نَضُبَتْ بوادي حُسْنِها أنهاري

وَ تستَّرَتْ بجمالِها أسراري

سجدتْ أحاسيسي لنورِ بريقِها

و اعْشوْشَبتْ في حُبِّها أفكاري

و تشرْنقَ الشِّعْرُ الكسيرُ أمامَها

و الوجدُ يضرِبُ فيهِ كالأعْصارِ

هبطتْ على الشفتينِ أخْيُلةٌ حَوَتْ

همْسَ النَّسيمِ و رَونقَ الأزهارِ

تلكَ السماءُ صفاؤها من وجْهِها

فيها أراها فَهْيَ شمْسُ نهاري

فالعينُ أبهى من ضياءِ هجيرِها

و أرقُّ مِنْ ترنيمةِ الأمطارِ

تلكَ العيونُ السُّودُ ضاهتْ أنْجُماً

تستلُّ نورَ الشَّمْسِ كالأقمارِ

هذا الضِّياءُ رشفْتُهُ منْ وجْهِها

نوراً تلألأ في ظلامِ الساري

و الليلُ في الجفنينِ يخبو نورُهُ

و ضياؤهُ ينأى عنِ الأنظارِ

يا بهْجةَ الأحلامِ في تحقيقِها

يا عُمْرَ عُمْري ، يا عطاءَ الباري

أنا إنْ تناءيتِ استفاضَ بيَ الأسى

و تراكمتْ بدفاتري أشعاري

أنا زورقُ الآلامِ حطّمني الأسى

و أخافُ منْ خوفي من التيّارِ

إنّي لأشعرُ أنَّني متنقّلٌ

حتّى البحارُ تملُّ منْ أسفاري

شطّتْ بيَ الدُّنْيا و أرزتني فهلْ

سيُعيدني دهري لِحُضْنِ دياري

هذا قطارُ السَّعْدِ ولّى مُسْرِعاً

و اخيبتاهُ على رحيلِ قطاري

ما لي أذوبُ و لا أتوبُ من الهوى

و كأنَّ هذا الحُبَّ صارَ شعاري

عنّي سلي النَّجْماتِ كمْ سامرْتُها

و الليلُ داجٍ شاحبُ الأخبارِ

و الصُّبْحُ ناءٍ عنْ عُيونٍ تستقي

زهْوَ العطاءِ و ذُلّةَ الأعذارِ

فأنا شريدٌ .. تائهٌ .. مُتشتِّتٌ

أبكي و تبكيني بِهجْرِكِ داري

هذا الجفاءُ أهابُهُ فخواطري

تاهتْ بِهِ و تجمّدتْ أحباري

أفنيتُ عُمْري قبلُ في حِصْنِ الهوى

فأتى الغرامُ مُحطِّماً أسواري

فأزالَ أقْنِعتي و أشْعلَ صبْوتي

و أزاحَ عنّي لعْنةَ الأستارِ

كُلُّ القراراتِ انطوتْ و تناثرتْ

و الوجْدُ أصْبحَ في هواكِ قراري

هذا الهوى لسواكِ لا أضفي بهِ

و لغيرِ ساحلِهِ تجفُّ بحاري

و بغيرِ حضْرتِهِ تموتُ خواطري

و ستنضبُ الومَضاتُ في أنواري

آهٍ لِصَرْحٍٍ شيّدَتْهُ قلوبُنا

يوماً ، فذبتُ لمجْدِهِ المُنْهارِ

ولّى الربيعُ مُلمْلِماً أزهارُهُ

و الطيرُ ما عادتْ إلى الأوكارِ

ما أنتِ في ظنّي ؟ هناءٌ أمْ أسىً

أمْ لعنةٌ هبطتْ منَ الأقدارِ ؟

لفحتْ فؤادي نارُ هجرِكِ فارحمي

صبّاً يلوذُ من الصلى بالنارِ

لكِ مرقدٌ بينَ الجوانِحِ خِلْتُهُ

و أَحَبُّ ناسي يرقدون جواري

هذا أنا بطهارتي و نذالتي

فتقدّمي قولي و لا تحتاري

أنا مؤمنٌ أنَّ الصُّعوبةَ في الهوى

لا تنطوي من قبلِ أنْ تختاري

فأنا رضيْتُ بسُخْطِكِ العاتي و قدْ

نحّيْتُ عنكِ سياسةَ الإجبارِ

وقضمْتُ قيْدَكِ في الهوى فتمرّدي

ضدّي أنا في ذُرْوةِ استعماري

فالحبُّ أطهرُ منْ عفونةِ أحرفي

و توجّسي من سطوِهِ و فراري

ما لي ابثُّ توجّعي و أنا أرى

أنَّ الحلاوةَ في مرارِ مراري

أ حَسِبْتِ شِعْري حيلةً و خديعةً

و خواطري نوعاً منَ الأسحارِ ؟

تلكَ الحروفُ سُلافةُ الحُبِّ الذي

يبقى بعونِ الواحدِ القهّارِ

فلرُبَّما أُفْنى و يبقى دفتري

يهَبُ الصَّبابةَ مُكْملاً مِشْواري

شرفٌ هوايَ و منْ يَصِفْهُ دعارةً



سيرى العفافَ مُبطّناً بالعارِ








فراس القافي




1998