الغصن (15)
هكذا صفحاتُ الأيام في كتابها......
الحبرُ بحر .
والسطرُ الواحدُ......دهر .
ليتني ياليتني كنتُ السطر......
وياليتني بالتأكيد الحبر .
(16)
في أحدالأيام _ رغم الاّ أحد في أيامها ، فكلها يومٌ طويل ، يجمعهُ
حزنُ الصورة ، تكرِرُهُ صور الحزن ، وقبل دخولها صومعة النسيان الوجودي
لتغيبَ حضوراً ، ولتحضر غيابا _ مُزِّ قَ زهرُ الياسمين !! . وسقط
وسقط ميتاً بروحهِ العطرة على الأرض، إنَّ يداً عابثةً قتلته .
إنَّهُ عدوُّ الطبيعةِ ، الإنسان .
و.................
ربما كان سائبة المكان . ولكن مهلاً أيها الاتهام :
هناك نقشٌ مكان الزهر !!
إنَّهُ تهديد :
أنْ ارحلي عن المكان .
(17)
طال الوجوم ، لم تعِ ماكان أذْناً صاغية ؛ فأعشار قلبها تتآكلُ لظىً على
الفاعلين ؛ فدواخلُها يسكنها الإخلاصُ الدفين . لقدسمَّي الدمُ في
جسدها إخلاصا ، وسمِّيتْ كرياتُ الدم الحمراء الناقلة أوراقا .
وَوُضِع عند مداخلِ أوردتها لافتةٌ كُتِبَ عليها :
[ أملاكٌ خاصةٌ ] .
(18)
سقتْ الماء ، ودعتْ الله في السماء ، دعاءً خفيا ، وحملتْ الزهرَ
دفناً في مكانٍ أمين . ثُمَّ نامتْ تحت الشجرة ؛ لعلَّ
من يتوعدُها يُبين .
(19)
سافر عنها المكان ، ثمَّّ عاد كأنما رُشِيَ حفنة من الجنيهات الذهبية ؛
فقراً للأماكن .
استفاقتْ وكأنهامااستفاقت ...........
يالسخرية الأقدار........
زهْرُ الياسمين نبت من جديد ، أبداً وكأن مكانهُ لم يُكتَبْ تهديد .
لقد دفن الزهْرُ الكتابة ، وشذاهُ أصبح أكثرَ أريج .
(20)
غريبٌ الياسمين !!
مثْلُ البشر الطامحين ؛ لايقْبَلُ الضلم ، أو الأمر المهين .
ولكن كيفَ يتحدى النباتُ إنسانَ ؟
إنَّ الياسمين لم يمتْ بموت الآخرين ؛ فمادامت الحياةُ باقية فلابُدَّ أنْ
نعيشَ ياسمين ( صامدين ) .
هذهِ فلسفةُ الحياة : من العارِ أنْ تنتهي الحياةُ بنا ، عند أول محطةٍ
للحزن أو الرحيل ، إنَّهُ الأمر الذي لايقبلُ أنصاف الحلول . أحبابُنا نفديهم
بأرْواحنا ، ولوخيرونا بين بقائنا وبقائهم ، لاخترنا بقاءهم ، والعكسُ صحيح
فهم لم يرضوا بموتنا بينهم ، فكيف يرضونهُ بعدموتهم (( إنها الأمانيُّ
الجسام للحياة )) .
(21)
أخذَ الأسى منها ما أخذ.......
تجرحتْ أكثر........
(22)
ماتتْ الشاعرة .
(23)
وبعدما بكى الصباح.......
وهاجر الطيرُ البراح........
ونامَ من الثَمْلِ........أصحابُ القراح .
سُئلَ عن الجريحة..........
كعادتها تحتَ تلك الشجرةِ طريحة.......
لكنها اليومَ.........لارؤية .
فقدتها مجالس الضحى .
(24)
وبدأ الفقْدُ في سؤاله........
وجرتْ الخواطرُ يمنةً ويسرةً لمناله .
وصل المكان..........زُمرةُ القوم .
تناقلوا ....قالوا......:
نبضها لم يُغادر إلا منذُ هوينات نراها فيها.
ولايُوجد مايدلُ على القتل ؛ فلآ آثارَ على الأرض ، ولا آثارَ في جسدها .
(25)
وبعد أنْ هدأ غبار الكللام......واستقر الحال بموتها .
قال أحدهم _ كأنهُ ساخرٌ أو قل إن شئتَ أكلتهُ الغَيْرة _ :
ادفنوها في جذع شجرةٍ بقربه.....
ولكن لاأشجارَ بقربهِ .
قال آخر : ادفنوها في جذور شجرتهِ .
لكن نخافُ الجذور أن تموت .
قال خامسٌ _ بعد طفح كيل _ :
نفتحُ قبرهُ ونضعُها معه .
ولكن كرامةُ الميت محفوظةٌ بعد موته ، فلا تعدٍّ على حقوقه .
وما الحلُّ إذاً....؟
(26)
حضر شيخُ القبيلة.....توحَّد الرأي
ادفنوها قريباً من الشجرة ، في مساحات الظلال .
رحل الجميع ،حتى صويحبات الضحى .
وبقي السؤال :
هل ماتتْ مقتولة ؟
ولكن من الذي قتلها ؟
هل هو صاحبُ التهديد ؟
نعم . لقد ماتت مقتولة .
نعم . لقدقتلها صاحبُ التهديد .
ولكن من هو صاحبُ التهديد ؟
هذا هو السؤال الذي لايعرفهُ أحد.
هذاهو السوال الذي لايعرفهُ غيرُ زهر الياسمين .
تمتْ .
(( وهانحنُ نصلُ الجذع ........وداعاً لروحي )) .
الفصل السابع والعشرون لا دعوة أن تروه ........مأتمٌ للأغصان )) .
وذهب الصوت . بقي لكم الصباح .