[ALIGN=CENTER]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
احبتي في الله هذه الحلقة الثانية من موضوع قطيعة الرحم نسأل الله ان ينفع بها ويجعلنا ممن يصل رحمه [/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]ثانيًا: علاج قطيعة الرحم:[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]مرّ بنا القطيعة، وأضرارها، وذكر شيء من الأسباب التي تحمل عليها، فإذا كان الأمر كذلك فما أجدر العاقل أن يحْذَرَ قطيعة الرحم، وأن يتجنب الأسباب الداعية إليها، وما أحرى به أن يصل الرحم، وأن يَبُلَّها بِبلالها، وأن يعرف عظيم شأن الرحم، ويتحرى أسباب وصلها، ويرعى الآداب التي ينبغي مراعتها مع الأقارب. فما صلة الرحم؟ وبأي شيء تكون؟ وما فضائلها؟ وما السبل والأسباب المعينة عليها؟ وما الآداب التي ينبغي مراعاتها مع الأقارب؟[/ALIGN]
ثالثًا: ما صلة الرحم؟
[ALIGN=CENTER]التواصل ضد التصارم. وعن صـلة الرحم: قال ابن الأثير: وهي كناية عن الإحسان إلى الأقـربين من ذوي النسب والأصهار, والعطف عليهم, والرفق بهم, والرعـاية لأحوالهـم, وكـذلك إن بعـدوا وأسـاءوا, وقَطْعُ الرحمِ ضد ذلك كله.[/ALIGN]
رابعًا: بأي شيء تكون الصلة؟
[ALIGN=CENTER]تكون بأمور عديدة; فتكون بزيارتهم, وتفقد أحوالهم, والسؤال عنهم, والإهداء إليهم, وإنزالهم منازَلهم, والتصدق على فقيرهم, والتلطف مع غنيِّهم, وتوقير كبيرهم, ورحمة صغيرهم وضعفتهم, وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة: إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه, أو يصلهم عبر الرسالة, أو المكالمة الهاتفية.وتكون باستضافتهم, وحسن استقبالهم, وإعزازهم, وإعلاء شأنهم, وصلة القاطع منهم. وتكون أيضًا بمشاركتهم في أفراحهم, ومواساتهم في أتراحهم, وتكون بالدعاء لهم, وسلامة الصدر نحوهم, وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم, والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم. وتكون بعيادة مرضاهم, وإجابة دعوتهم. وأعظم ما تكون به الصلة, أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى, وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر..وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورةً.
أما إذا كانت الرحم كافرةً أو فاسقةً فتكون صلتهم بالعظة والتذكير, وبذل الجهد في ذلك.
فإن أعيته الحيلة في هدايتـهم كأن يـرى منـهم إعراضـًا أو عنـادًا أو استكبارًا, أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم, ويهوي في حضيضهم فلينأ عنهم, وليهجرهم الهجر الجميل, الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه, وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب, لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه.
ثم إن صادف منهم غِرَّةً, أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة، فَلْيُقْدِمْ ولُيعِدِ الكَرَّة بعد الكرَّة.
ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب, ونصحهم أنْ يُنَبَّهَ على مسألة مهمة في هذا الباب, ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب, والحرص على دعوتهم باللين, والحكمة, والموعظة الحسنة, وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود، وبالتي هي أحسن; لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم. وذلك يرجع إلى عدة أسباب, ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يُوْلُوْن هذا الجانب اهتمامهم, ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك؛ لأفلحوا في دعوة أقاربهم، ولأثَّروا فيهم أيما تأثير.
ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم, وأن يولوهم شيئاً من الاهتمام, والصلة, والاعتبار, ونحو ذلك مما يحببهم بالأقارب, ويحبب الأقارب بهم. كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها, وعلمائها, وأن تجلهم, وتصيخ السمع لهم, وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم, والحطّ من شأنهم..فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريَّـاً بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال, ومراتب الفضيلة.
[/ALIGN]
خامسًا: فضائل صلة الرحم:
فضائلها كثيرة, تنتظم خيري الدنيا والآخرة, ومن تلك الفضائل ما يلي:
1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله، واليوم الآخر: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ] رواه البخاري.
2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر، وبسط الرزق: فَعَنْ أَنَسُ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ] رواه البخاري ومسلم.
3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل: فَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَهُوَ لَكِ] رواه البخاري ومسلم.
4- صلة الرحم من أعظم أسبـاب دخـول الجنــة: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ] رواه البخاري ومسلم.
5- صلة الرحم طاعة لله عز وجل: فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى مثنيًا على الواصلين:{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ[21]}[سورة الرعد].
6- وهي من محاسن الدين: فالإسلام يأمر بالصلة, وينهى عن القطيعة, مما يجعل جماعة المسلمين متآلفة, متراحمة, بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق, ولا توليه اهتمامها.
7- وهي مما اتفقت عليه الشـرائـع: فالشرائـع السماوية كلها أمرت بالصلة, وحذرت من ضدها, وهذا يدل على فضلها, وعظم شأنها.
8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل: فهي مكْسبة للحمد, مجلبة للثناء الحسن.
9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة: فهي دليل كرم النفس, وطيب المنبت, وحسن الوفاء.
ولهذا قيل:'من لم يصلح لأهله لم يصلح لك, ومن لم يذب عنهم لم يذبَّ عنك'.
10- شيوع المحبة بين الأقارب: فبسببها تشيع المحبة, وبهذا يصفو عيشهم,وتكثر مسرَّاتهم.
11- رفعة الواصل: فإن الإنسان إذا وصل أرحامه, وحرص على إعزازهم أكرمه أرحامه, وأعزّوه, وأجلُّوه, وسوَّدوه, وكانوا عونًا له.
12- عزة المتواصلين: فالأرحام المتواصلون, يعلو قدرُهم, ويرتفع ذكرهم, فيكون لهم شأن, فيظلون بأعزّ جوار, وأمنع ذمار.