-
عن الكتابة ....
لاشك في أن السبب الرئيسي في عدم اتخاذ الكتابة هواية عند الكثير
من الشباب يرجع إلى الفكرة التي يذيعها بعض الكتاب عن أن الكتابة موهبة ،
إذ أن ذلك جعل الشباب يفهم إما أن تكون الكتابة موهبة أو لا تكون ،
ولذلك فإن كثيرين منهم لا يحاولون الكتابة إطلاقاً .
وإذا حاولَ البعض ذلك فإنه لايستمر في المحاولة لمدة طويلة . وإذا كان بعض
كبار الكتاب قال بذلك ، فإن بعضهم الآخر يقول بأن الموهبة في الكتابة لا تمثل إلا
جزءاً من عشرة أجزاء . وأما التسعة الأجزاء الأخرى فتتمثل في ممارسة
الكتابة نفسها في صبر لا يعرف الملل . و الشيء الذي لا ريب فيه أن الكتابة
عادة تكتسب بالممارسة كما تكتسب أي عادة أخرى . فنحنُ لم نعرف في تاريخ
الكتابة الطويل ، كاتباً قد ولد وهو قادر على الكتابة دون أن يحاولها ويمارسها .
وإذاكان هناكَ من يقول بأنَ الكتابة صعبة ، فإن صعوبتها تأتي من أنها تفكير ، والتفكير صعب
ولكننا حين نتعود عليه فإنه يغدو سهلاً ميسوراً .
وما يصدق على التفكير يصدق على الكتابة كذلك إذ أنها بالممارسة الطويلة
تصبح لا صعوبةَ فيها .
ونحنُ نستطيع أن نتعود على الكتابة باتخاذها هواية نمارسها في أوقات فراغنا كما نمارس أي هواية
أخرى . وقد نجد صعوبة في البداية ولكننا حين نستمر ، فإننا نتغلب على هذه الصعوبة .
للكاتب عبدالله أبوالعنين .من كتاب ( الخطوة الأولى ) شهادات في التجربة الإبداعية .
تركي الماضي .
-
صوت الصباح
شكرا لك لطرح هذا الموضوع المثير و المفيد في الوقت نفسه .
بخصوص علاقة الموهبة بالكتابة فصحيح انها مطلوبة في بعض المجالات وخاصة منها الابداعية . وهي شانها شأن الكثير من المهن و الحرف التي تتطلب موهبة لممارستها . كمثال الرسم و الموسيقى و التمثيل و قد تتطلب من علمية صرفة حضور الموهبة لممارسيها . اذ كثيرا ما نسمع عن طبيب كونه موهوب .اي انه يستطيع ان يتعرف على نوع المرض الذي اصيب به مريضه دون ان يلجأ الى آالات او تشخيص . وهو ما يعرف بالنظرة الطبية . كما ان ادارة الكثير من الاعمال تتطلب ايضا موهبة .
و الموهبة هي ايضا قابلة للتطوير و اهمالها يمكن ان يؤدي الى موتها .
هكذا يتضح ان الموهبة غير مرتبطة بالكتابة لوحدها ، بل هي مرتبطة بكل عمل وممارسة . لكن بالعودة الى المثال اجد ان المقصود هو نوع من الكتاب الذين يمارسون الكتابة و لهم اطلاع جيد على ما يستجد في عالم الكتابة من تقنيات لكنهم يفتقدون الى موهبة . لذلك نجد كتاباتهم تخول من فعل الابداع ولا يبقى غرض الكتابة لديهم سوى ابراز مهاراتهم التقنية في كونهم يسايرون ما يستجد في عالم الكتابة ويغيب عنها هاجس الابداع . واغلب هؤلاء نجدهم اساتذة جامعيون ومختصون بدراسة الادب . ولعل التطورات المستجدة في عالم الرواية تتجه الان الى اعادة الاعتبار و تصحيح هذا المسار من خلال الاهتمام و الحضور الكلي للحكاية وتغليب هاجس الحكاية على حسابة رواية المفاهيم .
بخصوص عدم استمرارية الكثير في ممارسة الكتابة بعد ممارستها لبعض الوقت فيتحكم في هذا الامر عوامل كثيرة . فالكتابة لدى البعض تكون اشبه بنزوة عابرة شأنها شأن الكثير من الممارسات التي يزاولها الناس في فترة معينة من العمر و ينقطعون عنها في فترة لاحقة تتغير فيها الاهتمامات . كما ان البعض الاخر لا يغمل على تطوير تجربته و يظل منحصرا في انتاج اشكال معينة ككتابة الخاطرة التي عادة ما ترتبط بتجربة محددة . و لا شك ان غياب موجه في هذه الفترة يكون له انعكاسات سيئة ومصيرية بخصوص علاقة الكاتب بالكتابة .اذ ان التجربة في مرحلة معينة تتطلب تحولا و اهتماما نوعيا يحتاج الى الكثير من الوعي . فالمحطة تكون انتقالا من الهواية الى الاحتراف في وقت يغيب هذا الوضوح لدى ممارس الكتابة الذي يظل منحصرا في اشكاله ومضمون الكتابة المستهلك . فحضور التوجيه ودعم الكاتب يكون مطلبا مهما ان توفر يكون دافعا قويا للاستمرار وان غاب تكون مرحلة الافول قد لاحت فيفتر الحماس و تضعف العزيمة وتفتر الرغبة في الاستمرار لتنمحي بشكل كامل في مرحلة لاحقة .
هذه خلاصة بعض الافكار . واشكرك مرة اخرى على طرح هذا الموضوع . واتمنى ان اقرأ آاراء اخرى بخصوص هذا الموضوع .