(الجملة الاسمية)
تقـديـم:
الجملة هي ميدان علم النحو، لأنه العلم الذي يدرس الكلمات في علاقتها بعضها مع بعض، وحين تكون الكلمة في جملة يصبح لها معنى نحوي، أي تصبح لها وظيفة معينة تتأثر بغيرها من الكلمات وتؤثر في غيرها أيضًا..
فحين نقول بأن هذه الكلمة (فاعل) مثلا فإننا نعني أن قبلها (فعلا) بينه وبين الفاعل علاقة من نوع ما، وهكذا في بقية أبواب النحو.
النحو إذن لا يدرس أصوات الكلمات ولا بنيتها ولا دلالتها المعجمية، إنما يدرسها من حيث هي جزء في كلام تؤدي فيه عملا معينًا.
والجملة في تعريف النحاة هي الكلام الذي يتركب من كلمتين أو أكثر وله معنى مفيد مستقل.
والجملة العربية نوعان لا ثالث لهما، جملة اسمية وجملة فعلية.
وللتمييز بينهما يمكن استخدام المقياس التالي:
إذا كانت الجملة مبدوءة باسم بدءًا أصيلا فهي جملة اسمية.
أما إذا كانت مبدوءة بفعل غير ناقص فهي جملة فعلية.
فمثلا:
( كان زيدٌ قائمًا ) ليست جملة فعلية لأنها لا تدل على حدث قام به فاعل، وإنما هي جملة اسمية دخل عليها فعل ناسخ ناقص.
ومثلا:
( كتابًا قرأتُ ) ليست جملة اسمية بالرغم من أنها تبدأ باسم، لكنها لا تبدأ به بدءًا أصيلا، فكلمة ( كتابًا) مفعول به، وحقه التأخير عن فعله، وإنما تقدم لغرض بلاغي، ومعنى ذلك أن بدء الجملة به بدء عارض، وإذن فهي جملة فعلية أصلها ( قرأتُ كتابًا ).
ومن هنا نرى أن تحديد نوع الجملة يعين القارئ على تحليلها تحليلا صحيحًا من خلال فهم أركان الجملة الأساسية كما سيتضح في التفصيل التالي.
(ركنا الجملة الاسمية)
للجملة الاسمية ركنان أساسيان، متلازمان تلازمًا مطلقًا، حتى اعتبرهما سيبويه كأنهما كلمة واحدة وهماالمبتدأوالخبر.
وحين نقف على جملةٍ اسميةٍ لا بد أن نسأل أنفسنا:
أين المبتدأ وأين الخبر؟
ولتحديدهما لا بد من معرفتهما..
ما هو المبتدأ والخبر؟
المبتدأ هو الاسم الذي يقع في أول الجملة، لكي نحكم عليه بحكم ما، وهذا الحكم الذي نحكم به على المبتدأ هو الذي نسميه الخبر. فهو الذي يكمل الجملة مع المبتدأ ويتمم معناها الرئيسي.(وهما مرفوعان).
مثلا:
( الدررُ بيتُنا النتيّ )
فـ الدرر: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
بيتُـ نا : خبر مرفوع رفعه الضمة الظاهرة على آخره.ونا ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
ولا تستقيم الجملة بكلمة الدرر فقط .. فهنا ابتدأنا الجملة بـ الدرر لنخبر عنها بأنها بيتنا ... وكلمة (النتي) صفة للبيت .. وكل ما هو زائد عن المبتدأ والخبر يعتبر (فضلة) تزيد في معنى الجملة وتوضحها..وكذلك في الجملة الفعلية(ما زاد عن الفعل والفاعل يعتبر فضلة).
(المبتدأ)
المبتدأ لا يكون جملة، فهو كلمة واحدة دائمًا. وإذا رأيت مبتدأ على هيئة جملة، فهي ليست مبتدأ باعتبارها جملة، بل باعتبارها كلمة واحدة،أو _ كما يقول النحاة _ باعتبارها جملة محكية، فلو قلنا مثلا:
(لا إله إلا الله خيرُ ما يقول المؤمن).
فالمبتدأ هنا هو (لا إله إلا الله) لا باعتبارها جملة مكونة من أجزاء، ولكن باعتبارها كلمة واحدة، فكأنك تقول:
( هذه الكلمة خيرُ ما يقول المؤمن).
ونعربها كالتالي:
لا إله إلا الله: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية.
خيرُ: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
فالمبتدأ إذن لا بد أن يكون كلمة واحدة، وهذه الكلمة لا بد أن تكون اسمًا..
(أنواع المبتدأ)
والمبتدأ نوعان:
أ) مبتدأ يحتاج إلى خبر.
ب) مبتدأ لا يحتاج إلى خبر، وإنما يحتاج إلى مرفوع يُكتفى به.
***
أ) والنوع الأول يكون اسمًا صريحًا أو مصدرًا مؤولاً.
1- فالاسم الصريح مثل:
(زيدٌ قائمٌ)
زيدٌ: مبتدأ، قائمُ: خبر.
(الرحلة مفيدة)
الرحلة: مبتدأ، مفيدة: خبر.
2- والمصدر المؤول (أن والفعل) مثل:
( وأن تصوموا خيرٌ لكم) وتقدير الآية: وصيامكم خير لكم.
أن تصوموا: أن حرف مصدري ونصب مبني على السكون لا محل له من الإعراب. تصوموا فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والمصدر المؤول من أن والفعل في محل رفع مبتدأ.
خير: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
ب)والنوع الثاني من المبتدأ هو الذي يسميه النحويون( الوصف الرافع المكتفى به). والذي لا يحتاج إلى خبر بل إلى مرفوع يكتفي به ويتمم المعنى ويسد مسد الخبر.
وهنا ينبغي أن نفرق بين كلمة (وصف) وكلمة (صفة). فالصفة عند النحويين هي النعت، (مصطلح نحوي)، أما الوصف فيقصدون به الاسم المشتق، وبالذات اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، أي أنه(مصطلح صرفي).
وهذا الوصف( الاسم المشتق) إن وقع مبتدأ يحتاج إلى اسم مرفوع بعده، ويعرب فاعلا بعد اسم الفاعل، والصفة المشبهة، ويعرب نائبًا عن الفاعل بعد اسم المفعول. ولا بد أن يعتمد هذا المبتدأ على نفي أو استفهام، كما تبينه الأمثلة القادمة:
مثال على اسم الفاعل:
(ما ناجحُ المهملون)
ما: حرف نفي مبني على السكون لا محل لها من الإعراب.
ناجحٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
المهملون: فاعل سد مسد الخبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
مثال على اسم المفعول:
( أمتروكٌ المجرمُ، يعيث في الأرض فسادً؟ا).
الهمزة: حرف استفهام مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
متروك: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
المجرمُ: نائب فاعل سد مسد الخبر وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
مثال على الصفة المشبهة:
(ما حسنٌ البخل)
ما: حرف نفي مبني على السكون لا محل لها من الإعراب.
حسنٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
البخل: فاعل سد مسد الخبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
ملحوظة:
قد يسبق المبتدأ حرف جر زائد (1)أو شبيه بالزائد، مثل:
(هل من رجلٍ في البيت؟)
هل: حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
من: حرف جر زائد.
رجلٍ: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
في البيت: جار ومجرور، شبه الجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
(بحسبك رزق الله.)
الباء: حرف جر زائد.
حسب: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
(كيف بك عند احتدام الأمر؟)
كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع خبر مقدم.
بك: الباء حرف جر زائد، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ مؤخر.
(رب امرأةٍ أعظمُ من رجل.)
رب: حرف جر شبيه بالزائد.
امرأة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد.
أعظمُ: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
------------------------------
(1) أحرف الجر الزائدة:
أحرف الجر الزائدة هي التي يمكن الاستغناء عنها في الجملة وهي:
* مِن: ويشترط حتى تكون زائدة أن تكون الجملة منفية أي أن يسبقها نفي أو تكون الجملة استفهامية (سؤال) وأن يكون الاسم المجرور الذي يأتي بعدها نكرة، مثال: ما من أحد في البيت...
* الباء: وتأتي الباء زائدة في خبر ليس وفاعل كفى: ليس الهروب بشجاعةٍ, كفى بالله شهيدًا... ويعرب الاسم الذي يليه على أنه مجرور لفظًا ولكنه يعرب حسب وقوعه في الجملة.
مصدر هذا الدرس: كتاب( التطبيق النحوي) لـ د. عبده الراجحي.
أكتفي بهذا القدر أحبتي .... وسنكمل عن (المبتدأ) في الدرس التالي..بحول من الله .. وقوة..
يتبع حالا >> تدريب !!
,’, دروس في النحو ..(1) .. ,’,
[/align]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن النجار
..
، والتصحيح علني
.. 
