السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بدءاً اخوتي.. أود أن أطرح بين أيديكم سلسلة "من مجتمعنا".. هي ربما مجموعة كتابات تمس مجتمعنا السعودي ومنظوري الشخصي لها.. ولكنها ذات أهميه كبيره في صناعة الحاضر والمستقبل.. فاسمحوا لقلمي المتواضع بطرح أول عدد منها....
"سني\شيعي...؟!"
*كنت أتكلم معها.. وتحادثنا في مواضيع عده... فأخذت تحكي لي عن صديقةٍ لها بالمراسلة.. فتاةٌ أمريكية جميلة, من عائلةٍ كبيره.. ليست من الفتيات الأمريكيات اللاتي بلا قيم ولا أخلاق.. لا.. لقد جبلت هذه الفتاة على الأخلاقيات المسيحية العالية وربيت أفضل تربية.. أدخلها أهلها أرقى المدارس الكاثوليكية وعلموها الأصول كلها.. وأثناء حديثنا.. مرت فتاة نحيلة القامة حانية رأسها على إحدى الكتيبات تقرأها.. وإذا بمحدثتي تشير عليها وعلى وجهها نظرةٌ ساخرةٌ وتقول: "شوفي ذي.. شيعيه"........
صدمتني كلماتها.. ولم أستطع أن أقول شيئاً.. نظرت إليها و بعيناي مائتا سؤالٍ بلا جواب.. نظرت إلي وابتسمت ولم تعر نظرتي أي اهتمام.. أكملت حديثها عن صديقتها "المسيحية" التي تحبها كثيراً وتأمنها على الكثير من الأسرار.......
*فاطمة.. تعرفت عليها.. فتاةٌ إمارتيه "خفيفة دم".. جمعتني بها مقاعد الدراسة.. وشيئاً فشيئاُ.. توطدت علاقتنا.. أخذت تحدثني عن أهلها ومجتمعها.. هي ذات أصل إيراني.. أباها شيعي يصلي في مساجد السنه.. أمها سنيه.. أخاها الأكبر سني متشدد.. وهي ضائعةٌ لا تعلم أيهم تختار.. ففضلت ألا تكون أي واحدةٍ بعينها.. بل تأخذ ما تراه الأفضل من الاثنين.. لا تخجل من كون أباها شيعي وتتحدث عنه بانطلاق..
صديقة فاطمة كويتية.. شيعيه.. ولا تخجل من كونها كذلك.. بل وعندما تسألها, تجيبك بلا خجل.. فهذا دينها وهذه معتقداتها..
*كنا نتحادث أنا ومجموعة من الفتيات خلال السنة الدراسية.. وتنوع الحديث وتشتت.. وإذا بنا نتحادث عن إحدى الفتيات.. هذه الفتاة جاءت من المنطقة الشرقية.. وبالتحديد "على حسب علمنا مما قالت" من الدمام..
سألتني إحدى البنات: "هل هي شيعيه؟".. قلت أنني لا أعلم وسألتها لم لا تذهب وتسألها.. ضحكت ضحكة سخرية وقالت: "لم لا تسأليها أنت؟".. فوافقت وذهبت تلاحقني نظرات التعجب..
أنا: "أهلين.. كيفك؟"
هي: "تمام الحمد الله.. انتي كيفك؟"
أنا: "الحمد الله.. ممكن أسألك سؤال؟"
هي: "طبعاً"
أنا: "انتي من وين في الشرقية؟"
هي: "من الدمام"
أنا: "انتي سنيه ولا شيعيه؟"
هي (بنظرة لم أعرف أهي متفاجئة أم خائفة): "ليه؟!!!"
أنا: "بس سؤال.. ودي أعرف"
هي: "ليه يعني؟؟ تفرق؟؟"
أنا: "لا.. والله ماتفرق معاي.. بس مجرد لقافه"
هي (بغضب): "أنا سنيه"
تعجبت من أسلوبها.. وفي داخلي دار ألف سؤال.. كان على رأسها السؤال "لو غضبت من سؤالي؟!!"
عدت إلى المنزل ووجهي يحمل علامة استفهام كبيره.. قبّلت أمي على جبينها وجلست أقلب أفكاري.. سألت أمس عما يشغل بالي.. فأخبرتها بما حدث..
وبختني كثيراً.. "يامجنونه.. مافيه وحده تسأل الناس سؤال زي كذا"..
"يمه.. بس فاطمة الاماراتيه عادي عندها.. تقول.. وكمان صاحبتها الكويتيه"
"يا حبيبتي.. في السعوديه غير.. يمكن في الامارات والكويت عادي يقولون.. بس هنا لأ"
"بس مني فاهمه ليش؟!! كلن له دينه وله معتقداته!!! وليه يعني؟"
عندها.. دخل أخي الغرفة وسأل عن موضوع النقاش.. فأخبرته.. سألني عن عائلة الفتاة.. فأخبرته.. ضحك وقال: "هذي من أكبر العوايل الشيعيه في الشرقية.. ومتشددين كمان".. تعجبت كثيراً لأن الفتاة كذبت على وقالت أنها سنيه.. فأخبرني أخي أن الشيعيين في السعودية لا يخبرون السنيين عن مذهبهم ودائما يتظاهرون أمام من لا يعرفهم بأنهم سنيين عندما يٌسألون خوفا من أي آذى قد يلحقه بهم سنيّ..
*مرت الأيام.. وضل السؤال يحيرني..
لم نصادق المسيحية واليهودية والشيوعية والبوذية وغيرهم الكثير ونحبهم ونعتبرهم من الأصدقاء ونأتمنهم أسرارنا.. بينما نحتقر الشيعية التي دينها نفس ديننا ولكن معتقداتها مختلفة عن معتقداتنا؟؟
أليس الله إلهنا كلنا؟ أليس محمد (عليه أفضل الصلاة والتسليم) نبينا؟ ربما بعض مبادئهم تخالفنا.. لكن هذا لا يعني أن نقلل من قيمتهم أو نجعلهم يخجلون من الإفصاح عن هويتهم وعما يؤمنون به.. أو حتى الكذب في ذلك!!
أنا لا أتكلم هنا عن مبادئ دينيه.. ولكن عندما تحب الواحدة منا صديقة مسيحية وهي في الأساس لا تقيم الصلاة ولا تقرأ كتاب الله.. ثم.. وبكل وقاحة وكبرياء.. تشير إلى واحدة ملتزمة بدينها وتقيم فروضها على أكمل وجه وتقول عنها أنها "شيعية" بكل احتقار..!! ألا يجعلك هذا تعيد التفكير؟؟؟
إذا كانوا هم مؤمنون بمذهبهم ومعتقداتهم.. فمن نحن لنحاول أن نجعلهم يتخفون خلف رداء مصنوع من الأكاذيب؟؟
ألم يكن من الأفضل لو لم تكذب علي تلك الفتاة؟ ألم يكن الأجدر بها أن تخبرني أنها شيعية؟ لقد وضعت عليها علامة (X) حمراء كبيرة فقط لأنها كذبت بشأن مذهبها.. معتقداتها.. هل يعني هذا أنها تخجل منهم ومِن مَن تكون؟ أم ماذا؟
إلى متى سنستر في هذا؟ ألسنا كلنا مسلمون؟ ألا نتبع كلنا لواء التوحيد؟ فإلى متى سنستمر في طغياننا؟