؤلاء وليسوا على طريقة أهل السنة .والله نتمنى أن ينتقدونا لتبيين أخطائنا حتى نموت وقد تُبْنا من أخطائنا . " ] النقد منهج شرعي ص / 15 – 17 ، موقع الشيخ .
    وقال حفظه الله ـ معلقاً على بعض كلام الإمام النووي السابق ـ : [ " قال النووي – رحمه الله تعالى – في كتابه ، رياض الصالحين : باب ما يباح من الغيبة
    ثم قال – رحمه الله - : " اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أسباب " فهو سماها غيبة يقول : تباح ، لكن في الحقيقة هي ليست غيبة هذه : نصيحة ، لكن لما كان بعض الناس يرى أنها غيبة تسامح في إطلاق الغيبة عليها وعلى فرض أنها غيبة فإنها مباحة بل واجبة كما يقول – رحمه الله ... .
    " الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم " .
    فهذا يجوز ، فنحذِّر المسلمين من الفاسق من المبتدع كذلك : إذا كان إنسان يشهد زوراً أو شهادته باطلة بأي وجه من الوجوه وتقدح في شهادته ونبيِّن وجه القدح فإن هذا فيه نصح للمسلمين وفيه تجنيب الشر عنهم . فيقول: " منها جرح المجروحين من الرواة والشهود " فإذا كان في الرواي جرحاً وهو يقول : قال رسول الله ويحدث الناس ، إما أن يكون كذاباً أو متهماً بالكذب أو ضعيفاً أو مختلطاً أو أن يكون الراوي مجهولاً ولا نعرفه والناس ينقلون عنه أو أي جرح فيه فلك أن تبين الجرح في هذا الراوي إما في عدالته أو في ضبطه ، سواء تعلق الجرح بعدالته أو تعلق الجرح بضبطه كائناً كان هذا الراوي – إذا كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لا بد بل يجب علينا أن نبين ما فيه من ضعف في ضبطه أو انحراف في عدالته وقدح في عدالته ، وكذلك الشهود إذا كان الشاهد أخطأ في شهادته ما ضبطها أو كذب في شهادته فإننا نجرحه ونقول : فلان أخطأ في شهادته – إذا كان معروفاً بالصدق – لكن إذا وهم نقول : وهم في هذه الشهادة وما ضبطها ، أو أنه شهد زوراً وكذباً ونبيِّن وجه ذلك ، فنبين وجه خطئه أو وجه تعمده للكذب والتزوير في هذه الشهادة وذلك أمر جائز بإجماع المسلمين بل واجب . يقول النووي – رحمه الله - : " بل واجب للحاجة ". يقول : يجوز وللحاجة يجب ، كائناً من كان هذا الراوي أو هذا الشاهد ... ." ] المصدر السابق ص / 21 – 24 .
    وقال حفظه الله : " أقول : هذا هو المحك الصحيح
    فمن سلك مسلك هؤلاء في خدمة السنة ، والذب عنها ، وفي التعديل لمن يستحق التعديل والجرح والطعن لمن يستحق ذلك ، وقمع أهل البدع ، وفضحهم، وكشف عوارهم ، ودمغ باطلهم بالحق والبراهين ؛ فهو منهم .
    ومن خالفهم في هذا المنهج ، وناصب منهجهم ، ومن تابعهم الخصومة والعداء ، وتولى أهل الزيغ ، والضلال ، والبدع ، والخداع ، يستميت عنهم في الدفاع ، ويتلاعب بعقول أهل الجهالة من الرعاع ؛ يوهمهم كذباً ، وزوراً ، وغشاً ، وفجوراً ؛ أنه من أهل السنة والاتباع.
    فإن هذا اللون قد فضحه الله ، وكشف عواره ، وهتك أستاره : 1- بمخالفة هذا المنهج الفذ العظيم ، الذي حمى الله به الدين ، ونفى به وبأهله تحريف الغالين ، وتأويل الجاهلين ، وانتحال المبطلين . 2- وبتولي أهل البدع ، والدفاع عنهم بالزور والباطل ، والدفاع عن بدعهم الكبرى ، الهادمة للدين ، والمنابذة لشرع سيد الأنبياء والمرسلين ، وما عليه السلف الصالحون من دين قويم ، ومنهج سليم مستقيم . 3- ومناصبة العداء الوقح الظالم الفاجر لمن تمسك بهذا المنهج السلفي الصحيح ، الذي عُرفت أصالته ، وأحقيته ، وآثاره العظيمة في حماية دين الله الحق .
    فلينظر من تجمعت فيه هذه البوائق أين مكانه من الدين ، والنصيحة لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، وأئمة المسلمين ، وعامتهم ؟ .
    ومن منطلق الحفاظ على الدين ، وعلى سنة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، وتمييز صحيحها من سقيمها ، ومعوجها من مستقيمها ، أَلَّفَ علماء السنة كتباً في بيان أحوال الرواة ، من : عدالة، وضبط ، أو جرح من كذب ، أو غلط ، أو بدعة ، أو سوء حفظ .
    من تلكم المؤلفات : المؤلفات الجامعة للثقات ، وغيرهم ، كالتاريخ الكبير للبخاري ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ، وكتاب الكمال لعبد الغني المقدسي وتهذيبه ، والتهذيب للذهبي ، وتهذيب التهذيب لابن حجر .
    ومنها ما يختص بالثقات ، ككتاب الثقات للعجلي ، والثقاة لابن حبان ، والثقاة لابن شاهين .
    ومنها ما يختص بالضعفاء والمجروحين ، مثل : كتاب الضعفاء الكبير للإمام البخاري ، والضعفاء الصغير له ، والضعفاء والمتروكين للنسائي ، وأحوال الرجال للجوزجاني ، والضعفاء والكذابين والمتروكين لأبي زرعة الرازي ، وكتاب المجروحين لابن حبان ، والضعفاء للعقيلي ، والضعفاء للفلاّس ، والكامل لابن عدي ، والضعفاء لأبي نعيم ، والضعفاء لابن البرقي ، والضعفاء لابن السكن ، والضعفاء لابن الجوزي ، وميزان الاعتدال للذهبي ، والمغني لـه ، والديوان في الضعفاء لـه ، والذيل على الضعفاء ، وذيل الميزان لأبي الفضل العراقي ، ولسان الميزان لابن حجر العسقلاني .
    هذه الكتب وغيرها خصصت بالمجروحين ، والمتكلم فيهم ، ولو كان مذهب الموازنات بين الحسنات والسيئات واجباً أو مشروعاً ؛ لكانت هذه الكتب وما حوته تحتوي على أعظم الظلم وأقبحه .
    ولكن الحقيقة خلاف ذلك .
    فهذه الكتب تتربع قمة النصيحة والعدل والإنصاف ، وعملها لون من ألوان الجهاد العظيم ؛ إذ دافعها الذب عن الإسلام ، وعن سنة خير الأنام.
    فبها وبالأئمة الذين ألَّفُوها حفظ الله هذا الدين ، ولولاهم لهدم الدين.
    فعلى عقول من يدعون إلى منهج الموازنات العفاء ؛ إذ هم يدافعون بهذا المنهج الفاسد عن : الكذابين ، والمجروحين ، والمبتدعين الضالين من حيث يشعرون أو لا يشعرون .
    ويطعنون في أئمة الإسلام وجنوده العظام ، الذين أَلَّفُوا هذه الكتب في هذه الأصناف ذياداً وذباً عن حياض الإسلام .
    رحم الله أسلافنا من أئمة الدين وحفاظه ، والذابين عنه ، والمحافظين عليه .
    وهدى الله المسلمين ـ ولا سـيما المغـررين بأهـل البـدع ـ ، وكشف عنهم الغمة ، ورزقهم التمسك بالكتاب والسنة، والتأسي بالأئمة، وسادة الأمة، إن ربي لسميع الدعاء . " المحجة البيضاء ص / 110 - 113 .

    (مميزوسُئل فضيلة الشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي – حفظه الله )– السؤال التالي : هل الرد على أهل الأهواء والبدع والمجاهرين بالمعاصي يعتبر تتبعا للزلات وتطلعا إلى معرفة العيوب والعثرات، وهل التحذير من المبتدع الداعي إلى بدعته والمروج لها يعتبر غيبة له؟ وما هو موقف السلف من أهل البدع والمجاهرين بالمعاصي عموما؟ أفيدونا أثابكم الله ثواب العلماء الناصحين والدعاة الحكماء المخلصين.
    فقال : " لا يعتبر الرد على أهل الأهواء والبدع والمجاهرين بالمعاصي تتبعا للزلات، ولا يعتبر تطلعا إلى معرفة العيوب والعثرات، ولا قصدا لإظهار السوءات كما يدعي ذلك من بطأ به الفهم والتبس عليه الأمر بسبب تقصيره في جنب العلم، بل إن ذلك من جنس الجهاد في سبيل الله بالقلم واللسان لما فيه من إحباط الباطل، وبيان الحق، ونصح الخلق، وكم من كتب قد أُلفت في الرد بالقسط على أهل الأهواء والبدع والمجاهرين بالمعاصي ومناقشتهم بأدلة الكتاب والسنة حتى استقام الحق وفُهم، وتهاوى الباطل بعضه على بعض ... " الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة 5 / 61 – 62 ،بواسطة الردود السلفية ص / 66
    (مميزولقد سألت شيخنا فضيلة الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله )السؤال التالي : متى تكون النصيحة سراً ، ومتى تكون علانية ؟
    فقال حفظه الله : " أولاً : المسلم مأمور أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وباللين والرفق ؛ ما دام الرفق ينفع ؛ ويؤدي الغرض ، ويوصل الحق إلى طالب الحق .
    ثانيا : صاحب المخالفة ؛ قد تكون مخالفته في نفسه ، وقد تكون مخالفته عامة ، يعني أنه يدعو إلى ما يراه من المخالفة .
    فالأول : يُنصح في نفسه ويبين له خطأه سرّاً .
    والثاني : يرد خطأه بالدليل ، فإن ظهر منه بعد ذلك الإصرار والعناد ؛ فإنه يعامل بما يستحقه ، وقد قدّمت آنفاً أن أهل السنة ينظرون إلى المخالفة والمخالف ، فليرجع إلى ذلك ... " كلامه مسجل وموجود في شبكة سحاب بعنوان : أجوبة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله على أسئلة شبكة سحاب السلفية المجموعة الأولى ، السؤال الخامس . الكاتب : أبو حميد الفلاسي وهو موجود أيضاً في إذاعة سحاب .
    والكلام الذي أشار إليه شيخنا حفظه الله ؛ وأمرنا بالرجوع إليه هو : جوابه على السؤال التالي : كيف السبيل إلى اتحاد كلمة السلفيين ، ورأب الصدع بينهم ؟
    فقال ـ بعد أن بين أنه ليس بين السلفيين خلاف في أصول الدين ، والخلاف إنما هم في بعض الفروع ، وهذا حاصل حتى بين الصحابة ... ـ : " ... والواجب على السني أن يحفظ كرامة السني ، الواجب على السلفي أن يصون السلفي ، وأن يرعى كرامته ، كما أنه لا يتابعه على زلته إذا زلت به القدم .
    فأهل السنة ينظرون إلى المخالفة كما ينظرون إلى المخالف .
    فالمخالفة يردونها ، ولا يقبلونها ، لأنه قد يخالف السلفي ما عند السلفي الآخر ؛ قد يخطي ؛ فالسلفي بشر كغيره من سائر البشر .
    ثم ينظر أهل السنة كذلك إلى المخالف ، فإن كان المخالف على السنة مؤصل عليها معروف بالسير عليها ، فإنه لا يتابع على زلته وتحفظ كرامته .
    وإن كان من أهل البدع ، فلا كرامة له عندهم .
    ومن هنا نقول : على السلفيين ؛ على أهل السنة أن يوسعوا صدورهم لبعضهم ، وأن يتناقشوا فيما حدث بينهم من خلافات ، وأن يعرضوا ما عندهم مما هو مختلف فيه بينهم على من هو أقدر منهم من أهل العلم ؛ من الذين هم على السنة ، بهذا تزول الخلافات ، وتجتمع الكلمة ، ويتحد الصف ، ويتماسكون إن شاء الله تعالى ... " المصدر السابق ، السؤال الأول .

    أقول تنظر رسالة أخونا الشيخ فوزي الأثري حفظه الله : حجج الأسلاف في بيان الفرق بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف ، حتى تعرف المسائل التي يصح ـ وقد يجب ـ الإنكار فيها وهي : مسائل الخلاف ؛ التي ثبت فيها نص يرجح أحد القوال ، والمسائل التي لا إنكار فيها وهي : مسائل الاجتهاد ؛ التي لم يثبت فيها نص يرجح أحد الأقوال .

    وسئل حفظه الله السؤال التالي : عندما نرد على الحزبيين ونبين أحوال الرجال ؛ بأقوال أهل العلم ؛ يقال لنا : أنتم تفرقون الصف وتجعلون للأعداء ثغرة للنيل من الأمة الإسلامية ؛ وأن لحوم العلماء مسمومة ، فما الرد على هذا القول ؟
    فقال حفظه الله : " ... هذا السؤال سيستدعي منا عدة وقفات :
    الوقفة الأولى : أن الرد على المخالف من أصول هذا الدين ؛ من أصول أهل السنة والجماعة ، سواء كانت المخالفة بدعية أو مجرد خطيئة ؛ فضلاً عن كونها بدعية أو مفسقة ، ثم هذا المخالف إن كان من أهل السنة ؛ فإنهم يرعون حرمته ، ويصونون عرضه ، ولا يتابعونه على زلته ، ولا يشنعون عليه .
    وإذا كان من أهل البدع ؛ فإنهم يعدون هذا من ضلالاته وانحرافاته ، ولا كرامة له عندهم .
    ومستند أئمة أهل السنة والجماعة ـ وإن شئت فقل الرادين على المخالف من الحزبيين وغيرهم ـ النص والإجماع ... ـ ثم قال بعد إن ذكر بعض الأدلة ـ ولا يزال الأئمة على هذا يردون على المخالف مخالفته ، لأن المقصود تصفية السنة ، فإذا تقرر هذا ؛ فلننتقل للوقفة الثانية : فإنّ ما قاله القائل ـ حسب ما تضمنه السؤال ـ هو مجرد قياس أولاً ؛ مجرد قياس ، والقياس الذي يعارض النص ؛ هو : باتفاق أهل العلم ـ القائلين بالقياس ـ هو قياس فاسد الاعتبار ، فلا يلتفت إليه ؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ؛ فإن هذه إحدى العبارات التي يعبر بها القوم عن تقرير قاعدة المعذرة والتعاون : " نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " ... ثم نقول أيضاً : هذا هو عين ما قعّده بعض المتحزبة ؛ نصحح ولا نجرح ، وقد يقولون : نبني ولا نهدم ، وسواء كانت هذه العبارة أو تلك ؛ فإنها من قبيل القياس ؛ القياس الفاسد ، والرأي المحض ، والعقل المجرد العاري عن إتباع النصوص ... والمقصود أن أهل البدع لا يزالون يفتّون في عضد أهل السنة ، ويصادمون المنهج الحق الذي دلّ عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ؛ بمجرد الآراء الفاسدة ، فليعلم ذلك وليحذر ، والله والموفق والهادي إلى سبيل الرشاد . " المصدر السابق المجموعة السادسة : أسئلة منهجية وحديثية السؤال الأول .

    ولقد ألف شيخنا الشيخ الدكتور حمد العثمان حفظه الله ؛ كتابه القيّم : زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون ، راجعة العلامة صالح الفوزان ، وقرّظه العلامة عبد المحسن العباد حفظهما الله ، فليراجع .

    (مميزوقال فضيلة الشيخ سليم الهلالي حفظه الله) : " إذن ما يتعلق بأوضاع المسلمين الخاصة لا يجوز الحديث عنها ، وإنما يجوز النصح بشروطه المعلومة في فقه الدعوة المستنبط من الكتاب والسنة ، وما يتعلق بدين الله فلا يجوز السكوت عنه ، من ذلك أصحاب البدع والأهواء الذين ينشرون بدعهم ، والمقالات التي تكتب في الصحف والمجلات والمؤلفات ، ومواقف الجماعات الإسلامية الخالية من الأدلة الصحيحة ، والمخالفة لهدي الرسول r هذه أمور من الأمور التي يجب تحديد موقف منها .
    ولنا في ذلك من أهل العلم بالحديث وأصوله أسوة حسنة ، الذين صرحوا بجواز بل بوجوب ذكر الرواة بأسمائهم وعيوبهم في الرواية لِيـُعْرَفوا ، فإذا عدنا إلى مؤلفاتهم في الجرح والتعديل - وهي مفخرة من مفاخر سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى - نجدهم تعرضوا للأعلام سواء الذين يـُحدثون أو يـُفتون .
    وهذا العلم أظهر الله به أنوار الشرع ، وشموس العدل ، وهبت رياح الإسلام فاقتلعت البدع ، وقصمت ظهور أهلها ، وانكسر نفوس أهل معاصي الله، وخفقت رايات التوحيد في أقطار الأرض، واضمحل جَوَلان الباطل في جميع البلاد.
    وإذا كان أئمتنا قد اعتبروا هذا العلم من أفضل الق ربات إلى الله ، فإنا على آثارهم لسائرون ، ولرياضهم منتجعون ...
    من هذه الأدلة العلمية نعلم يقيناً وجوب التحدث عن الجماعات الإسلامية ، والعلماء ، وما يكتب في الصحف والمجلات والمؤلفات ، إذا كنا نعلم أدلة صحيحة تخالف ما ذهب إليه الآخرون ، وهذا الواجب له شروط كثيرة أهمها: 1- التثبت من القول الذي نبغي الرد عليه ، لأنه قد يجيء إنسان يقول : قرأت لفلان كذا وكذا ، أو سمعت منه كذا وكذا، فيسارع أحد الكتاب ويرد عليه دون أن يعود إلى ما كتب، أو يعود إليه ليتبين صحة ما نسب إليه ، وقد قيل : " آفة الأخبار رواتها " .
    ولقد علمنا الله هذا المبدأ المهم الذي لو أخذ الإسلاميون به لتقلصت معظم الخلافات الموجودة ، فقال عز وجل : ] يا آيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهلةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين [ ( وفي قراءة متواترة : فتثبتوا ) . 2- قراءة الكلام أو سماعه بنفس راضية ، وروح طيب ، وقلب مطمئن ، ليس بنية النقد ، وقصد التجريح ، وأن يحاول أن يلتمس لأخيه عذراً ، ويجد له مخرجاً ، فإن وجد فبها ونعمت وإلا فالحق أحق أن يتبع ، وإرضاء الله غاية لا تترك ، وإرضاء الناس غاية لا تدرك ، ففضل ما لا يترك على ما لا يدرك .
    وخلو الساحة الإسلامية من هذا الأمر قضية مؤسفة في واقعنا المعاصر .
    لقد استنبط سلفنا الصالح من قوله تعالى : ] وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد [ أنه لا يوجد كتاب غير كتاب الله لا يأتيه الباطل فقالوا : " ليس أحد بعد النبي r إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي r "
    وقال الشافعي رحمه الله تعالى : " أبى الله أن يتم إلا كتابه " .
    وقال العماد الأصفهاني : " إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يوم إلا قال في غده : لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر " . 3- إن تمت هذه الشروط ، وتأكد أن الكلام فيه ضرر ، فعليه أن يرد ، ومن حقه أن يرد ، والقاعدة المعروفة تتضمن " من ألف فقد استهدف " وطالما كتب الأول للناس ، فعلى الثاني أن يصحح للناس ، لأن المشكلة تجاوزت الاثنين ، وأصبحت عامة للمسلمين . 4- هذه الأمور ذات بال ، وحسبنا أن نعلم أن أعداء الإسلام يروجون الأكاذيب والأباطيل الكثيرة عن الدعاة ، وشعارهم اكذب واكذب عسى أن يصدقك الناس . 5- والمسلم من خُـلـُقِهِ التثبت في الرواية ، وأن يناقش الأمور ، ولا ينقل إلا القضايا التي في نقلها فائدة وعائدة ، وإذا أراد إنسان أن يرد بعد الأخذ بهذه الضوابط فعليه أن يحرص على الأدلة ، وأن يستخدم الأساليب الحسنة ، والألفاظ الإسلامية ، ويتجنب الكلمات النابية ، وأن يقبل الحق إذا تبين له ، والمخلص أواب للحق لأنه ضالته فحيثما وجده فهو أولى الناس به . " نقلاً من "مؤلفات سعيد حوى دراسة وتقويم" للشيخ سليم الهلالي ( ص14- 22) بتصرف ، بواسطة وجوب الرد على المخالف لأبي معاذ السلفي ص / 79 –83 بتصرف . وأنظر بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين ، له حفظه الله 3 / 33 – 54 .

    (مميزوقال أخونا الشيخ خالد الظفيري حفظه الله) : " لقد مضى أهل السنة من الأولين ومن بعدهم من المتأخرين على طريقة واحدة في التعامل مع أهل البدع، وذلك بعيبهم والتحذير منهم وهجرهم والنهي عن مجالستهم؛ خوفاً على من خالطهم أو جالسهم من فتنتهم.
    وكانوا يرون أن ذكر عيوبهم ومساوئهم ليس من باب الغيبة المحرمة، وقد استثنى أهل العلم ستاً من الحالات التي تجوز فيها الغيبة كما قال الناظـم :
    القدح ليس بغيبـة في ستـة متظلـم ومعـرف ومحذّر
    ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومـن طلب الإعانة في إزالة منكر " إجماع العلماء ص / 139 – 140


    وليراجع كتاب العلامة المحدث الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله : منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف ، وكتابه : المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء .




    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

  2. #2
    الصورة الرمزية عابده لله
    تاريخ التسجيل : Apr 2002
    رقم العضوية : 286
    الاقامة : جدة
    المشاركات : 13,754
    هواياتى : القــراءة
    My SMS : الدرر في القلب مهما طال الزمن أو قَصُر
    MMS :
    إم إم إس
    23
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 766
    Array





    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    صباحك خيــر وبركة اخي أبو الخيــر ..
    والحقيقة أن العـرض والطرح كان اكثر من رائع وماتع ..
    وبه من الفوائد ما يعجز لساني عن شكرك به ..

    بارك الله فيك وفي نقلك ونفع به ..
    وجزاك عنا كل الخيــر ..

    وغفر لك ولوالديك..

    .
    .

    عابده
    [flash=https://dorarr.ws/forum/uploaded/897/3abdh.swf]width=300 height=200[/flash]











    ولأننا نُتقن الصمـت
    حملـونا وزر النـوايا
    ـــــــــــــــــ
    ,, عــهد ,,

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. وقفة في فن الدعوة....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الــدرة الإسـلاميـة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-11-2003, 05:19 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط