تعد المملكة العربية السعودية الأعلى على المستوى العالمي في معدلات الإصابة بأمراض الدم الوراثية وبخاصة مرضي (الأنيميا المنجلية والثلاسيميا) ويقدر عدد المصابين بهما حاليا بحوالي 1.5 مليون شخص. وتتوقع إحصائيات طبية سعودية ازدياد عدد المصابين والحاملين لهذين المرضين الخطيرين، وهما من أمراض الدم الوراثية، بمعدلات مرتفعة خلال الـ30 سنة القادمة إلى خمسة ملايين شخص يكلفون الدولة حوالي " 1.3 "مليار ريال (346مليون دولار) وقد يرتفع عددهم إلى أكثر من 12 مليون شخص بحلول عام 2052. ويحدث مرض (الأنيميا المنجلية) الذي ينتشر في السعودية بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 في المائة بسبب طفرة جينية تؤدي إلى تحول خلايا الدم الحمراء إلى خلايا منجلية عند التعرض لنقص الأكسجين فيتكسر الدم ويصاب المريض بفقر دم حاد تصاحبه آلام شديدة بصورة متكررة في معظم أجزاء الجسد وخاصة الأطراف والمفاصل والبطن والظهر. ويؤدي هذا المرض وهو من أمراض الدم الوراثية الخطيرة إلى تضخم واستئصال الطحال نتيجة لترسب الحديد الزائد على الكبد والقلب وحدوث جلطة دماغية، ويعتمد المصابون به على المسكنات والمهدئات، وأحيانا على عملية نقل دم من الآخرين لأكثر من ثلاث مرات شهريا. أما مرض (الثلاسيميا) الذي ينتشر في السعودية بنسبة 20 في المائة فهو اشد خطورة من مرض (الأنيميا المنجلية) إذ يتسبب في عجز النخاع عن إنتاج دم طبيعي وتكسر كريات الدم وانخفاض الهيموجلوبين في الجسم مما يؤدي إلى اعتماد المريض كلية على عمليات نقل دم من الآخرين بواسطة جهاز مغروس بإبرة تحت الجلد لإزالة الحديد لمدة ثماني ساعات يوميا مدى الحياة. وقالت مديرة مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية في السعودية "هدى عبد الرحمن المنصور" إن مشكلة أمراض الدم الوراثية وبخاصة (فقر الدم المنجلي والثلاسيميا) باتت تنبئ بكارثة اجتماعية واقتصادية في السعودية ما لم تصدر الجهات المسئولة قرارا رسميا يلزم المقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج للتأكد من خلوهما من هذين المرضين الخطيرين. وكان مجلس الوزراء السعودي قد اقر في مارس الماضي تنظيما لفحوص ما قبل الزواج ضد الأمراض المعدية والوراثية غير إلزامية وخصص مبلغ خمسة ملايين ريال سنويا لتسهيل الفحوصات المخبرية للراغبين من السعوديين على أن تصاحبه حملة توعوية صحية يتم تقييم نتائجها بعد ثلاث سنوات للنظر في تطبيقه إلزاميا. ورأت الدكتورة هدى المنصور أن القرار جمع بين الفحوصات الطبية للأمراض المعدية التي تبلغ نسبة انتشارها في السعودية اقل من خمسة في المائة وامراض الدم الوراثية وبخاصة (فقر الدم المنجلي والثلاسيميا )التي تشكل نسبة 30 في المائة وتبلغ تكلفة علاج المريض الواحد حوالي 100 ألف ريال (26.6الف دولار) سنويا. وحذرت من العواقب الوخيمة المترتبة على تأخير تنفيذ قرار إلزامية الفحص قبل الزاوج لمدة ثلاث سنوات المتمثلة في إضافة 12.744 مولودا مصابا بمعدل 4.248 مولودا مصابا سنويا و12 مولودا مصابا يوميا يكلفون الدولة حوالي 222 مليون ريال (59.2 مليون دولار). يذكر أن الحكومة السعودية تقدم إعانات مالية سنوية لحاملي ومصابي الحمى المنجلية بلغت في العام الماضي حوالي 350 مليون ريال (93.3مليون دولار) وزعت بما يعادل ثلاثة آلاف ريال تقريبا للمريض الواحد. وتقدر إحصائيات طبية سعودية حجم الإعانات المالية المتوقعة في العام الحالي للمصابين بأمراض الدم الوراثية في السعودية بحوالي 362 مليون ريال (96.5مليون دولار) منها حوالي 184 مليون ريال (49مليون دولار) للمصابين في المنطقة الشرقية المقدر عددهم بنحو 734.982 مصابا يشكلون نسبة 20 في المائة من إجمالي المصابين في السعودية. ولفتت الدكتورة المنصور إلى الضغط المتوقع على المراكز الصحية وبنوك نقل الدم بسبب زيادة الطلب لعمليات نقل الدم التي تستهلك نسبة 25 في المائة من مخزون بنوك الدم مع ما يصاحبها من مخاطر انتقال أمراض معدية تفاقم من حالة المرضى الصحية. وأشارت الأخصائية السعودية إلى عدم جدوى الحملات التوعية التي استمرت عشرين عاما في السعودية دون أن تسهم في الحد من انتشار هذين المرضين الذين لا يمكن السيطرة عليهما والحد منهما كلية لحماية الأطفال إلا بإصدار قرار رسمي من الجهات المسئولة يلزم الراغبين في الزواج بالفحص الطبي قبل عقد القران. وعزت انتشار هذين المرضين الوراثيين في السعودية بمعدلات مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى إلى زواج حاملي الصفة الوراثية وهم الأشخاص الأصحاء الذين لا تبدو عليهم أعراض المرض ببعضهم البعض فيؤدي ذلك إلى إصابة الأطفال بهما مستقبل. وأكدت الدكتورة المنصور أن خلو أحد الطرفين من الصفة الوراثية حتى ولو كان الطرف الآخر مصابا بأحد المرضين يكفي لحماية الأطفال من الإصابة بالمرض. وأشارت الدكتورة هدى المنصور إلى مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية الذي تبنته لجنة خدمة المجتمع بمنطقة الاحساء(شرق السعودية) برعاية برنامج الخليج العربي منذ عام 1999 والجهود التي تبذلها اللجنة في التعريف بمخاطر هذه الأمراض وبخاصة (الحمى المنجلية والثلاسيميا) على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني بإنفاق مبالغ باهظة سنويا في علاج المرضى. وأوضحت أن المشروع يتضمن خطة تعتمد على عدم عقد القران إلا بإظهار استمارة الفحص الطبي قبل الزواج لمأذون الانكحة على أن تترك حرية إتمام الزواج من عدمه للطرفين بعد إعلامهما رسميا بإصابتهما أو أحدهما بأحد هذين المرضين أو كليهما معا. وقالت أن الخطة تطالب بتعميم قرار الرامية الفحص الطبي قبل الزواج الذي أصدرته الحكومة السعودية عام 1998 لحالات الزواج التي يكون أحد أطرافها غير سعودي ليشمل حالات الزواج التي يكون كلا طرفيها من ذوي الجنسية السعودية لأنه السبيل الوحيد لحماية الأجيال القادمة والحد من انتشار هذين المرضين الوراثيين. ودعت الدكتورة المنصور إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية والاستعانة بعلماء الدين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين ومأذوني الأنكحة لتهيئة المجتمع السعودي لتقبل تنفيذ قرار إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج والاستفادة من التجارب المماثلة في كل من سوريا ولبنان والبحرين وفلسطين والدول الأخرى للقضاء على هذه الأمراض الوراثية الفتاكة. يذكر أن السعودية تمتلك اكثر من عشرة مراكز لأمراض الدم الوراثية وتقدر التكلفة المالية التي يحملها المركز للمريض الواحد في عام 2000 بحوالي 70الف ريال (18.66 ألف دولار) تشمل تحضير الدم بنحو 12 ألف ريال وقيمة الأدوية بحوالي 53 ألف ريال وخمسة آلاف ريال كمعونة مالية للمصاب الواحد. وبلغ إجمالي تكلفة الخدمة الطبية التي قدمها المركز الواحد لمرضى الثلاسيميا في نفس العام حوالي 7.2 مليون ريال (1.9 مليون دولار) منها 6.3 مليون ريال تكاليف المرضى و900 ألف ريال تكلفة الطاقم الطبي والمبنى سنويا.
المصدر
http://www.bab.com.sa/news/full_news.cfm?id=18677