[ALIGN=CENTER]روى الطيار الكابتن أنس القويز في كتابه"مواقف طيار" هذه القصة الحقيقية التي حدثت على متنإحدى الطائرات السعودية
كانت طائرة الترايستار تشق طريقها في ذلك الليل البهيم في ساعة متأخرة من الليل عابرة البحر الأبيض المتوسط قاصدة مدينة باريس.. وكان القبطان ابو عبد الله متربعا على كرسي القيادةوقد أسند ظهره إلى الكرسي ليعطي جسمه المتعب من السهر شيئا من الاسترخاء وقد حمل كاس القهوة بيده[/ALIGN]
وفجأة دق جرس الهاتف في غرفة القيادة.. انها مكالمة من رئيس المضيفين يخبره أن هناك مسافرة تريد زيارة غرفة القيادة ويسأله ما اذا كان سيسمح لها أو لا,, ويتساءل القبطان متعجبا زائرة الآن؟ في هذا الوقت المتأخر من الليل؟!
ثم يرد متثائبا.. "لابأس,,, لابأس" لقد اعتاد ملاحو غرفة القيادة على مثل هذه الزيارة من قبل المسافرين..
طرق باب غرفة القيادة ثم دخلت الزائرة فإذا هي امرأة قد تجاوزت العقد الثالث من عمرها.. قد بان شعرها بعد أن أرخت خمارها.. دخلت بحذر شديد في الظلام ثم جلست على أقرب كرسي لها وبعد قليل تساءلت.."إن الأزرار والعدادات عندكم كثيرة جدا فهل تعرفونها كلها؟؟"..
ويتعجب القبطان من هذا السؤال لكنه تذكر أنها مجرد زائرة فيكتفي بالإجابة.. ( نعم نحن نعرفها كلها) ثم يأتيه سؤال آخر..(وهل تستطيعون معالجة أي مشكلة تحصل للطائرة؟) فيجيب القبطان.. (نعم بإذن الله)..
فتسأل الزائرة مستغربة (أية مشكلة؟هل تستطيع معالجة أية مشكلة للطائرة؟) فيستغرب القبطان من أسئلتها ثم يقول (نعم.. اية مشكلة تحصل للطائرة لدينا بإذن الله الكفاءة اللازمة لعلاجها) ثم يستدرك كلامه فيقول (إلا اذا أراد الله سبحانه ألا نعالجها فهذا أمر راجع إليه والأمر بيده مهما عملنا..) ثم قال ( فلو أطفأ الله سبحانه وتعالى محركات الطائرة كلها بلا سبب لكان هذا امره ونحن كلنا طوع أمره سبحانه) ولكن الزائرة قالت للقبطان. (أنا لاأعتقد هذا.. الله ليس له شأن في الأخطاء التي تفعلها الآلات أو الانسان)!!
صفعت هذه الكلمات ملاحي غرفة القيادة فالتفتوا جميعا الى تلك المرأة وتساءلوا في أنفسهم: ماذا تقول هذه المرأة؟!! أهي مجنونة أم كافرة؟!!
فأجابها القبطان وقد انتبه لنفسه بعد تلك الهزة (وهل تعتقدين أن الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذا الكون كله بسماواته وأقماره وآلاته وانسه وجنه وخلقك أنت من العدم.. هل تعتقدين أنه يعجزه أن يفعل اي شيء في خلق من مخلوقاته؟)
وجمت تلك الزائرة وسكتت فماذا عساها تجيب.. ثم استأذنت في الخروج وانصرفت وهي تجر سخط أهل الأرض والسماء..
لا تقولوا تعبتوا؟؟ ترى هذي المقدمة.. الحين تبدا الأحداث
كانت الطائرة تسير بسرعة 900 كلم في الساعة في درجة حرارة 50 مئوية تحت الصفر في ليل اسود.. ومن يدبر امور تلك الطائرة في ذلك الليل في ذلك العلو الا الله سبحانه وتعالى؟
لم يبق على الطائرة الا نصف ساعة لتصل الى مطار باريس الدولي فأضاء القبطان غشارة ربط الحزام للمسافرين كانت الطائرة تنزل بسرعة 600 كلم/ ساعة وهي تسابق شفق الفجر الأحمر للوصول الى باريس التي كان الضباب الكثيف يغطيها..
مدت الطائرة جناحيها وقللت من سرعتها واستدارت نحو مدرج المطار استعدادا للهبوط وأصدر القبطان امره للمساعد (أنزل العجلات) عندها امتدت يد المساعد نحو ذراع انزال العجلات فحركها للأسفل.. ثم ألقى نظرة على الاشارة الضوئية للتاكد من نزول العجلات الثلاثة,, لكنه لم ير اضاءة اللون الاخضر..وكان اللون الأحمر لايزال مضيئا محذرا بأن العجلة الامامية لم تنزل!!
فالتفت الى القبطان (قبطان.. لم تنزل العجلة الأمامية)
مازالت الطائرة تنزل تدريجيا وتتجه بسرعة الى بداية المدرج الذي يبعد 10 كلم فقط. فأصدر القبطان أمره(ارفع العجلات ثم انزلها مرة أخرى) وبسرعة استجاب المساعد للأمر فرفع ذراع العجلات ثم أنزله مرة أخرى
لكنه صاح مرة أخرى( لم تنزل العجلة الامامية ياقبطان هذه المرة أيضا).. قطّب القبطان حاجبيه والتفت الى المهندس الجوي.. يقرا المساعد عداد المسافة الذي يشير الى 4 كلم فقط عن مكان الهبوط ثم يلتفت الى القبطان فيصدر القبطان أمره (ارفع العجلات) فيرفعها المساعد.. عندها سحب القبطان المقود الى أعلى فتوقفت الطائرة عن النزول وبدأت في الصعود في الوقت الذي كانت المسافة فيه عن المدرج صفر.. وبعد ان ارتفعت الطائرة اتجهت الى غرب المطار وأخذت تدور في مدار اهليجي حتى تحل مشكلتها..
وبدأ القلق والاضطراب على تلك الزائرة وأخذت تتململ في مقعدها وتسأل(لماذا لم تنزل الطائرة حتى الآن؟ لماذا العجلات تنزل وتصعد؟) عجبا لهذه الزائرة تخاف الموت ولا تخاف خالق الموت!!
في هذا الوقت كان الطاقم يبذل مجهودا في محاولة انزال العجلات دون فائدة..ثم قام المهندس الجوي بفتح باب في غرفة القيادة ونزل بالسلم نحو غرفة الأجهزة الالكترونية ونظر بالعدسة المكبرة نحو العجلة الأمامية فصاح به القبطان..(ماذا ترى؟) فظهر صوته بين اصوات الأجهزة..(لا ادري.. لست متأكدا) ثم صعد ليخبر القبطان أنه لم يستطع رؤية شيء بسبب الغبار.. فردد القبطان (الغبار.. لاحول ولا قوة الا بالله.. انا لله وانا اليه راجعون) ساد صمت رهيب ومحزن في غرفة القيادة وعلت قسماتهم امارات الجزع..
سال المساعد: (ماذا نفعل الآن؟ الى متى نبقى ندور؟.. لم يبق من الوقود سوى مايكفي لنصف ساعة فقط.. أهي النهاية؟)..
التفت القبطان نحو مساعده ليقول: (يبدو أن مشكلتنا هذه التي نحن فيها بسبب تلك الزائرة المنحرفة)
بقي على نفاد الوقود 20 دقيقة والطائرة يجب أن تنزل شاءت أم أبت.. إنها لحظة حرجة جدا.. فيرفع القبطان يديه الى أعلى ليدعو الله.. انها لحظة الصدق في الدعاء.. انها لحظة لعل الله أراد أن يذكّر عباده ويريهم.. هل يرد القدر الدعاء؟ وهل تنزل العجلات بالدعاء؟..
وبينما كان القبطان يسبّح ويسبّح ويدعو الله في عالم من الخشوع والذل والانكسار بين يدي الله سبحلنه وتعالى.. إذ صرخ المساعد..( النور الأخضر يا قبطان.. النور الأخضر!!)
كاد المهندس أن يقفز من كرسيه فرحا وكاد القبطان أن يبكي من شدة فرحته وختم دعاءه ب..(الحمد لله.. الحمد لله .. لقد نزلت العجلة المامية أخيرا.. الحمد لله)
طويلة.. بس عجبتني وحبيت اشارككم بها..
أختكم.. اشراقة أمل