تاريخ التسجيل :
Apr 2007
رقم العضوية : 22810
الاقامة : الاقامه من حق المؤذن
المشاركات : 644
هواياتى : مكابده الاصحاب بالركب عند حلق الذكر
MMS :
الحالة
غير متصل
معدل تقييم المستوى : 46
Array
بوش وهذا الخطاب
الرئيس بوشْ كانَ يشعُرْ .. أنَّ الزوالَ أقربْ !
مهنَّـا الحبيل : بتاريخ 18 - 5 - 2008
لا أدري ما الذي حملنيْ وأنا أتأمَّل خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش بثوبه الصهيوني الفاقع في الكنيست الإسرائيلي مساء الخميس الماضي للاحتفال بالذكرى الستين لاغتصاب فلسطين التاريخية ونقلني ذلك التأمل إلى التاريخ العربي القديم وتحديداً الوقوفْ عندَ شخصية زعيم يهود بني النضير في المدينة المنورة حيي بن أخطب .
ربما أن مفاصل حديث الرئيس الأميركي معَ مفاصل الوقائع التاريخية في مواجهاتْ المجتمع العربي معَ اليهود المحاربين قديماً وحديثاً أعطت تلك الدلالات قد يراها البعض متناقضة وقد نراها نحن متوافقة ولكن خارج إطار الصورة التقليدية .
أما الموقف التاريخي فهو معروف بأن حيي بن أخطب زعيم يهود بني النضير حرَّض بني قريظة على نقض العهد والتخطيط العسكري لاستهداف الرسول صلى الله عليه وسلم والمجتمع المدني الإسلامي بمحاولة اغتيال للرسول الأكرم و بمساندة الحراك العسكري الذي نفذته قريش من خلال محاصرة المدينة المنورة هذا التحريض جاء في وقت شعر فيه يهود بني قريظة بأنهم في حالة حرج شديد لاضطراب الأمور من حولهم في حال نقضوا العهد وحاصرهم المجتمع العربي الإسلامي خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم والمجتمع المدني الإسلامي قدَّم لليهود كل فرص التعايش والشراكة في بناء الدولة المدنية الإسلامية بل والتزمَ لهم بأن ما عليهم على المسلمين ومالهم للمسلمين كما نصت على ذلك وثيقة المدينة التاريخية .
لكن الأمرْ عند أولئك اليهود المحاربين كان على خلاف هذه العهود وهذا التسامحْ من الرسالة الإسلامية الكبرى ولذا فقد نفذّوا العديد من محاولات الغدرْ والتواطؤ السياسي والعسكري لتفتيت الدولة الإسلامية وتصفية قياداتها أما حديث حُيي بن أخطبْ زعيم بني النضير وقد أجلي بعد خيانتهم إلى خارج المدينة لكنه عادَ متخفياً وأخذ يُحرِّض زعيم بني قريظة كعب بن أسد رغم شعور بني قريظة أن البؤرة الجغرافية التي يعيشون فيها ستكون مهددة لو كرروا نقض العهد مع المسلمين إلا أنَّ إصرار حُيي بن أخطب واستحضاره للنصوص التوراتية المحرفة وذات البعد الأيدلوجي العقائدي العميق ثم التزامه لكعبِ بن أسد بأن يكون معه في ساعة العُسرة جعل بني قريظة يُقدمون على ما أقدموا عليه والذي كان بالفعل سبب زوال شوكتهم وتصفية بؤرتهم الجغرافية بعد خيانتهم العسكرية في ظهر المسلمين خلال غزوة الأحزاب إلا أن التسامح الإسلامي في نظام الحروب بعد محاسبة المقاتلة أمَّن كلَّ المدنيين من العقاب المعروف للخيانة العظمى وخرجوا سالمين .
ربما المقابلة كانت في تحريض الرئيس الأميركي للإسرائيليين بالتقدم نحو الحروب وخاصة العدوان على غزة والتغوُّل في قتل المدنيين أو الحرب على لبنان وقد كان القوم يشرقون به في كل لحظة وقد اصفرَّت وجوههم رغم غبطتهم به وتصفيقهم الحاد والهستيري لهذا الصهيوني الفريد الذي جاءَ لضمان أمن إسرائيل وشتمَ من على منبرهم حماس والجهاد الإسلامي والقاعدة .
ولربما تسائل البعض أي مقاربة نتحدث عنها وقد تمكن اليهود من اختراق الاقتصاد الخليجي والهيمنة السياسية الاستراتيجية على النظام الرسمي العربي مع مشاريع إسناد ضخمة لهم ولواشنطن تبدأ من الإعلام والنفط العربي ولا تنتهي بالسلاح الاستراتيجي الداعم لهم لكن الحقيقة التي يُدركها الرئيس الأميركي والأصدقاء الصهاينة في واشنطن وتل أبيب معاً بأن مسار الحرب والمواجهة مع الأمة العربية قد انكسر بالفعل صعوداً لمصلحة العمق الإسلامي وهبوطاً لضمان أمن إسرائيل بل لضمان مجرَّد وجودها .
هذا الاهتزاز والرعب الذي ملأ صدور اليهود الصهاينة وحلفائهم لم يكنْ من خلال الضجيج من أي طرفٍ آخر يتصارع معهم أو يتوافق لمصالحه الإقليمية التوسعيه ولكنه عبر خط صعود ثابتْ في ذلك الانكسار مثَّل حالة تقدم مضطردة في إعادة بناء مفهوم ومنهاج المقاومة الإسلامية في الوطن العربي كانت صدارته وبلا تردد لدى حماس ومن ثمَّ المقاومة الإسلامية الوطنية العراقية ومن يهتدي بهديهم .
لقد شكلت الصدمة النفسية للصاروخ الذي أطلقته ألوية الناصر صلاح الدين والجبهة الشعبية القيادة العامة فاخترقَ الهدوء اليهودي في عسقلان رسالة رمزية مؤثرة لمعنى هذا التصاعد الاستراتيجي في حضور المقاومة في المشهد الأمني الإسرائيلي الذي ظنَّ منذ مؤتمر مدريد 93 والنظام العالمي الجديد الذي بشر به الرئيس الأميركي جورج بوش الأب أن مرحلة الدفاع عن الكيان الصهيوني في فلسطين المغتصبة عام 48 قد ولَّى وأن الحلف الصهيوني الأميركي إنما يطرح إعادة توظيف حدود الرابع من حزيران 1967 بعد قضـم مساحات شاسعة منها وسحب أي مقومٍ حقيقي للدولة الوطنية السيادية وبعد كل ذلك يبدأ الحوار مع العرب على ما تبقى ما الذي من الممكن أن تتصدق به واشنطن وتل أبيب إلى أصحاب الأرض.
لقد أضحت قضية العودة في الضمير العربي وفي الحراك الضخم للمجتمع المدني الفلسطيني والقومي والإسلامي خطاباً هادراً في الشارع في ذكرى النكبة بل أصبح الحديث عن أنه لا معنى للتحرير إلا بالتحرير الأكبر لفلسطين التاريخية والقدس كل القدس عقيدةً يُجَدد التبشير بها هذه الأيام في أوساط الشباب والأطفال من أبناء الشعب العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً.
هذا السيل الهادر من الجموح المعنوي والمراجعة التاريخية وتكرّس الموقف الأيدلوجي الإسلامي الصلب في الضمير العربي معَ كل مخالفات المشهد السياسي المنهزم للنظام الرسمي العربي إلا أن هذا البعد أضحى وجدانياً بعبعاً مخيفاً لتل أبيب وشركائهم في الكارثة في واشنطن وإن طافَ كاهن الصهيونية الأكبر بالعربِ بعد وعوده التوراتية في فلسطين فستبقى الحقيقة الممثلة على الواقعْ في هذا التصاعد التاريخي لمعركة العودة الكبرى حالة فكرية ووجدانية وسياسية شعبية لم يسبق للوطن العربي أن عاشها منذ نكسة حزيران .
ولا بد من أن نسجل الحقيقة بأن الفضل لتلك المعاناة والدماء من أبناء الشعب الفلسطيني التي دعمت المشروع التحرري المركزي لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين حماس فقد كان موقف حماس العسكري والأيدلوجي والتضامني مع الأمة الركيزة الاستراتيجية وقاعدة الانطلاق للبعث العربي الإسلامي الجديد نحو الإيمان بالتحرير الأكبر .
ومن وراء هذا السياق مواقف ونضالات عديدة للقوى الفلسطينية الأخرى من فصائل المقاومة والكفاح السياسي ومن الحراك الثقافي الضخم لفلسطيني المهجرْ الذين قفزَ إنجازهم تاريخياً منذ تحرير القرار الفلسطيني والرأي العام من هيمنة مشروع أوسلو الآثم .
ولذا فإن الرجل وإن كان تلبَّس بثوب الصهيونية الدينية ووعوده التوراتية وهو يطمئنهم ويحرضهم على الحرب وهو في قرارة نفسه وأهم من ذلك في الضمير الجمعي لليهود المحتلين قد باتوا أكثر من أي وقتٍ مضى يستحضرون عواقب ما فعلوه بالملايين من الأطفال والنسوة والعجزة الذين هُجّروا من فلسطين وقتّلوا وشرِّدوا ليستعمر أرضهم المشروع الصهيوني البديل للأرض والتاريخ والإنسانْ فباتتْ أفئدتهم فارغة يحسبون كل صيحة عليهم .. فيخدعون أنفسهم بخطاب حيي بن أخطب الجديد .
