السلام عليك أختي الكريمة نبض العلم..
يقول الله تعالى:"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون", وابن باز – رحمه الله- لا شك أنه من أهل الذكر الذين أمرنا بسؤالهم, وأنت إن اعتقدت ما أفتى به الشيخ فقد أديت ما عليك.
ونصيحتي لك - إن لم تكوني مؤصلة شرعيا- ألا تقرئي لهؤلاء الذين يكتبون في بعض المنتديات, ويظنون أنهم بتصدير كلامهم بالبسملة والحمدلة أصبحوا من أهل العلم, وهم أبعد الناس عن ذلك. أي علم, بل أي أدب, من يعنون على موضوع ب"صب القاز على فتوى بن باز"؟!, هل هذا هو الأدب الذي أمرنا به مع العلماء؟! هل هذا هو الأسلوب العلمي الذي يناقش به الناس بعضهم بعضا في مسائل العلم والشرع؟! فضلا عن مناقشة العلماء؟! يا أختي الكريمة هذا المعترض لا يحسن أن يكتب: "إن شاء الله", فكتبها:"إنشاء الله"!, هل هؤلاء مؤهلون للرد على العلماء؟! وهم لا يحسنون أبجديات اللغة العربية. وقد تبين من اعتراضه أنه ليس أهلا لذلك, فلا تلتفتي لهؤلاء الناس, وخذي العلم من أصوله, وهي متوفرة ولله الحمد.
والقول بأن والدي النبي عليه الصلاة والسلام ناجيان, هو قول الصوفية الذين أدى بهم غلوهم في النبي عليه الصلاة والسلام, إلى الغلو حتى في أبويه, والزعم بأنهما ناجيان, مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قد نص صراحة على أن أباه في النار, وأن الله لم يأذن له بالاستغفار لأمه, وهذا - كما ذكر الشيخ- إما أن يكون لأنه قد علم عليه الصلاة والسلام بقيام الحجة عليها, فتكون من أهل النار لأنها لم تستجب وماتت على الكفر. وإما أن يكون - كما ذكر الشيخ أيضا- لأن من أحكام الكفار الدنيوية أنهم لا يستغفر لهم, لأن الظاهر لنا أنهم ماتوا على الكفر, ولم نكلف بغير الظاهر, وأمرهم في الآخرة إلى الله, وهو أعدل العادلين, وأرحم الراحمين سبحانه, ولن يعذب أحدا على شيء لا يستحقه.
والشيخ قد وضح بأن قول الله تعالى :"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا", معناه أن الله لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة, وهذا شامل لأهل الفترة وغيرهم. والشيخ قد جمع بين الآية والحديث بأحسن ما يكون الجمع: فإنه ما دام قد تقرر أن الله لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة, وأن أبا النبي عليه الصلاة والسلام في النار؛ فإنه لا بد أن تكون قد قامت الحجة على أبيه, وبهذا لا يكون من أهل الفترة الناجين؛ إذ من أهم ما يميز أهل الفترة هو عدم قيام الحجة عليهم ببعث رسول لهم, وأبو النبي عليه الصلاة والسلام لعله قد قامت عليه الحجة – كما ذكر الشيخ- بما بلغهم من دين إبراهيم عليه السلام, وهو رسول كريم, يدخل تحت الآية السابقة, فإن الله قال:"رسولا", وهذا يصدق على أي رسول, وبهذا تتفق الآية والحديث, ولا يكون بينهما تعارض.
أما هذا المعترض, فإنه استدل بعموم الآية على نجاة أبي النبي عليه الصلاة والسلام لأنه من أهل الفترة, مع أن العبرة هي في قيام الحجة, وقد أوضح الشيخ كيف يمكن أن تكون قد قامت الحجة على أبي النبي عليه الصلاة والسلام, وأغفل المعترض النص الخاص في المسألة, وهو نص النبي عليه الصلاة والسلام على أن أباه في النار. فأي القولين أولى بالصواب: قول الشيخ الذي أعمل كل النصوص في المسألة, أم قول هذا المعترض الذي أخذ من النصوص ما يؤيد قوله, وترك ما عداها؟
فكلام الشيخ واضح ولا غبار عليه, وهو ما قرره أهل العلم في هذه المسألة, أما كلام هذا المعترض - الذي لا نعرف له عينا ولا حالا- ففيه أكثر من إشكال.
أعود وأقول: دعيك من هذه المواقع المشبوهة أختي الكريمة, التي لا ترقب في عالم إلا ولا ذمة, بحجة أن العلماء قد ردوا على بعضهم بعضا, وأنهم رجال ونحن رجال, ونحو هذا الكلام, وإن رأيت ردودهم واعتراضاتهم وجدتيها خالية من العلم المؤصل, وهو الأهم, ومن الأدب المطلوب, وهو أيضا مهم. وأقبلي على المواقع المعروفة, وإلا فإنك ستجدين من هذا "التشويش" الشيء الكثير.
والسلام عليكم.