السلام عليكم حميعا..
تعليقا على ما ذكره الأخ الكريم ابن النجار حول الرومانسية أقول:
أولا: لا بد من تعريف الرومانسية, كما يعرفها المختصون؛ إذ الرومانسية مذهب أدبي متكامل, له خصائص ومميزات, وظروف نشأة, ورواد وكتاب..الخ. وبعد ذلك ننظر في كلام الأخ الكريم ابن النجار.
ثانيا: معلوم أن للرومانسية تعاريف متعددة, ولكن مما يذكره أحد الباحثين عن الرومانسية ما يلي:
1. الرومانسية تشيد بأدب العاطفة والحزن والألم والخيال والتمرد الوجداني،والفرارمن الواقع،والتخلص من استعبادالأصول التقليدية للأدب.
2. أماالظروف التي نشأت فيها الرومانسية في فرنسا،ودعت إليها فما تقلبت فيه البلاد الفرنسية من أحوال سياسية واجتماعية واقتصادية،كونت لدى الفرنسيين تلك الحالة النفسية،والتمزق الداخلي والتغني بالآلام الفردية التي هي من مميزات الرومانسية... وقدوصف الشاعر الرومانتيكي الفرنسي الكبيرالفريد دي موسيه في كتابه "اعترافات فتى العصر" ، الحالة النفسية للأطفال والشبان بعد هزيمة نابليون، وإذلال فرنسا وفترة الضياع التي لم تعد مذهباً أدبيا ًفقط،وإنما غدت فلسفة وسلوكا ًفي الحياة أيضاً.
واتخذت الرومانسية من الشعر وسيلة للتعبيرعن الذات،ومايكتنفها من ألم وشقاء وتشاؤم.
3. هذه هي الرومانسية التي سيطرت على الآداب الأوروبية وقتا من الزمن،وكان لابد لها أن تنهار وتسقط في خضم المذاهب الناشئة كما حدثـ تماما للكلاسيكية في خضمها... وذلك أنها تذهب إلى أن الأدب وحي وإلهام وخلق،لاصناعة ومحاكاة ونظام، الأمرالذي جعلها تنتهي عند المقلدين،وأصحاب الملكات الضعيفة إلى إهمال الصياغة اللغوية وتجويد الأسلوب وجماله،وعدم النظرفي روائع الفحول من الأدباء،كما أدى بها هذا الأمر إلى إضطراب العواطف وتشتت المشاعر،واستخدام الأدب شعره ونثره في التعبيرعن الذات والأنا،وهذا جعلها لاتهتم بالقضايا الإنسانية والوطنية السامية الكبرى حتى وصفت بأنها أدب الأبراج العاجية.
والأدب العربي الحديثـ الذي هو صدى للآداب الغربية كان له من الرومانسية حظ عظيم ونصيب وافر،وعلى أساسها وبوحي منهاقامت المدارس الأدبية،كمدرسة الديوان،ومدرسة أبولو،أوجمعية أبولو للشعر،ومدرسة المهجر.انتهى النقل.
ثالثا: بالنظر إلى ما سبق نجد أن الرومانسية:" تشيد بأدب العاطفة والحزن والألم والخيال والتمرد الوجداني،والفرار من الواقع،والتخلص من استعباد الأصول التقليدية للأدب...", ومن مميزاتها:" التمزق الداخلي والتغني بالآلام الفردية... واتخذت الرومانسية من الشعر وسيلة للتعبيرعن الذات،ومايكتنفها من ألم وشقاء وتشاؤم.."..الخ.
فالحزن في الرومانسية مركب أساسي, وظروف نشأتها أظهر دليل على ذلك. ولو رجعنا إلى كلام الأخ الكريم ابن النجار, فأرى – وكل له رؤيته- أنه ينظر للرومانسية على أنها معنى جميل؛ حيث قال: " ماهي .. إلا حزنٌ نغلفه بغلف مُذهبٍ جميل", فكأنه جعل ظاهر الرومانسية أو مخرجها أمرا جميلا, مع أن حقيقتها حزن. أما ما سبق ذكره في النقل فيدل على أن الحزن في الرومانسية هو المحرك لها؛ فهي ناتجة عن حزن وألم وشقاء..الخ, والمخرج – في صورة شعر أو نثر أو قصة قصيرة أو رواية..الخ- هو كذلك حزن وألم, وليس أمرا مذهبا جميلا.
عموما, هذا ما فهمته من كلام الأخ الكريم ابن النجار, وهذا ما قادني إليه تنزيل كلامه على ما سبق نقله, وقد أكون أخطأت, وقد يكون قصد معنى آخر, وقد يكون له تعريف مغاير للرومانسية, فننتظر تعليقه.
استطراد:
بناء على ما سبق من تعريف الرومانسية, فكثير مما يكتب في الدرر الأدبية أرى أنه يصح تصنيفه تحت الكتابة الرومانسية. وما علينا إلا أن نأخذ نصا من الدرر الأدبية, ونرى مدى انطباق صفات الرومانسية ومميزاتها عليه لنرى صحة هذا الأمر. ومما يحضرني الآن "البؤساء", و"البؤساء (2)".
شكرا, والسلام عليكم.