أيها الأحبة الكرام :
يسعدني أن أفتتح مشاركاتي بهذه االنص الذي أرجو أن ينال رضاكم وبودي أولاً أن أتيح لكم فرصة لتلمس توجهي العام من خلال كلماتي التالية التي أصدرها في كل مؤلف يقدرني الله سبحانه وتعالى على إضافته للمكتبة العربية :
( 00الكتــــابة عنـــدي00هــي متعــــة00
00والكتــابة فــي داخلـــي 00احســاس بديــع 00وفن رفيـــع00لا أدّعيــــه00
00والكتـــابة عنـــدي 00هي البســـاطـة00هي السهــــولة00هي اللفــظ الجميــــل00والشعــور الخـــالــص00 والعاطفـــة الصـــادقة00باختصـــار هي اللفظ المعبر من أول نظـــرة00هي التي لا تشعر بالحيــــرة00ولا ترهــق القلــب والعقــــل00
00عنـــدما أكتب فأنا أنظــر حولـــي00مشـــاعرهم00أحـــزانه ــم00مكنونهــم00وفي ذلك أجــد ذاتــــي وكيـــــاني00
00 من احتــــرامي لقارئـــي ينبع اعتــزازي بمــا أكتب00ومن تقديـــري لنظــرته تأتلــق خواطــري00
00وعنــدما أكتب فأنــا لا أكتب لهــم فقــــط00ولكن لكــل . . البســـطــاء00
مثلــــي تمـــامـــا00
محمد.. )
والآن إلى النص :
الرقم ( 14 ) 00
قصة قصيرة
دفعت براحة يدي اليسرى باب العيادات الخارجية للمستشفى العام فيما كانت يدي الأخرى تدفع عربة هديل نحو الداخل وسط تيار من الهواء البارد المنبعث من أجهزة التكييف ، ورغم أن المكان بدأ هادئاً والمراجعون قلة وكل في حاله إلا أنني شعرت وكأن الجميع يحدق بي 00لافائدة 00 لازال ذلك الرجل الشرقي يسكن داخلي 00!!
سرنا في الممر حتى توقفنا عند باب العيادة وقبعنا في غرفة الانتظار وأنا أتطلع في ملل إلى رقم بطاقتنا 0 ( 14 ) 00 رقم أحبه 00 و لا أريد أن يسألني أحد عن السبب 00
وحتى ذلك الحين لم تنطق هديل بحرف 00كنت أعرف ما يدور داخلها 00هي هكذا دائماً كلما جئنا للمراجعة 00 تشعر وكأنها قتلت جميع العالم 00 ورغم أنني أقدر مشاعرها إلا أنني أرى أنه يتوجب عليها تخطي هذه الشعور يوما ما 00سبع سنوات لا شك تكفي 00 ولكن من يقنع من أبتلي بشر المواهب !!
أذكر يوم تزوجنا 00كانت أياماً رائعة 00 كانت هديل خلالها نموذجاً للحب ، والمشاعر الدافئة ، ورقة الإحساس 00كانت كالغزال الشارد 00كان يمكنها أن تحضر لي ما أرغبه قبل أن أطلب ذلك منها 00نعم كانت تقرأ أفكاري 00تخطيت الكثير من التحديات والمصاعب بمساندتها ،00 لطالما انتزعت اليأس من أعماقي ، وزرعت الإرادة في نفسي 00أدين لها بالكثير 00 لم تفقد الأمل يوماً في تحقيق أحلامنا ، ولم تنظر لمن هم أعلى منا أبداً 00حتى عندما كانت تحدثني عن أمانيها وأحلامها ولو على سبيل المزاح لم تقل يوماً أنها ترغب أن تكون كفلانة أو تريد مثل ما ترفل فيه أخرى 00 حتى وقع ذلك الحادث 00 ولا راد لقضاء الله 00سقطت هديل سقطة مريعة من على درج المنزل وقال لها الأطباء أنها لن تمشي مرة أخرى 00حسب ما توصل إليه الطب في ذلك الوقت 00 قالوا لها ألا تفقد الأمل في الله 00 أبداً 00ومن يومها كان علي أن أرد لها بعض الدين 00 لم ننجب أطفالاً حتى ذلك الحين فقد كنت أرغب في تأجيل الأمر لكثرة سفري حتى إذا استقرت أعمالي وقررنا حدث ما حدث وهذه المرة هي التي رفضت 00 لها الحق أن ترفض 00 أذكر أنني عشت الشهور الستة الأولى بعد الحادث وأنا أحاول عبثاً أن أخرجها من أزمتها النفسية 00كانت دائمة البكاء 00منكسرة الخاطر كطائر جريح 00 أذكر أيضاً أنه في مرة المرات كنت أشاهد التلفاز عندما تذكرت أنها تنتظر مساعدتي في غرفة النوم وعندما وصلت وجدتها قد سقطت على الأرض وهي تحاول الصعود إلى عربتها 00 اعتصرني الألم وأنا أرقب بسمتها المتألمة بعد أن ساعدتها ، وتخطينا كعادتنا الموقف بسرعة فقد تعودنا على ذلك ثم جلسنا نشاهد نفس البرنامج معاً 00 كان برنامجاً مشوقاً عن الأطفال 00 وفيما اتخذت من قدميها وسادة لي سمعتها تقول : حتى متى ستصبر ؟ 00 كنت أعرف ما ترمي إليه فهي دائما تسألني حتى متى سأصبر على هذا الوضع ؟ كانت ترى أنني أضحي دونما فائدة 00 وقد تسألون لماذا لم أحضر لها عاملة منزلية ؟ لقد فعلت ولكنها كانت ترفض أن تساعدها في خصوصياتها أبداً 00كانت تريد منها أن تقوم باحتياجات المنزل الأساسية من أكل وغسيل وغيره 00
أجبتها في حذر : هذا السؤال مكرر ؟ 00 أنا ( مرتاح ) جداً هكذا 00
ووسط نشيجها الذي بدأ يتعالي قالت : صدقني لن يلومك أحد 00 سأقول لهم أنني أنا التي طلبت منك ذلك !!
قلت وأنا أنهض : أرجوك كفى 00 وقبل أن تضيف شيئاً أخر كنت قد أخذت الهاتف واتصلت بأمها وطلبت منها الحضور لمعاونتي 00
هكذا كنت أهرب من نقاشها المؤلم فأستعين بأمها لمواساتها 00كانت أسرتها المكونة من أمها وشقيقها الوحيد يشعرونني مع مرور الوقت أنه يمكنني 000 فقد بذلت ما فيه الكفاية 00 وأنه من الممكن أن تعيش هديل معهم 00 غير أنني أصررت على ألا تفارق هديل منزلها حتى الموت 00كنت أردد لهم أنني متأكد من أن الله سبحانه سيمن على هذه الإنسانة الرائعة بالشفاء يوما ما 00
كانت أكثر اللحظات ضعفاً في حياتي هي تلك اللحظة التي خضعت فيها لمحاولات أبي بالزواج من أخرى - بالمناسبة أمي ماتت منذ زمن بعيد – 00 كان أبي كثير التكرار علي وقبل أن تحكموا عليه بالقسوة فقد كان يصر في نفس الوقت على أن أبقى وفيا لهديل وأن تبقى هي الأولى في بيتها 00 في الطريق كان يتحدث عن وجوب الإيمان بالقدر وأن الدين الحنيف قد أباح التعدد في ظل الحاجة ولستر الإنسان 00 كان يتحدث وأنا لا أكاد أشعر به 00 عند محطة الوقود توقفت وعندما فتحت درج الكبينة تساقطت الكثير من الأوراق الغير مرتبة 00 تناولت بعضها ومن ثنايا إحداها سقطت ورقة صفراء قديمة 00فردتها فكأنما فردت صفحة من حياتي 00كانت من هديل قبل زواجنا بأسبوع فقط 00 لا أنس أنها تحدت إرادة أهلها في الارتباط بي 00 شعرت بالخزي وأنا أدير مقود سيارتي إلى المسار الآخر 00 وعند البيت أوقفتها ودون أن أشعر تركت بابها مفتوحا وهرولت إلى الداخل وأنا أفكر في هديل 00وعند التلفاز وفي نفس المكان وجدتها تطرز 00 يا للروعة 00لم أصدق حين تأملت المنديل الذي طرزت عليه أول حرفين من اسمي 00 وحين التفت رأيت سيارتي في نفس المكان غير أنني لم ألمح أبي داخلها 00
00 رقم ( 14 ) 00 رقم ( 14 ) 00 وكزتني هديل فأفقت ودخلنا إلى غرفة الطبيب 00 وحتى إذا لم يقل الطبيب شيئاً تبقين يا هديل حزءاً رائعاً من الصعب التخلي عنه في حياتي 00 ولن أفقد الأمل أبداً في شفاءك 00ولا يجب أن ينقطع ذلك الأمل في الله 000
هيه 00 هيه 00
00 انتبهت للمرة الثانية في حين ابتسم الطبيب وهديل تقول ماذا أصابك اليوم ؟! 00
------------------------------- انتهت