شؤون عمالية
قراءة في المسودة الأولية لنظام العمل القادم، والمقترح حياله


هذه قراءة جديدة للمسودة الأولية لنظام العمل «قيد الدراسة» لدى مجلس الوزراء الموقر، والذي أتى في حدود (281) مادة، ونستعرض اليوم بعضاً من المواد التي يتسع المجال لطرحها وتحليلها ومن ثم إبداء الرأي حيالها، وذلك على النحو التالي:
* ورد في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة» مواد عددها (7) مواد والتي تحمل الأرقام «30 ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 36» وهذه المواد مجتمعة تشمل تنظيمات وتعليمات تختص في شروط افتتاح مكاتب أهلية لتوظيف العمال الوطنيين في منشآت القطاع الخاص، وكذا شروط افتتاح مكاتب أهلية لاستقدام العمال الأجانب.
التحليل والرأي
لهذه المواد نرى ألا يرد في نظام العمل «قيد الدراسة» مثل هذه المواد التي تأخذ طابع تبيان الشروط والضوابط المعنية بأنشطة اقتصادية وإن كانت هذه الأنشطة ذات طابع عمالي في أعمالها، فلا يعني ذلك بالضرورة ورودها، هذا فضلاً عن أن السعي الأهم هو التقليل من إعداد مواد النظام الجديد لأن الفائدة المرجوة هي بالكيف لا بالكم.
* المادة (50/1) كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة» يتحمل صاحب العمل رسوم استقدام العامل غير السعودي وتكاليفه، أيا كانت بما في ذلك تذكرة عودته بعد انتهاء التعاقد، ورسوم الاستقدام والإقامة، والخروج والعودة، والخروج النهائي، وكذلك رسوم نقل خدمات العامل ورخصة العمل ومايترتب على تأخير استخراجها من غرامات».. انتهى.
التحليل والرأي
ما تنص عليه المادة (50/1) يفترض عدم ورودها لسببين، الأول عدم الإثقال على كاهل صاحب العمل السعودي بمصروفات مالية لا يتحملها معظم أصحاب العمل في دول العالم، في الوقت الذي ننشد في هذه المرحلة التي يطمح الجميع من خلالها بأن تزداد معها إحداث آليات جديدة عن الاقتصاد الحر قولاً وفعلاً، نيلاً من المزيد من المرونة والتسهيلات في التشريعات الحكومية وليس إحداث ما هو أشبه بالمعوقات أمام ما هو مؤمل من أهداف اقتصادية تكتسب للبلاد، والسبب الآخر انه إذا ما ترتب على ترك مثل هذه الضوابط دون تحديد للجهة المكلفة بدفع تلك الرسوم والمصاريف، أن تحملها العامل الوافد، فتلك أداة تعد إسهاماً غير مباشر في خفض معدل عملية الاستقدام من الخارج، لأن مثل هذه التكاليف لا شك أنها تعد مكلفة في دفعها، الأمر الذي معه سوف يحد من عملية الاستقدام ولو بنسب تعتبر مأمولة في مجملها، ما ينتج معه تحقيق نجاحات أخرى في مشاريع السعودة.
* المادة (60) كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة».. «يجوز أن يفرض بقرار من مجلس الوزراء رسم مالي يسمى (رسم التدريب) على المنشآت التي يحدد القرار المذكور مجالاتها المهنية، وعدد عمالها بناء على عرض من الوزير».. انتهى.
التحليل والرأي
ما تنص عليه المادة (60) نرى أنه من الأفضل عدم وروده بسبب صدور نظام «صندوق تنمية الموارد البشرية» والذي تعد رسالته الأساسية دعم مهام ومشاريع التدريب والتأهيل لدخول العمالة الوطنية سوق العمل بكفاءة واقتدار، والذي يتم تمويله برسم مقنن مقداره (150) ريالاً تدفع سنوياً من قبل منشآت القطاع الخاص، من خلال دفع رسوم «دفتر الإقامة، ورخصة العمل»، ولئلا يكون هناك في الوقت نفسه ازدواجية في عملية التكليف في مثل هذه المشاريع.

المادة 96 كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة» «إذا كان عقد العمل محدد المدة، وقام صاحب العمل بإنهائه قبل أجله لغير الأسباب المنصوص عنها في هذا النظام، يصبح صاحب العمل ملزما بتعويض العامل عما أصابه من ضرر، على ألا يتجاوز مبلغ التعويض بأي حال مجموع الأجر الأساسي المستحق عن المدة الباقية في العقد، ما لم يرد نص صريح في العقد بتقدير مسبق للتعويض»،
* التحليل والرأي
نؤكد هنا أن ورود هذه المادة في نظام العمل «قيد الدراسة» له مردود إيجابي في إيجاد آلية تنصف حق العامل المتضرر، إلا أن ما ورد نصاً في هذه المادة يحتاج إلى وقفتين، تمهيدا لجعلها مادة تحقق إيجاباً أشمل وأسمى للغرض الذي أحدثت من أجله، فالوقفة الأولى هي أن مقدار التعويض لا يفترض أن يترك دون تحديد أو تقنين، بمعنى يجب أن يكون هناك مقدار معين يثبت ضمن هذه المادة لاعتبارين الأول، لئلا يكون التقدير مستقبلاً بعد صدور النظام خاضعا للاجتهادات الشخصية حتى ولو من قبل المختصين، والآخر لربما أن يكون تقديرا مجحفاً لصاحب العمل إذا ما تم ربط عملية التقدير، كما ذهبت به المادة بألا يتجاوز مبلغ التعويض بأي حال مجموع الأجر الأساسي المستحق عن المدة الباقية في العقد، وذلك في حالة حدوث عملية إنهاء العقد قبل انتهائه على سبيل المثال بسته أشهر، فمجموع أجور أو رواتب تلك المدة إن تم التقدير على هذا الأساس الفرضي فهي التي تعد إجحافا على صاحب العمل، الوقفة الأخرى، والتي يجب أن تتضمنها هذه المادة لجعل عملية العقاب الناجمة من عملية إنهاء العقد قبل انتهاء مدته «العقد المحدد المدة» تفرض على طرفي العقد، وذلك بأن يفرض تعويض من العامل لصالح صاحب العمل، إذا كانت عملية إنهاء العقل قبل إنتهاء مدته حدثت من جانب العامل، والمقترح هنا عن إيجاد آلية مقننة للتعويض، بأن يتم التعويض لكلا الطرفين وأن يحدد مقدار التعويض بمقدار أجر أساسي لمدة شهرين يتحمله الطرف المتسبب في إنهاء العقد قبل إنتهاء مدته لصالح الطرف المتضرر، حتى يكون هناك إنصاف للجميع مع تحمل العامل إذا كان وافدا نفقات سفره إلى بلاده إضافة إلى ذلك التعويض وذلك إذا كان هو السبب في ذلك الإنهاء، وعلينا أن ندرك أن وجود جزاء مثل هذا ويرد نصاً ويشترك فيه العامل، سيكون أسلوباً مفيداً لتفادي مشكلة عملية التسرب الوظيفي ودوران العمل التي ربما تتحول إلى ظاهرة في المستقبل القريب،
المادة 104 كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسية»
«مع عدم الإخلال بحكم المادة 98 يستحق العامل الذي أكمل مدة سنة أو أكثر في الخدمة المستمرة، مكافأة نهاية الخدمة عند انتهاء خدمته، وتحسب المكافأة على النحو الآتي:
104/1: أجر أساسي بواقع شهر كامل عن كل سنة،
104/2: لا يجوز أن يزيد مجموع المكافأة عن مدة الخدمة بعد نفاذ أحكام هذا النظام على ما يعادل الأجر الأساسي لسنتين ولا يدخل في حساب ذلك المبالغ المستحقة عن الخدمة التي تمت قبل العمل بهذا النظام،
104/3: يستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل،
* التحليل والرأي
إن ما نصت عليه المادة 104 حول آلية استحقاق مكافأة نهاية الخدمة، فهذه المكافأة أرى أن لا ترد في نظام العمل الجديد لأنها تمثل حاجزا متيناً في عملية سعودة وظائف القطاع الخاص، لأنه قد تم تعويضها بمساهمة صاحب العمل في دفع ما نسبته 9% من الأجر الأساسي للعامل لصالح المعاش التقاعدي العائد إليه لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فضلاً عن ورود استحقاق صرف راتب إجازة للعامل، ولهذا ورود مكافأة نهاية الخدمة تعتبر تكليفاً ازدواجياً تجاه صاحب العمل، ولدارسي النظام أن يلاحظوا عدم ورود هذه المكافأة في نظام الخدمة المدنية على سبيل المثال، ولكي يصبح هناك تساو بين نظامي العمل والخدمة المدنية في الحقوق والالتزامات المالية خصوصا وأن التوجه الحالي في الحكومة هو إيجاد آليات مؤداها أن تجعل من عملية انتقال الموظف بين القطاعين «العام والخاص» مرنة ومتساوية في الالتزامات والمعطيات، لذلك فإن مكافأة نهاية الخدمة تعد تكليفاً إضافياً واجب مراجعته والسعي إلى عدم تطبيقه، كما أن آلية تطبيقه في النظام القادم قيد الدراسية) بجعله يتحول في المدة المقدرة لأجر 15 يوما في النظام الحالي عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى ومن ثم أجر شهر عن كل سنة بعد ذلك، بأن يصبح في النظام القادم بمقدار راب شهر عن كل سنة يعد تكليفاً مبالغا فيه وقد لا يخدم الأمر معه سياسة السعودة بالشكل المأمول!!،
* المادة «139» كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة»
«للعامل الحق في إجازة بأجر لمدة يوم واحد في حالة ولادة مولود له، وثلاثة أيام لمناسبة زواجه، أو في حالة وفاة زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، ويحق لصاحب العمل أن يطلب الوثائق المؤيدة للحالات المشار إليها».

* التحليل والرأي
إن هذا النوع من الإجازات يعد موضوعا واجب الإتيان به في نظام العمل، لأن بدونه لن يشعر العامل بالولاء لمنشأته وبالتالي تفقد وفاء هذا العامل لها، لأن المطالبة بوجود مثل هذه الإجازات يرتبط كليا بالأمور الاجتماعية للعامل، ولهذا أصبح منحها له يمثل شحذاً لهمم عمالتها لها، ولعلنا هنا نقترح رأيا يتمثل في تثبيت وتعديل مدد بعض هذه الإجازات، بحيث تكون الإجازة المتعلقة بحالة الوفاة هي «ثلاثة أيام» كما وردت في هذه المادة، إلا أن ما نراه أن تمنح للعامل في حالة وفاة الزوج «ولغويا يقصد بالزوج الجنسين» وكذا أحد الأصول، أما بالنسبة في حالة وفاة أحد الفروع، فنرى أن يكتفى بإجازة «ليوم واحد» لاختلاف مستوى درجة القرابة عن أولئك الأشخاص، كما نقترح أيضا أن تعدل كلمة زوجه الواردة ضمن سياق العبارة في المادة وهي «أو في حالة وفاة زوجه.. الخ» بأن تصبح «زوج» لأن هذه الكلمة كما قلنا أعلاه تعبر لغويا عن «الجنسين» ذكر وأنثى، ولأن ورود كلمة «زوجه» فحسب قد تفسر لاحقا أن الأحقية القانونية في مثل هذه الإجازات للزوج «الذكر» فقط، دون الأنثى.
* المادة «140» كما جاءت في مسودة نظام العمل «قيد الدراسة»
«للعامل المسلم الحق في الحصول على إجازة لا تقل مدتها عن عشرة أيام بأجر ولا تزيد على خمسة عشر يوما بما فيها إجازة عيد الأضحى، وذلك لأداء فريضة الحج لمرة واحدة طوال مدة خدمته إذا لم يكن قد أداها من قبل، ويشترط لاستحقاق الإجازة أن يكون العامل قد أمضى في العمل لدى صاحب العمل سنتين متصلتين على الأقل، ولصاحب العمل أن يحدد عدد العمال الذين يمنحون هذه الإجازة سنويا وفقا لمقتضيات العمل».

* التحليل والرأي
إن ورود هذا النوع من الإجازات لا يقل أهمية عن ما جاء من نوع الإجازات في المادة «139» والتي أشرنا ونشير هنا أيضا لوجوب ورود مثل هذه الإجازات للاعتبارات التي أوردناها في التحليل لتلك المادة، إضافة إلى أن تضمين إيجاد إجازة نصا في المادة «140» لتمكين العامل من أداء مناسك الحج، تزيد من المعنوية لدى العامل حسب ما ذكرناه أيضا، وما نقترحه حيال المادة «140» هذه لا يتعدى سوى المطالبة بإجراء تعديل في تخفيض مدة هذه الإجازة بأن لا تتجاوز «سبعة أيام» لأن المدة المحددة بحد أدنى وهي «عشرة أيام» تعد مدة مبالغ فيها وذلك إذا ما نظرنا إلى أن موسم الحج كاملاً مدته من خمسة إلى ستة أيام، فضلا عن أن السعي إلى التقليل من مدد الإجازات توجه واجب الاتيان به لسببين، أولهما أن الإشارة إلى منح الإجازات للعامل بشكل عام في نظام العمل «قيد الدراسة» ورد في أكثر من مادة وموضع، وثانيهما أن كثرة عدد الإجازات وطول أمدها، يضعف من قوة العمل المبنية على رفع المستوى الاقتصادي ورقي الخدمة المقدمة للجمهور.

عبدالله صالح الحمود

الباحث في الشؤون العمالية



ومازالت هناك بقية ،،