في هذا الزمان ..
ومن بين خضم هائل من العلاقات علىاختلاف مصالحها ..
يبرز الصدق ليحطم كل المشاعر المزيفة ..
ويلوح الوفاء مشهرا سيفه بقوة في وجوه كل نذل وخائن ..

نعم .. من بين حنايا الأخوة الصادقة سرى في ذاكرتي طيف لهما ..
فأنتشق عبير الصدق من علاقتهما ..
وأتمنى عيشة نعِما بها !!..

إنهما (ناصر) و(فاضل) ..هل تعرفونهما ؟
هل سمعتم عن أسعد أيامهما !!

إن لم تكونوا قد سمعتم فاسمعوا ..


***********
(ناصر) شاب ذكي ..محبوب عند كل من يعرفه ..
تتطاير نخوة الرجال من عينيه ..
يقتل بصدى صوته كل باطل ..

سمع عن صرخات الألم من أرض بعيدة ..
وما يضيره أليست تلك الديار بعيدة ؟

إذن لماذا يخشى على نفسه ..ولماذا يتفجر الغضب والحمية؟ ..
اليس في أمن .. وسلام ..
أليس عنده كل ما يشتهيه من الطعام ..!؟؟
أليس ينعم بين والديه ؟؟

لماذا إذن يتفجر الغضب في قلبه على حال
أولئك الناس في ديار بعيدة,, بعيدة !!!


هذه الأسئلة يسألها كل من لا يعرف (ناصر)!!


ما كان لينعم في زمن تسلط فيه الباطل على إخوانه في
الدين .. واشهر الظلم سيفا حاقدا عليهم ..!!
رفض والديه الالتحاق بتلك الصفوف التي يرتفع
الحق قويا من بينها .. فلم يكونوا ليطيقوا فراق
ابنهم الحبيب (ناصر) .. ولكن أنّى لنفس عشقت الحرية أن تلين ..
فلم يتواني ولم ييأس ..!!

حاول وبشتى الوسائل لاقناع والديه .. لاتنتهي أمه من الصلاة
إلا وهو بين أحضانها يبكي كالطفل لتأذن له بالالتحاق
بتلك الصفوف .. يلومها لن تدفعي عني الموت
ولو كنت بين يديك .. بدون جدوى ..!!


في يوم من الأيام يعود (ماجد) أخو (ناصر) من المدرسة
حاملا حقيبة (ناصر) .. أين ناصر يا(ماجد) ؟
يطمئنهم أنه في وليمة غداء وسيعود بعد فترة ..
تمضي الدقائق .. الساعات .. يكاد اليوم ينتهي!!
لم يعد ناصر .. يسال الوالدان (ماجد) أين أخوك ؟
لا يجيب ..

وتاتي الإجابة من صوت الهاتف !
إنه (ناصر) .. تسأله أمه بكل لهفة: أين أنت يابني ؟؟
لماذا تأخرت ؟ لماذا لم تعود ..؟؟

يرد بكل اعتذار : آسف ياأغلى إنسانة ..
ياوالدتي العزيزة لا أظن أني سأعود مبكرا ,,
هذا لو كنت سأعود ..
تسأله : ماهذا الذي أسمعه ! أين أنت ؟ ..
فيرد : إني في مكان يرتفع فيه الحق بدون تردد ,, صدقيني
أنا سعيد في صفوف أحبها الله تعالى .. لكن سامحيني وادعي
الله لنا بأن يسدد الرمي والرأي .. //

نعم لقد طار إلى حيث تحب نفسه .. ويعشق إيمانه ..
مضى مع رفيق دربه وصديق عمره (فاضل) لقد أخطأ بدون
إذن والديه لكن.... لعلهم رضيا فيما بعد !!

وصل (ناصر) و(فاضل) إلى ديار نغماتها ليس مثلها في أي مكان ..
وعبيرها من مسك ليس في الدنيا مثله .
فعطر الناس من فلّ وورد * تُطيب منه أنسام الأثــير

ورائحة الدخان لهم عطور * فاطيب بالدخان شذا عبير..


وتتوالى الرسائل إلى ( ناصر) من والدته .. تحننه عليها علّه يعود .. :
(مازلت أذكر في الرسالة قولها ) * عد يابني ألا رحمت فؤاديا!!!

ولكن هيهات أن يتراجع بعد ان باع الدنيا .. أماه ..
ياملكة الروح .. ياأميرة قلبي .. :
أماه قد عز اللقاء تصبـــّري * ماكان قلبي ياحبيبة قاسيــــا..

أماه دمعي قد تحدّر جاريــــا * لا تحسبي أني تركتك جافيــــــا !!

كيف السبيل إلى الرجوع وديننا * يصلى الهوان فكيف أنسى ثاريا..

فلا تملك إلا أن تدعو له بالتوفيق والسداد وترضى عنه ..


تمر الأيام و(ناصر) ينعم بحياةالأبطال ويعبق بشذا
الإخاء مع أخيه في الله (فاضل )//ولكم أن تتخيلوا مدى
سعادة حياة في جناب الله تعالى .. بعيدة عن كل زخرف زائل
..الجميع روحه يفدي بها أخيه .. ينثرون الدماء في الهواء
بكل بهاء وسعادة .. لعل الله تعالى يتقبل الفداء ..

وبينما كانت الطلائع تسير وطأت قدم (ناصر ) الثابتة
على مكر دفنه خبيث في الأرض ..
فتتفجر الجروح .. وتسيل الدماء ..
و ينظر بنور الحق من عينيه إلى رفيق دربه (فاضل )
بعدما حمله على عاتقه .. ويسأله : يافاضل ..
أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (من كان آخر كلامه
من الدنيا لاإله إلا الله دخل الجنة )؟؟ فيجيب ( فاضل ) بأن نعم ..
فيرتفع بها صوت (ناصر ) في آخر أنفاسه ..
لتخرج الروح الطاهرة تنعم بشهادة في سبيل الله تعالى .....

سقت الغوادي قبر ناصر بكرةً * وعشيةً جاد السماء بمائه..


تنتهي مهمة أولئك الأسود في تلك الديار ..
بعد أن قام انتهى دور الأشاوس فيها ..

يعود (فاضل ) إلى بلده لكنه بدون (ناصر ) ..
أي حياة يهنأ بها دون نصفه الآخر ..؟؟
ينظر يمينا هذامن (ناصر) .. وشمالا هنا كان يجلس (ناصر) ..
كل طيف يذكره بصورة صديق عمره وأخيه في الله ( ناصر ) ..
لم يقر له قرار .. ولم يتلذذ بعده بنوم :

أأعيش بعدك ناعما متنعما .. أأبيت بعدك مغمض الأجفان؟؟!


ولكن هكذا الحياة .. ينطلق الاستنجاد من مكان آخر في ديار أخرى ..
لا يصدق مسامعه (فاضل ) هل جاءت الفرصة مرة أخرى
لأنعم بحياة في صفوف الحق .. هل ثـَم أمل للحاق بـ(ناصر) ..!؟

طار بسرعة البرق .. وتمر الأيام هناك والشوق يقطع أحشاءه ..
والمنايا تتحول إلى أماني ...
وينفر النفير في أحد الأيام ليكون (فاضل) أول الراحلين ..
ويُسمع في لحظاته الأخيرة
بعد أن اُصيب وهو يزحف على بطنه يقول :

(( اللهم إني أحتسب نفسي عندك اللهم فتقبلها مني ياأرحم الراحمين ..//))
وتعلو محياه ابتسامة عذبة .. شاهدة على صدق الفداء
/ ولا نزكي على الله تعالى احد /
ويعبق المكان بمسك الشهادة في سبيل الله تعالى ..
ويلحق الأخ بأخيه.. وتصبح الأرواح على اتصال ...



لله دركما ..
أأحسدكما على أخوة في الدين تنالان بها ظل العرش يوم الحشر ؟؟
أم على شهادة في سبيل الله تعالى تسموان بها
في أعالي الفردوس مع النبيين والصديقين والشهداء
وحسن أولئك رفيقا....

رحمكما الله تعالى وتقبلكما في الشهداء ..

*******
<<القصة وقعت في هذا الزمان ..
وليست من نسيج الخيال ..

فقصة ناصر المطيري وفاضل العنزي حقيقية ,,
وأنا شخصيا قريب الصله بأحدهما رحمهما الله تعالى >>

*******



* جيــــــــــــاد *

// كتبت القصه كما وقعت ..
وإن كان في الخروج للجهاد بدون إذن الوالدين تفصيل ونظر ..//