السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي المباركة
إشراقة أمل
ثلاث نقاط أود الأشارة إليها قبل أن أبدأ مشاركتي ألا وهي:
أولاً:
جزاك الله ألف ألف خير على هذا الحس النبيل تجاه أمتك ودينك ومجتمعك
وماطرحك لهذا الموضوع إلا انعكاسٌ صادقٌ لما يختلج ُ في نفسك الطاهرة من أسى عند رؤية المنكر ولما يسعدك من أمرٍ بالمعروف وقد قالت العرب :
مافيه ظهر على فيه
فجزاك الله ألف خير على هذا الموضوع النافع من شخصك النافع ...
ثانياً:
كل ماسأذكره هنا هو مجرد وجهة نظر شخصية محضة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاانسبها لأي أحد غير نفسي فما فيها من صواب فمن الحي القيوم ومافيها من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان والهوى
ثالثاً:
اعتذر مقدماً على الإطالة ((أنا آسف))
الإيجابية بمعناها الكبير هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والسلبية وأيضاً بمعناها الكبير هي ضد ذلك .
والموضوع أُخيتي فيه الكثير الكثير من محاور البحث والنقاش فمن المفترض علينا كأمة علمٍ وعقلٍ ومنطقٍ إذا أردنا أن نتحدثَ عن أمرٍ ما أن نبدأ بتأصيل الأصول وتقعيد القواعد وتأسيس الأسس حتى يكون نقاشنا وحوارنا حواراً نافعاً ذو ثمرة تُجنى.
ولكن المقام هنا لايتسع لهذا فنكتفي بذكر أبرز المحاور ومنها :
أ:
ماتعريف الأمر بالمعروف؟؟ وماتعريف النهي عن المنكر ؟؟
ب:
حكمه شرعاً (العلماء على خلاف بين كونه فرض عين وبين كونه فرض كفاية إذا قام به البعض يسقط عن الباقين وأصحاب المذهب الأول يستدلون بقوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر }
أما من يرى كونه فرض عين فدليله عقليٌ لانقلي فهم يقولون لو أن الجميع أمر بمعروف أو نهى عن منكر فيُخشى أن يُأمرَ بمنكرٍ ويُنهى عن معروف ويفشو الخلاف والغلظة والجفاء ......إلخ
ج:
شروطه وابرزها العلم والأسلوب ويندرج تحت الأسلوب اختيار الوقت والمكان المناسبين لذلك فيقول الأمام الشافعي رضي الله عنه :
تعهدني بنصحك بانفرادٍ .....وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصحَ بين الناسِ نوعٌ ..... من التوبيخِ لاأرضى استماعه
{بالحكمة والموعظة الحسنة}
{على بصيرة}
لأنه وبغياب العلم قد يُأمرُ بمنكرِ ويُنهى عن معروف.
وكلنا يعرف قصة من قتل تسعاً وتسعين نفساً وكمل المئة بالذي أخطأ معه الأسلوب !!!
د:
مراتبه وقد قسمها العلماء إلى أربع مراتب -أنا لاأذكرها الآن -ولكن منها منكرٌ إذا أُنكر فقد يترتب عليه منكرٌ أشد
فمثلاً :
لو أن جماعة يشربون الخمر فقام إليهم رجلٌ و أنكر عليهم ذلك فقتلوه
فسوف يترتب على ذلك منكرٌ أشد من المنكر الأول ألا وهو القتل .
ه:
مالمُقدم أهو الأمر بالمعروف أم النهي عن المنكر؟؟
ومما لاشك فيه أن القاعدة تقول :
أن درء المفاسد مُقدمٌ على جلب المصالح .
و:
درجاته, باليد باللسان بالقلب وذلك أضعف الإيمان وفي ذلك تفصيل....
وهناك الكثير ولكن كما أسلفنا وما في المقام هنا متسعٌ لهكذا مقال ..
أما ماأردت قوله -والذي هو وجهة نظر خاصة بي - التالي:
(وسيكون حديثي هنا مقتصراً على انكار المنكر)
فأقول والله المستعان :
سبحان الرحمن الرحيم مانهانا عن شيء -منكر- إلا وأغلق جميع منافذه
عنا
فلنأخذ مثلاً منكراً كالزنا :
فهو قد بدأ بتربية أخلاقية مرتكزة على ترغيب الناس بالحلال وتنفيرهم من الحرام وتبغيضه إليهم
ثم أمر بغض البصر وأمر المرأة كذلك ألا تخضع بالقول
ثم أ أوجدَ بديلاً مباحاً لتصريف هذه الشهوة عن طريق
إما النكاح المباح
أو التسري -وإن كان التسري الآن معدوم لأنه لارق في الإسلام إلا في حرب-
وسمح لمن يقول: أن واحدة لاتكفي.. بمثنى وثلاث ورباع مع اشتراط العدل
ودعى من لايجد إلى الباءة سبيلاً أن يصوم فهو له وقاية من الوقوع في الحرام
ثم أمر بتيسير المهور والشروط فزوجت كريمةٌ بخاتم من حديد
وأخرى بسور من القرآن
وجعل أكثرهن بركة أيسرهن مهراً وتكلفةً
وأمرنا بتزويج من نرضى دينه وأمانته .
ثم حرم الزنا وحذر منه وبين عقوبته في الآخرة وحذر مما فيه من اختلاط الانساب وهتك الاعراض وكذلك الأمراض التي يتسبب بها -من منا لم يسمع بالإيدز؟؟- وحذرنا بأن الأمر دَين على المرء وسيكون الوفاء من أهل بيته!!!
وبعد كل هذا وهذا كله عَلمَ الرحمن الرحيم أن من الناس من لاتردعه إلا العقوبة فكان الجلد والتغريب -يحل السجن الآن مكانه - لغير المحصن والرجم للمحصن .
فسبحان الكريم العليم الرحمن الرحيم
والناس في انكار المنكر على أنواع كثيرة:
فمنهم من لايقدم ولايؤخر ولايحرك ساكنا ولايسكن متحركا كأنما الأمر لايعنيه مستدلاً سفهاً بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (من حُسنِ إسلام المرء تركه مالايعنيه )!!!
ومنهم من ينكر إذا لم يشارك في المنكر ولم يستفد منه!!!
ومنهم من ينكر معروفاً !!!
ومنهم من ينكر (تفكيك عُقد في الناس )!!!!
ومنهم مُنكرٌ مأجور طالما أن هناك أجرٌ مادي !!!!!
ومنهم -وهذه الكارثة - من لاخير منه يرجى ولا شر منه عن المسلمين يُكف - فتراه ينكر على من يُنكر انكاره المنكر !!!!
وبعضهم لاينكر المنكر جهلاً بأنه منكر_ وهذه طامة كُبرى-
فخروج الفتاة بالهيئات المعروفة والمنكرة منكر تم تحت نظر الوالدين في معظم الأحيان!!
(وقد روى لي ثقة أنه شاهد في ليلة السابع والعشرين من رمضان المعظم شابين قد أرتديا الأحرام وتوجها لعمرة ولختم القرآن في هذه الليلة في الحرم المكي الشريف ومن المعلوم مافي هذه الليلة من مشاق وشدة وأنه لايقدم عليها إلا من فيه خير كثير - على تحفظ- فيقسمُ الرجلُ أن الشابين قد ارتدى كل واحدٍ منهما وفي أذنه اليسرى حلقاً نسائياً !!فلو أنهما كانا قد وجدا علماً بحرمته هل ارتدياه في عملٍ كهذا !!؟؟ )
وخلاصة ماأريد أن أصل إليه :
هو أنني أرى -ولعلي أكون مخطئاً - أن انكار المنكر في هذه الأيام يُستحسن أن يكون عن طريق ايجاد البدائل .
ولنأخذ مثالاً من السنة على ذلك:
ففي معنى الحديث:
أن رجلاً جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يشكو فقره -ولننظر للخيارات المتاحة أمامه صلى الله عليه وسلم كردة فعل على حديث الرجل :
1- نهرهُ وتوبيخه (وحاشا لله أن يفعل نبينا العظيم هذا ولكنه خيار )
2- الطلب من الصحابة مد يد العون له (هذا إذا علمنا أن هذا المجلس قد حضره أغنياء الصحابة أمثال عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما وأرضاهما )
3-الدعاء له ..
ولكن مالذي فعله حبيبي وطب قلبي وجلاء همي وذهاب غمي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟
سأله عما يملك !!
فقال له الرجل:
حصيرة وإناء أشرب به
فقال له :احضرها !!!
فأحضرها الرجلُ إليه!!
فعرضها النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه!!
وقال: من يشريهما؟!!
فبيعت بدرهمين!!
فأعطاه درهماً ليشتري به طعاماً وطلب منه أن يشري بالآخر قدوماً (رأس الفأس الحديد ) وأن يحضره له.
فقام بنفسه -بأبي هو بأمي- وبحث له عن عصا مناسبة تجعل من القدوم فأساً وجهزها له بيده الشريفة وأعطاه الفأس
وقال له: أذهب واحتطب ولاأراك إلا بعد كذا كذا فذهب الرجلُ وعاد بعد كذا وكذا وقد منَّ الله ُ عليه برزق واسع كريم شريف ..
ونظرة واحدة لهذا الحديث نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سلك مع هذا الرجل مسلك انكار المنكر (السؤال هو المنكر هنا) عن طريق ايجاد البدائل وكان البديل عن السؤال هنا هو ايجاد عملٍ شريفٍ للرجل ...
ونحن وفي هذه الأيام لو توقفنا عن البكاء على اللبن المسكوب وفكرنا جدياً في ايجاد البدائل بعد تفعيل الأمر بالمعروف وعلاج الأسباب واعتماد مبدأ الثواب والعقاب في كل ذلك لحصل لنا من الخير الكثير مالايعلمه إلا الحق سبحانه وتعالى
فمثلاً :
بدل رفع الصوت بتحريم (البيكمونات)- مثلاً -ووصول البعض لحد تكفير من شاهدها- حتى ولو كان طفلاً لايرى ماتراه أنت يأيها البالغ من مشاهد العري والتفسخ وإن كانت ترسخ في عقله الباطن- حتى ولو كان طفلاً !!!!!!
فبدل من ذلك لو أُستغلت أموال المسلمين والموضوعة في حساب إبليس الجاري لينفق منها كيف يشاء على العاهرات والساقطات وأشباه الرجال!!!
لو أُستغلت هذه الأموال -ولا نريد منها إلا واحد على ترليون - في إيجاد بدائل مناسبةللطفل يشاهدها وتغنيه عن مشاهدة (البيكمونات)و يكون فيها فكراً إسلامياً أصيلاً بدل أن نكتفى بكلمة (قفل ياولد حرام.. ثم نجلس لننتظر سوبر حما..(آسف) ستار وكأنها حلالٌ مندوبٌ إليه!!!!)
ختاماً :
وبما أننا لن نفعل ذلك -ولو على المدى القريب على الأقل - فسنظل نرتعُ في السلبية المفرطة وإن شذ أحدٌ عن ذلك وكان إيجابياً !!!
فهو من باب الشاذ والشاذ من باب النادر والنادر مما لاحكم له ...
.وأنا اعترف -ويعلم الله أن ذلك ليس مجاهرة -اعترف بأنني شيخ السلبيين في الأرض فأنا -وإن كان المنكر يذبحني من الوريد إلى الوريد- أنا أبدأ انكار المنكر باللسان ثم ودون سابق إنذار يتحول عندي إلى إنكار باليد وبالرجل( وبالعض وبالنعال أحياناً -أجلكم الله-) من أجل هذا اصبحت اتحاشى المنكر وأماكنه وإن صادف ورأيته فأغض طرفي عنه وأصبحُ:
لاأرى
لااسمع
لاأتكلم
وهذه قمة السليبة !!!!!
والله المستعان
أُخيتي
أعلم أني اطلت وأثقلت وأمللت ...
فسامحيني
وللشعر كلمة:
إنصحْ فإنَّ النصح للمرءِ مثل
الغيثِ أروى بوابلٍ وبغشْ
وراقب الله أن تَغُشّ فقد
يفسدُ رأيُ اللبيبِ حينَ يُغشْ
(البغش : المطر الخفيف)
وجزاكم الله خيراً
أحبكم
أخوكم
أحمد النجار