كانت هناك امرأة معروفة بالحسن والجمال كالوردة في البستان تدعى امتنان، تنافس عليها كل الأبطال وضحى من أجلها الفرسان، لم تكن تدعو الرجال يبلغوا منها ما أرادوا بل تفنيهم قبل الإمكان، وفي يوم من الأيام قالت : إن من سأقابله اليوم هو زوجي وإن كان من كان .. فخرجت .. وكان أول من استقبلت عصام وهو أفقر أهل المدينة لا يملك قوت يومه ، فقالت له : يا عصام أنا لك زوجة بأقل الأثمان ومن الآن .
عصام: لا أصدق يا حسناء هل تهزئين بي ؟
حسناء: لا ورب السماء إنما حب الستر والأمان
عصام : لكن ليس لدي مال!! ولكن سنذهب إلى فلان لن يتوانى في مساعدتي ، فذهبوا إلى فلان وهو أغنى من عرف عصام .
عصام : هذه حسناء زوجتي إن شاء الرحمن .. ولكن هل تقرضني شيئا لتعم الفرحة أرجاء المكان
فنظر الغني فيها ..فقال في نفسه : أنا أحق من هذا الصعلوك بهذه الحسناء أنا أملك المال والجاه.
فجاذب الغني عصام وقال: لن أعطيك شيئا بل ستكون زوجتي وإن جار الزمان ، احتدم الخلاف بين الغني وعصام فذهبوا إلى مأمور الجند ليفصل بينهم.
فقال: كل منهم حجته وشكا يته فقال المأمور : علي بالمرأة التي أججت النزاع ودخلت فرأى ذلك الحسن والجمال وتلك الخطوات التي تدل على كمال الدلال فقال في نفسه: والله مارات عيني مثل هذا الحسن والجمال وأنا المأمور ولن يعصني في الأرض إنسان وهي لي من دون الصعلوك والغني الجبان .
فجاذبها المأمور ليظفر بها حتى اشتد النزاع وبلغ الأمر إلى القاضي، ولما عرض الخصماء قضاياهم ، قال القاضي: إلي بتلك المرأة التي أغوت الرجال أين هي ؟؟ فدخلت حسناء ولها من التدلل غاية ومن الحسن منتهاه فرآها ودهش بجمالها فدار في نفسه ما دار في نفس أصحابه من قبل فنازعهم علليها واشتد النزاع.
قالوا من بقي كي يفصل هذا النزاع ، قالت الحسناء بصوت لتغنج والدلال : بقي مولاي السلطان عادل الزمان.
فذهبوا جميعا إلى السلطان وكلهم يظن أن حسناء ستكون له وإن طال الزمان ، ولكن لم يأتي السلطان بجديد بل أسره هواها وقيده جمالها وأرادها من دونهم ، اشتد الخصام والنزاع فكلهم يرجوها لنفسه.
وفي وسط الخصام صرخت حسناء فيهم وقالت : أتيتكم بالجواب والحل الصواب ، فتهاتفوا بصوت واحد ما هو يا قمر الزمان ، قالت : اتبعوني إلى الأرض الفضاء وعندها سيكون الجواب ، ذهبوا جميعا إلى هناك ووجدوها في الانتظار ، قالوا : أأمرينا يا قمر الزمان فكلنا طوع البنان ، قالت : إني سأركض ركضا سريعا. فمن سيدركني أولا فقد حاز الرهان وأخذني معه إلى أي مكان ، قالوا : رضينا والله المستعان .
فلما ركضت الحسناء تبعها الرجال وكانت الحسناء سريعة وبعد فترة غابت عنهم خلف تل في الأمام فتتابعوا خلفها ، هل تعلمون ماذا وجدوا؟؟؟
لقد كانت أمامهم هاوية سحيقة تجذبهم إليها فعلموا أن الحسناء خدعتهم ليسقطوا في الهاوية .. ولكن بعد فوات الأوان ، فتدافعه الأبطال في الهاوية واحد تلو الآخر حتى هلكوا.
هذي هي (الدنيا ) قد فتنت وراءها الفقير والغني والقاضي والسلطان وكثير من الناس فاحذروا منها ولا تهلككم كما أهلكت غيركم.