المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصائد مجموعة : العالَم يحتفل بافتتاح جروحي



سامي العامري
25-05-2007, 05:38 PM
* سامي العامري
* ولد في بغداد عام 1960 في شهر نيسان .
* درس في معهد الإدارة والإقتصاد ولم يتمَّ دراستهُ بسبب ظروف الحرب .
* عبر الحدود الى إيران عام 1984
* يقيم في المانيا منذ عام 1986
* له : السكسفون المُجَنَّح . مجموعة شعرية . دار سنابل – القاهرة - 2004
* خلال السنوات الماضية نشر الشعر والمقال في الكثير من المجلات والصحف العراقية والعربية وينشر منذ سنوات في شبكة الإنترنيت .

******************



قصائد مجموعة :

العالَم يحتفل بافتتاح جروحي


**************



سامي العامري
*******
كولونيا – المانيا
صيف - 2007



الألوية
****

قمرٌ كعُرفِ الديكِ يرفلُ في الليالي
كسِراجِ ساحرةٍ تُدَلِّيهِ الغيومُ
وتَحتَهُ طفلٌ تناومَ في حكايات السعالي !
حتى إذا ألفيتُني أمشي وحيداً
والجميعُ مضوا لنومٍ هانيءٍ
فهناكَ الفُ حكايةٍ تُروى
وراويها خيالي
مَنْ علَّمَ الأشعارَ طبْعَ الحانةِ المِدرارَ ؟
قد أصبحتُ أرشيفَ الدموعِ
وسِرَّ أسرارِ المدينةِ ,
والمدينةُ لا تُبالي
دَعْها فِدى أوهامِها
أو هَبْ أنْ إهتَزَّتْ حنيناً مثلَ فاكهةٍ
فهل يقوى الهواءُ على المَسيرِ بِبُرتُقالِ !؟
او هل تَرى يَدُكَ المُقَدَّسةُ الذي فعَلتْ بباخرتي ؟
فقد رفَعَتْ رئاتي العشرَ ألويةً الى شَطِّ الفراتِ
فيا فراتُ إذنْ غَزَوتُكَ
وانتصَرْتُ بلا قِتالِ
وهنا كذلك قد غزوتُ
وطالما كانَ الشراعُ الهُدْبَ
بالأمسِ القريبِ
وكانت الأمواجُ عَينَيها
وأطيارُ السواحلِ رَفَّ نظراتٍ
تَحُطُّ على الفؤادِ
فينزوي مُتَحَرِّجاً بحرُ الشمالِ !
ولطالما طالَ الحنينُ بمُهجتي لعذابِها
فاذا العذابُ يبيتُ عنها بإنشغالِ
بِمَنْ انشغَلتَ تُرى ؟
بأيَّةِ مُهجةٍ ؟
اوَ لَمْ تكنْ تكفي قلاعي الشامِخاتُ ممالكاً لكَ
والجِنائنُ مسرحاً ؟
فلقد عهدْتُكَ يا عذابُ مُنادِماً
تحسو مع الأنغامِ كاساتي النميرة َحَنظلاً حَدَّ الزلالِ !
العمرُ يرسلُ لي رسائلَ عن خريف العمر
أنكُرُها , أروحُ مُوقِّعاً بأصابع الأورادِ
إمعاناً بتحريف الرسائلِ
ناقِلاً ما خُطَّ من حالٍ لحال ِ
وتَطَلَّعتْ نفسي البعيدةُ للمَجيءِ
وكادَ ينضبُ بَحْرُها
حتى إذا مَرَّتْ بعُشّاقٍ
أعانوها على وَمْضِ اللآلي !
انا في المحبَّةِ لستُ بالآثارِ يوهِمْنَ الطريق بسائرٍ
قد مَرَّ يوماً من هنا
لكنني أبداً أمرُّ ولهفتي لِصقُ الحياةِ
وإنْ تَعَثَّرتِ الخُطى فيما مضى
فلسوف أنسبُ كلَّ ذلكَ للغَشاوةِ والضَلالِ !
مالي أسرِّح ظِليَ القاني ,
ومِن فوقي الشموسُ ؟
فهل أريدُ به الدليلَ على انصهار الآيتَين ؟
أرى ظِلالاً من شموسٍ
او شموساً من ظِلالِ
هي نصفُ عمرٍ في العراقِ
ونصفهُ الثاني يُنادمُهُ المُحاقُ
وإنْ أقُلْ : ما عشتُهُ إلاّ بأحضانِ القصيدِ فلا أُغالي
وطني الذي يبقى نشيداً من طيوفٍ هائماً مُتماوجاً
تتبادلُ الأدوارَ فيه الذكرياتُ أليمُها وحميمُها
راضٍ انا إنْ كنتَ قد أحزنتَني لكنَّما
نجمٌ تباعدَ فوقَ ما هو فيهِ من بُعْدٍ رِضايَ اذا حزنْتَ
ومِثْلَهُ يمضي الى إخفاقهِ قُدُماً مآلي
ولقد سَبرْتُ جوانحي فرأيتُها
لا تستريحُ لِما يُريحُ
وإنما للطَرْقِ في صَعْبِ المَنالِ
ومَدائحي فرأيتُها مأخوذةً بالنخلِ
يطوي الأفقَ في أبد البهاءِ
وتُربةٍ تاهتْ غِلالاً في غِلالِ
فلأيِّ مَسعىً حَلَّ ذِكْرُكَ صاحبي ؟
هل لإلتقاطي من ضياعٍ باذخٍ
ام مِن جَوىً في النفْسِ يبحثُ دون جدوى عن مِثالِ ؟
اللاّطِمونَ عليكَ هُمْ مَن يلطمونكَ كُلَّ حينٍ بالرَّزايا
مَنْ انا حتى أُبيِّنَ ما تَرى ؟
تَفَهاً أقولُ برُغْمِ أني مَنْ يُهابُ
حَبَتْنيَ الدنيا لسانَ الأوَّلينَ
ومنهُ تَوريةَ الإجابةِ في سؤالِ
لاميّتي
لاميّةٌ أُخرى هنا ما آنَستْ
( في الأرض منأىً )
عَلَّها ,
ورأيتُ رؤيا كالمواسم في شَذاها
كالدُوار
فما لروعتها ومالي؟
هي فِتنةٌ , أدري
ومازالَ الرنينُ مُحَلِّقاً
والريح تمضي بيْ على جنح الشَرارِ ,
تبَِعتُ شَوطي للذُرى
مأوايَ لا مأوىً لهُ
حتى ولا أرضٌ سوى الحربِ السِّجالِ
وهي العَوانُ قطْعْتُها حُلُماً تفايضَ عابراً مُدُناً وأسواراً
وقد كنتُ الكريمَ جمعْتُ في المنفى
جميعَ التائهينَ
وكلَّ غيماتِ السماءِ
وكلَّ غاباتِ البُكاءِ
وكلَّ لحنٍ دافقٍ
وعقَدْتُ مؤتمرَ الجَمالِ
ما سِرُّ رَونقِها ؟
تقابلَ ماءُهُ ونجيعُهُ
فتَوائما قمَرَينِ في أبهى الخِصالِ
ماءٌ الى شَفةِ الصدى المُرتَدِّ من عُمق الصحارى ذابلاً
ودمٌ الى نُسْغِ الحياةِ
يُشِنُّ نوراً باهراً
يطأُ المسافةَ
كوكباً فوقَ الرمالِ
او إنْ سألتَ فَرُبَّما
هو عاشقانِ تَفَرَّقا بيَ لحظةَ التقيا
فَصُرْتُ الشاهدَ الرائي على ظُلْمِ الوِصالِ !
ليُقال َ: أحلاها البُعادُ !
وليتهُ كانَ البُعادَ
فإنهُ قَلَقٌ تفَرَّعَ عن جنونٍ
واندهاشٍ وارتعاشٍ وإعتلالِ
ما دارَ في خَلَدي بأنْ أبقى المُشرَّدَ
في عراقِكَ يا عراقُ وفي بلادِ الله طُرَّاً
كي أناديَ : يا فناءُ أَعِنْ دمي ,
فأنا فنيتُ لغايةٍ أخرى
جعلتُ الشِعرَ خاتمةَ الأضاحي
وإستوى ألَمي على عرشِ الثناءِ
بحيثُ تبسمُ لي أساريرُ المُحالِ
ما عدتُ أحفلُ بالأسامي
سَمِّها
لاميّةَ المَنفى
أو المَشفى
فكلُّ التَسمياتِ سُدىً
سوى لفظِ الجَلالِ !

***********


ماذا لو
****
كيف لو يُصبِحُ هذا الخَطْوُ ذكرى ؟
كُلَّما غابتْ بِلادٌ
جاءتْ الريحُ بأُخرى
وسؤالُ الوقتِ دَوّارٌ
وماذا لو رمى الشاعرُ كُلَّ الاسئلهْ ؟
ورأى أنْ أقْتُلَهْ ؟!



ياقوت
****

لِرؤاي أجنحةٌ
وللنجمِ اصطفاقْ
إمّا دعوتُ
فإنَّ في كَفِيَّ ياقوتاً بِلونِ دمٍ
ومِنْ آياتهِ أنْ لا يُراقْ !

***********



قلادة
***

مُشْعْشِعَةً تسحَبُ الشمسُ
خيطَ قِلادَتِها مِن إسارِ الغيومِ
وتَهْتَزُّ فوق رُبىً صافيهْ
يا ضياءاً تُرى
هل تَرى
ما أرى
في التَأَلُّقِ
واللَّحظةِ الساميهْ ؟

********


أغنية الأضداد
*******

عذابي أنني لم أهتدِ يوماً
الى سِرّي
لذلك أهتدي دوماً الى الشعرِ !
ورَبّي , آهِ , ما رَبّي ؟
سؤالٌ عن جوابٍ لا جوابٌ عن سؤالٍ
لايزالُ
وهكذا أمري
فَرَيتُ العمرَ في التسآل
والريبِ الذي يفري !
ويأسٌ قد تعرّى مثلما الأفعى
فعلّقْتُ الثيابَ
بمشجبٍ في الروح
أرْجعُها اليه متى تفَقَّدَها
وكنتُ أقولُ :
فلأَمضِ ,
على كتفي يحطُّ رجاءْ
أوزُّعُهُ غيوماً لا نجوماً
أو أُلوِّنُهُ على كفّي أوانيَ ماءْ
ولمّا تمَّ لي هذا
وقد بَدَتْ الرُبى بمياهِها إلاّ خريرْ !
وعند شفا حوافيها
تشاجرتِ المناقيرْ
وقد حُفَّتْ بأمهارٍ
رَضيتُ خريرَها دوّامةَ الخطوِ
وكنتُ جزائراً أطوي
مُفَكِّرتي تُشير الى الصِّبا
قد شابَ بين الأهلِ والآباءْ !
وأكداسٍ من الأصحابِ والرُفَقاءْ !
وأرضٌ سارَ مركبُها على موجٍ من الغاباتْ
ومجنونٌ يبادلُ عاشقاً
عَقلاً مُقابلَ قُبّراتْ !
مجانينُ احتفوا بالعُرْس
لكنْ مَهْرُهم نكباتْ !
وكنتُ أقولُ :
ليس يضيرُني زعلُ الصديقْ
فلي كأسي
وذاكرتي المُدمّاةُ الجناحِ
ولي أحابيلي
ولي وجهي الصفيقْ !
ولي بَلُّ الصدى العَطِرِ
وكلُّ مَجَّرةٍ هبطتْ الى القيعانِِ ,
أسفلَ قَطْرةِ المطرِ !
وقَََنصٌ من خطايا
مَدَّها في سِكَّتي
مُسْتَوحَشُ العصرِ
وعند نهايةِ التطواف
عُدتُ مُسائِلاً عمري
عن المغزى
عن المعنى
وعن أبياتِ أبي ماضٍ
ومِن قَبْلُ اشتعالاتِ المَعَرّي
فَرَدَّ العمرُ :
لا أدري !

********


مرثية لمَصّاص دم !
**********

علَّمَتْني الغربةُ الطُولى
بأنْ لا أؤذيَ النملَ ولا حتى الذبابَ
لكنْ رُبَّما أؤذيكْ
ربّما أؤذيكَ بالأحرفِ
تجري في فمي حُسْناً
وشوهاءَ بفيكْ
*****
ماتَ في موتكَ أقزامُ الطغاةْ
ماتَ في موتك كُرْهي للحياةْ
*****
أعرفُ الآن مواعيدَ الشموس الغجريّهْ
أعرفُ الآن سماءاً غادَرَتْنا منذُ الفٍ خَجَلاً
فأعادتْها الينا كَرَماً روحُ الضحايا
هكذا نُبْلُ الضحيّهّْ
*****
في مَهاوي الدرَكِ الأسفلِ من نار العُلى
صارَ في استقبالكَ اليومَ صفوفٌ من شياطينَ
على قَرعِ الدفوف الحُمرِ
إذْ أركَزْتَ رأسَكْ
أنتَ ما مُتَّ ولكنْ
رُبّما أنقَذْتَ نفْسَكْ !
*****
أنتُمُ يا أيُّها الأطولُ بالغدرِ وبالتنكيلِ باعا
لا تُبالوا ,
فَلِكَي يكتملَ الحفلُ لديكم ولدينا
سيوافيكم بنو الارضِ بأرواح الطغاةِ المُتَبَقّينَ تِباعا !
*****
كم تركتم من جِنانٍ وعيونْ ؟
لو عقلتم لَنَعِمتم بِجَناها
بئستِ الدارُ إذا كانتْ مع التُخمةِ داراً
إنما لا تشعرونْ
*****
هل حسبتم أنني بُتُّ سعيدا ؟
أبداً
لكنما الخالقُ يَروي عدلَهُ حيناً سيوفاً
وأنا في الجانب الآخرِ أرويهِ نشيدا .

*****



في طريق الى الورشة
***********

باكراً استقلُّ الرصيفَ......
جلستُ على مقعدٍ انما
شخصٌ جَسيمٌ غريبُ المعالمِ
يهوي على مَقعدَينِ أمامي !
لا يَكاد يُرى مِن دُخانِ سيجارتهِ !
وكثافةِ صلعتهِ !
ظلَّ يهَدّدُ أو يتوعّدُ حتى ظِلالَ الهواء ,
أرتعبتُ ,
مَشيتُ أمامي
مشيتُ ورائي
وصلتُ الى عملي مُنْهَكاً مثْلَ عِلْكْ
عازلاً في قرارةِ نفسيَ هذا وذاك وهذي وتلكْ !
فكرةٌ طرأتْ
ما عهدتُ مساراتِهِِِا قَطُّ من قبلْ
كأنيَ رحتُ أسير على عجلٍ
والحياةُ تسير على حَبْلْ .

*************



كان غِناء
*****

نايي يسيحُ وراءَ الجبالِ
قَنالاً الى الغدِ
عَوَّلتُ دوماً عليهِ
ورفيفاً نجا
من خرابٍ سجا
فَأَومأَ قلبي اليهِ
ومنقارُ طيرٍ أطلَّ كَلهبةِ شمعهْ
وتلفَّتُّ : كان غِناءٌ وقرعُ طبولٍ
تساءَلتُ :ماذا ؟ فقالوا : خميسٌ* تَزَوَّجَ ,
آهِ , ضَحِكْتُ :
خميسٌ تَزَوَّجَ في يومِ جُمعهْ !
هكذا طائرٌ اجذلتْ رحلةٌ دمعتيهِ

بنجوين- كولونيا
1985-1999
--------------
خميس : اسم راعٍ كردي .


************


الرائح والغادي
*******
قَمَرٌ أخضرُ راحَ يطلُّ
على الابوابِ لأوَّلِ مَرَّهْ
يا حقلاً ضَلَّ الدربَ
سَيُحْلَقُ ضوءُكَ في شَفْرَهْ
قَمَرٌ يُطْرَدْ
وسَديمُ الليلِ دليلٌ أوحَدْ
أدخُلُ كالاسرارِ لُبابَهْ
ووراءَ النهرِ بأقصى الافقِ
شبابيكُ أضاءَتْ كالحشراتِ بِغابَهْ
يارَبُّ انا الرائح والغادي
حَيرانَ عَليلْ
ياربُّ أما كان من الإنصافِ
- وحاشاكَ من الإجحافِ -
بأنْ تُسقيَني آلامي
على جُرعاتٍ !؟
سُبحانَكَ ,
لكنَّ عزائي وهو قليلْ:
أوراقي المغمورةُ بالسِّلمِ
ونوباتِ التقبيلْ !

*********



عندما انجابت اليابسة
**********

أيامٌ عاجِلةٌ
في ليل هانوفرَ
ذاكَ المُجْهِدْ
أيامٌ عاجلةٌ بينَ البرقِ وبين الرعدِ
سفائنُ من أصدافٍ
متماديةٍ في اللَّمعانِ
نَجَتْ من لُجَجِ الفيضانِ
لِتَغرَقَ في مَوعِدْ !
ليتَ الموعدَ أُغْرِقَ في لُجَجِ الماءْ
ليتَ الكُلَّ فَناءْ !
سأُحاصرُ ذكراهُ بِمِحْبَرَتي ,
بِدُخاني ,
بِرَحيقِ سِجارتيَ الحمراءْ
لا , بل السوداءْ !

********


مِن بَعْد لأْي
******
الحبُّ يدعوني ,
إلى أينَ المَفَرْ ؟!
لا فرْدَ يُصغي أو يُجيبُ
ولا حَجَرْ !
ها إنني مِن بَعْدِ لأْيٍ
أنتَضي قيثارتي
وأشُدُّ أحزِمَةَ الشَجَرْ
يا أيُّها العُصفورُ كُنْ بِمَعِيَّتي
أرضى بأنْ تجتازَني
فَلَكَ الجِنانُ جميعُها
وليَ ألأَثَرْ !
فَيُجيبُ عن ( نَحْوَ الفِخاخِ ؟!) بألفِ لا ,
هذي نِهايةُ مَن تًعَصَّبَ للغَجَرْ !

**************



البُشارة
****

ُمتُّ اعتباراً من جنوحيَ نَجمةً مَعْصوبةَ العِينَينِ
حيثُ أُذيعُ سِرَّ الموتِ :
يَبقى الموتُ مَشْروخَ الحياءِ
كَأَيِّ مَأْمورٍ عَنيدْ
يأْتي على لُبِّ الوجودِ
وفي الخِتامِ بلا رَصيدْ
وخَبِرْتُ من بَعْدِ التباعُدِ والتَقارُبْ ,
بَعْدِ إحتداماتِ التجاربْ
أَنْ كُلُّ حِرْصِكَ كالطنينِ وأَنَّهُ
لا يُجْدي حَبْلُكَ يا مُحارِبْ
إلاّ على الغارِبْ !

********


يأسي
****
يأسي لا يبرحني
والأنكى من هذا ليس يحاورني
فهو كما المَلِك الممسوسْ
يتخَطَّرُ في زهو الطاووسْ
يأسي مَلِكٌ , أدري
لكنْ قد يتعقَّّلُ يوماً
فهو الأقربُ للصدقِ
لم يُؤذِ سِوايَ من الخَلْقِ
مَلِكٌ لكنْ
لم يتَلَوَّثْ بسياسات الشرقِ !

**************



مَقامة مُوَقَّعة
*******
(( الغد بين الأمس واليوم ))


أشكو وأرضُ الدجلَتينِ سعيدةٌ !
وكذا قَطاها
ويَسُفُّني التعتيمُ وهي تُضيءُ ,
أشكوها زُمُرُّدةً وأقنطُ من سناها !
هذا السنى
لَهَفي انا
واذا تشاءُ فنَرجِسٌ
او لا تشاءُ فقامةُ الزيتونِ والصفصافِ
وامتَدَّتْ الى عُنُقي يداها !
ما زالَ يرسمُ لي المعادَ
ويومَ ودَّعتُ البلادَ
شكرتُهُ بمقامةٍ
او قُبلةٍ أرخيتُها في كفِّهِ فتَفَتَّحتْ
بالرُّغمِ من أني يئستُ وكنتُ أحسبُهُ طواها !
وأراكَ مسكوناً كما الأحداقِ بالغدِ والمَدارِ
وها هُما التحَما التحاما
والأصلُ أنكَ لا تَني ترتاحُ في نبضي المعنونِ للخُزامى !
يا منهلاً ما زال بالأسماكِ والمِرجانِ يعدو
إيّاكَ أستهدي وأشدو !
وأدورُ ما هطلَ الهديلْ
او صارَ للقمر اقتداءٌ بالشموسِ ولَوثةٌ
فَلَهُ شروقٌ مثْلُها ولهُ أصيلْ !
وانا امتثالٌ للهوى وقيودهِ
مع أنني مِن أوَّلِ الثُوّارِ
مُذْ كنتُ الصبيَّ عرفتُ لَذّاتِ التمَرُّدِ
والخروجِ على سراديبِ الخليلْ !
مُذْ كان شِعري رَهنَ درسي
مُذْ كنتُ في ريعان يأسي !
ليسَ انفكاكاً ما أريدُ وإنما رُزَمٌ من الظلِّ الظليلْ
ومن الرواءِ , من الغناءْ
عنقودُ لحنٍ في يدَي عفراءْ
في جيدِها ,
وعلى مسافتها سَواءٌ إنْ عثرتَ وإنْ مررتَ
ففي النهايةِ لا أراكَ قد استفدتَ
وهكذا أبداً هُمُ الشعراءْ !
ويطيبُ لي في الحُبِّ نقضُ شهادتي
والإتكاءُ على الظنونِ
وبيتُ شِعري مثلُ بيتِ العنكبوتِ
ومن فرائسهِ الجنونُ !
فلو تُصيخُ لما جرى بالأمسِ :
أفئدةُ الصداقةِ من أعاديكَ
الطلاسمُ من معانيكَ
النوافذُ مثلما الحَجَر الأصَمُّ
الهاوياتُ كأنها الجبلُ الأشمُّ
الطيِّباتُ كأنَّهُنَّ الإثمُ
حزبُ القبرِ يبدو أخلَدَ الأحزابِ
والروبوتُ أرهفَ مُهجةً من سائرِ الأعرابِ
ويحُكَ ,
أيُّ مهوىً للمآقي حينَ تنتحلُ الضياءَ ؟
البدرُ أدنى من منازلنا الينا
والسحائبُ من يدينا
فاستَلَلْتُ يراعيَ الذاوي
لتصعدَ فيكَ أنساغٌ وَرِيقاتٌ
وقد كانت لِحَدِّ اليومِ أفياءاً ترفرفُ في هوائِكْ
وانا أسيحُ دمي لتحفُظَ ما تبَقّى من دمائِكْ !
لن أستعينَ بقافياتِ الندْبِ
لا أبغي الوقوفَ على رثائِكْ
لكنني مِمَّنْ جحيمُهُمُ الجِنانُ
اذا أرادوا
والجحيمُ اذا أصابهمُ العنادُ
وإنما يبقى القرارُ بِغَضِّهِ وغضيضهِ بيدِ الحبيبِ
وكبريائي دائماً من كبريائِكْ !

**************


النهر ألأوّل قبل الميلاد
************
رؤيا عن نهرٍ لازْوَرْديٍّ دَنِفٍ عاشقْ
أودى بِثوانيهِ الحُبُّ
دقائقَ إثْرَ دقائقْ !
وقروناً إثْرَ قرونْ
نَهرٌ جُنَّ
وثانيةً جُنَّ بهِ المجنونْ
لا أعشقُ ما فيهْ
إلاّ كُلَّ اغانيهْ
نهرٌ من خفْقِ البانْ
بضفافٍ تَتَعرّى كالجانْ
وهو بِبالي ألآنْ
يتَشفَّون بِأنْ صار يُقاطِعُ أضواءَهْ
لا أرثيهِ ولا آلاءَهْ
بل أتشفّى بالمُتَشَفّينِ ,
بِشِعري أخلقُ عَنْقاءهْ !

***********

الدََّبابير
******

المنهلُ الأَعذَبُ أنْ لا تسألَ الناسْ
كيلا تُساسْ
كيلا تكونَ من رعايا الكهْفِ والشيخوخةِ المُبَكِّرهْ
تهديك حفرةٌ وربما حاويةٌ او بقرهْ !
عُمْيٌ يُبَرقِعونَ بِعَماهمْ مُقلةَ الفَجرِ
وهل لنا عَصْرٌ لكي نُقْسِمَ بالعَصْرِ ؟
وأبْحُرُ العذابِ لا تَني تعومُ في نهري !
ما معنى قد ورُبَّما وعَلَّهُ وهكذا
ومَن حَولَيكَ ضِباعٌ تُحْتَذى ؟
هناك سَيلُ الجهلِ والنعوشِ والأَدْمُعِ طامٍ
والأسى أتعسُ ما رأيتْ
وليس مِن إمَّعَةٍ يُطاعُ في البلدةِ إلاّ يُتْحِفُ البلدةَ
والأرضينَ كالأزمنةِ الحديثةِ
بأنهُ استفظعَ ما مَرَّ وما يمُرُّ يوميّاً
وما الآنَ حكيتْ
هل لا تزالُ راغباً بالنُزْهةِ الأمحَلِ صَيدا
ترجو من الدَّبور شَهْدا ؟
يا صاحبي
لَمّا تَزَلْ مُعاتِبي
لكنني مِن كُلِّ مُعْصراتِهمْ
ما اخْتَرتُ إلاّ دَمَهُمْ
شَرِبْتُهُ بِطاسهِ وناسهِ
وما ارتَوَيتْ !

******


أضلع الطريق
*******

طريقيَ مقلوبةُ الضوء بل لا ضياءْ
يمدُّ جناحيهِ من فوق أضْلُعِها المتعرِّجةِ ,
يمشي عليها ,
يورِّطها بالشقائق أو بالحرائق أو بالحِداءْ
عن شمال طريقي
صفوفٌ من العاطلين عن الحُبِّ
عن يمين طريقي
هِمَلايا من الأدعياءْ
تداعوا لعزفي
وقراصنةٌ ينهبونَ عذابيَ وَضْحَ النهارِ وشَسْعَ البحارِ
ولا يعرفونَ دروبَ التَخَفّي !

*************


خُطى القمر على السُلَّم
***********
قمرٌ زارني لامعَ الروحِ , ثَرَّاً
فما كان مني سوى أنْ خجلتُ
فحيَّيتُه قائلاً :
لسُكّانكَ القادمين السلامْ
فلا تتعجَّلْ بِهِمْ في المسير كما نحنُ !
واخبرْهُمُ أنني مِن بَني الأرض ممتليءٌ بالظلامْ
ومُعتَصِمٌ بالفضائحِ
أأكُلُ وجهَ الضحيةِ ,
مُنتكِسٌ ,
أسفلُ السافلينَ
وإنْ هُمْ يَرونيَ مِن فوقهم !
ليس وحدي
ولكنْ
يداً بيدٍ ياصديقي
انا وعديمو البَصَرْ
انا وجميعُ البَشَرْ !

*********


نافورة اللَّهَب
*******

زَجَّتْ بهِ الذكرى
خموراً في مَغانيها فَفاقْ
وسعى الصباحُ ,
وخَطوُهُ حلوُ المَذاقْ !
ويرى مَمَرّاتٍ من الغيم الخفيضِ تمدَّدَتْ
كأزقَّةٍ فوق الزقاقْ
وهناك ما بين الشقوق تَمرُّ قافلةٌ من الأنغام
يغرفُها الهلالُ
يظلُّ ينشرُ ضوئَهُ
في الليل نصفَ صَبيحةٍ
فيخالُ لو جاءتْ إذنْ لشكا لها وشكتْ
ولحظاتٌ تَمُرُّ عصيبةً
وإذا بهِ يصفو العناقْ !
وصفا
فبايعَ شِعرَهُ لَهَباً تُخَُلِّفُهُ أعِنَّتُهُ
وسورٌ مثل أطواق الحَمامِ
فمَنْ يُغامر باللِّحاقْ ؟!
أو مَنْ سَيَنشلُهُ من الوَجْد العُضالِ ؟
ما في قَوامكِ من جديدٍ قَطُّ ,
ما من رأفةٍ او حكمةٍ
ما فيهِ إلاّ ضحكةٌ تُرثي لِبُقْيا صبريَ الواهي
وبُقيا صحوتي
وخياريَ المُضنى الهزيلِ على التوالي
تبغينَ رَدْعي عن شَذاكِ جَنىً
وعدلٌ أنْ أصيحَ تَبَرُّماً :
لا طابَ يومي حينَ أقنعُ بالشذا ,
كُلاًّ أريدُ ,
ومَنْ يُرِدْ ملَكوتَهُ في موتهِ
فالموتُ أهونُ ما جَنَتْهُ يدُ الدَلالِ !
طيفٌ تَنَفَّسَ أم عصافيرُ إحتَفَتْ
ورهانُها رئةُ الفضاءِ
فَيا عصافيرُ إستعيدي غنوةً ليستْ تُطالُ
ويا مباهجَها تعالي
ألقى الصباحُ عَصاهُ في كنَفِ الورود ,
أضاءَ حُنجرةَ البلابلِ ,
حيث ألمحُ غُنَّةً في ريشِها
وعلى مسافتها خَريرا
قد قيلَ ما قد قيلَ عن أسرارِ دجلةَ
إنما تبقى إجتهاداتٍ
ودجلةُ غيرَ جُرحي لن تصيرا !
وهنالكَ التبَسَتْ مَساراتي ردوداً
حدَّثَتْني عن بواطن بوحِها
طَوراً مُكابَدةً وطوراً شهوةً خَجلى
وأطواراً الى عَجَبي ظهيرا
وكذلكَ الأعشاشُ إذْ تأوي الى غاباتها
كعراقِ ما بعد الفراقِ
أروحُ أكتبهُ بريداً راجفاً
يروي حُطامَ غمائمي
لشروقهِ وغروبهِ
لشمالهِ وجنوبهِ
أو أنتمي وطناً لأعرافِ الصهيلِ
اذا شدا ,
لملامح الماشينَ كالنُيّامِ حيث توقَّفتْ أحلامُهم
مخطوفةَ النجماتِ ,
للنايِ إنحنى في الريحِ قوسَ سحابةٍ ,
لمنابعٍ تَرَكتْكَ عند شَفا الظَماءِ دلاءُها
تأريخها فُرْسٌ ورومُ !
أنا ريثما يدنو الحريقُ من العواصمِ
سوف أُدني من مناسكها صلاةً أو مَقاماً ,
مَوقِداً جمراتُهُ كالتينِ ,
بُركاناً غفا في خطوة التنِّينِ ,
تِبْرَ فضيلةٍ يهفو لهُ مَن غَشَّ او مَن بَشَّ ,
عاصفةً إوَزِّيٌّ مَداها ,
كوكباً مَحَضَتْكَ طَلْعَتُهُ من الإلهامِ مثقالاً
فتَسْتَسقيكَ أفواهُ المَناجِمِ
ثَمَّ والحَسَدُ القديمُ !
أنا أحسبُ الخطواتِ نحو الموتِ بالأنهارِ
والنارُ التي يروونَ .....
غَرَّبَ بأسَها الهَمُّ المُقيمُ
لا يُلهيَنَّكِ عن شَراري مَحْفَلٌ
هذا الجُمانُ أنا ذِراعاهُ إغتَني بعُِراهُما
عُرْساً يَهيمُ
ليلى وحاقَ بنَهدِها الصيفُ الشميمُ !
وقد إرتضيتُ بكلِّ بحرٍ لا يُفَرِّطُ بالغريقِ
غدا يمدُّ لهُ الجِرارَ مُضَمَّخاتٍ بإعترافات الندامى
وإرتعاشاتِ الخمائلِ
وإنطلاقةِ أدمُعي هيَ والكرومُ
فَسَكنْتُها مُذّاكَ
وإنثالتْ مَجَرَّاتُ العتابِ عليَّ
حين سهوتُ عن كأسي
وقد يسهو الحكيمُ !

*********


مَمْلَكتي
****

هذا العقلُ المَربوطُ كما الشاةِ بنَفْسِهْ
لا يعتَرِفُ بنَقْصِهْ .
أمشي في هذي الساعةِ
مُرْتَدياً زخّاتِ المطَرِ كمِعْطَف
من عدمِ مُبالاةِ الأنسانِ
بعمقِ هزيمتهِ وأَلْطَفْ
أقدامي يُضُيءُ لها المجهولُ الدرْبَ فَتَسعى
لا تعرِفُ حَدَّاً من وسَطِ
وكأُمِّ صِغارِ القِطَطِ !
في بَلَدي المُتَصَوِّفِ للغَلَطِ
لم أتركْ حاضِرةً
إلاّ وركلْتُ بلادَتَها بالشِعْرِ الوحشيِّ
وهل مِن بَعْدِ الشِعْرِ كلامٌ غيرِ الشَطَطِ ؟
ووجودٌ غيرُ النَمَطِ ؟
أما عن مَلَكوتِ الغُربهْ !
فالغربة واحدةٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ
لكنْ ما أدرى الغافل ما الغربهْ ؟
هي في الخاطر منذ صِباي
تَلَقَّفَها - إنْ شِئتَ - كايّةِ لُعْبهْ
فالفارقُ لا محسوسْ
فهنا وهناكَ
هي استمرارٌ لشعائرَ شائعةٍ وطقوسْ
ولكي تحياها في وجدانكَ او تعتادَ مجاهلَها
وأوائلها وأواخرها
لا تحتاجَ الى قاموسْ !

***********


أغنية
****

تأخذني اللذّةُ
حين تغادرني أشيائي
حين تلامسني أعضائي
واللذّةُ بَوحُ
أسمعُ أنغاماً
يسمعني نَوحُ
واللذّةُ أصلُ التبريحِ
وشراعي العالقِ في الريحِ
واللذّة أسرارُ
أحملُ أشجاراً
تحملني ثِمارُ
وتُفَرِّقُ أشعاري بينَ دروب الأيّامِ
عرباتٌ مَلأى بحقول الشِمّامِ
واللذَّةُ تبريكُ
وعلى أسيجةِ المرعى عند الفجر
تَميسُ غِلالُ
يُشَعْشِعُ هالُ
يؤَذِّنُ ديكُ !
:
عندي من حُبِّ حبيبي قارّهْ
عندي الى رَبّي أنباءٌ سارّهْ !

***************


شراعٌ مركون
************

قلبي يَمسحُ عن شُرفتِهِِِ نبضاتِهْ
ودمي تَعِبَ من الجَرْيِ ,
مضى يحصي في وهنٍ عثراتِهْ
يتلَفَّتُ بِسُكونْ
يَحيا في عُزلتِهِ كشراعٍ مَركونْ
ما عاد الغيمَ التَيّاهْ
ما عدتُ أُفَتِّشُ عن ماضي اللّهْ
ما دُمْتَ صديقاً لتفاصيلَ صغيرهْ
وهمومٍ في الرُوحِ أثيرهْ
فستُضْطَرُّ لئن تَقْبلَ ما تعرضُهُ الأيامُ عليكَ
بدونِ مُجادلةٍ : اليأسُ القاتلْ
ذاكَ جديدُ بضاعتِها
وهو عتيقٌ ياابنَ الناسِ فَفيمَ تُجادلْ ؟

****************


المَسْرَح
*****

دُنيايَ المَسْرَحُ بالمقلوبْ
مَثَّلْت ُومَثَّلْتُ على خَشَباتِ المَسْرحِ هذا
لكنْ مَحْضَ ذُنوبْ
نُحْتُ ونُحْتُ على خشباتِ المسرحِ هذا
حتى تُوِّجَ مَجدُ نواحي
بالمنفى الإلِكترونيِّ
وليلِ الصَفَقاتِ وضَحْكِ المُنْتَجَعاتِ
وما لا يُحْصرُ بالحاسوبْ !
أصفارٌ , أرقامْ !
وغداً أمضي
صوبَ شموسٍ خُضرٍ
زهراً ذابلْ
وعزائي أشعاري الباقيةُ
وإنْ غضِبَتْ بابلْ !

**********



الثُكْنة
****

أيها الشرقُ ابتَعِدْ
قالتْ خُطايْ
فتأَمَّلْتُ القَطا ترحلُ للشرقِ
وقد حَذَّرْتُها
فانْثَنَتْ تسألني : مِمَّ ؟ لماذا ؟
حينَها قلتُ :
أما تكفي إجاباتٍ عَصايْ ؟
سَقَمي في الروحِ لا في الجسمِ ,
أطلالٌ فضاءُ الوطنِ المقهورْ
ثُكْنَةٌ كلُّ مَغانيهِ وصُفارّاتُ إنذارٍ ,
جحيمٌ مِثلَ نيرانٍ بلا نورْ
ذاكَ عيشٌ لو وعى جُرْحَ كياني
لافتداني
لكنِ الدنيا غَرورْ .


*********



كيلا أضيع
******

نحنُ المُشاهَدُ والمُشاهِدْ
أجسادُنا تسعى بنا
ولها - ولا ندري – مَقاصِدْ
فهنالكَ انتَظَمتْ عُرى الأكوانِ في رَهَفٍ
كما انتظَمَتْ قلائدْ
إذْ فيمَ فيمَ سيُقْتَلُ الجَسَدُ ؟
ومَن الذي بالعودةِ الأُخرى غداً يَعِدُ ؟
إنسانُنا إذْ يُستَباحُ فإنهُ
وُلِدَتْ جَنازَتُهُ لدينا
قَبلما يَلِدُ
في كلِّ يومٍ صرتُ أصرخ : لن أعودَ لمَعقلِ الأخبارِ !
سوف أَهدُّ داري
وكيف صار بنائيَ الوَرَقيُّ دارْ !
يا أجملَ الأحلامِ تنحَتُها يدُ الأحجارْ
أسلَمْتُ قافيتي نَجيعي
كيلا أضيعَ ولا تَضيعي
كيما أظلَّ على ارتقابٍ
إنما هُما دمعتانِ وقد سَكَبْتُهُما
فاين هي الدموعُ الباقياتُ الى الربيعِ ؟
ما أتَّقي ذَبْلُ الهواءْ
ما أبتغي فرحٌ كما فرح الدِّلاءْ
حزنُ الحياةِ وأهلُها
يمشونَ أجساداً من الأضواءْ
وإذا استحالَ وعَزَّ ذاكَ
فضحكةً لو يقطفونْ
رُغْماً عن الزَعَلِ المُدَلّى من خدودِ التينِ واللَّيمونْ !
لو يعرفونْ
كم قد توَحَّشْنا
وكم صُمَّتْ عيونْ
كَوني فقيراً منذُ جيلٍ ... لا يهمُّ
فمنذُ أيةِ حِقْبةٍ رأَفَتْ بأهليها السنونْ !؟
لكنني مُتَضَوِّرٌ من تُخمةٍ
هي هذهِ الجَمَراتُ
رغبةُ كائنٍ في أنْ يكونْ !

*************



بلا سُلَّم
*****
شمسُ الضحى ترقى بلا سُلَّمِ
كماردٍ يخرجُ من قمقُمِ
او عَبَقٍ ينسلُّ من ميسمِ
شمسُ الضحى تختارني زوجاً أثيراً لها
فأعتلي الغيمَ وتجتاحني
من شَبَقِ العري تلاوينُ
وما من لُجَّة النشوة من عاصمِ
وحالما يُطبق جُنْحُ المغيبْ
أهبطُ في خيطٍ من المسكِ
وغارٍ صبيبْ
وتستطيلُ الهمومْ
تحتَ سماءٍ دسْمةٍ بالنجومْ !
ويسدلُ الدانوبُ فوق الموج خُصلاتهِ
كسارقٍ أنجُماً
يخشى عقاباً قريبْ !
ألمْ تكن خُصلاتُه تقتفي
صرحاً وأنصاباً فِدى الريحِ ؟
وهل أحتفي
بجَنّةِ النسيانِ في مأواكْ ؟
ام انني أكتفي
بالأمسِ مرميّاً على سجادة الأشواكْ ؟
ام اصطفي الحُبَّ
وبالحُبِّ اذا قلتُ : كُنْ
يكون ما لمْ يَدُرْ
او لم يَجُلْ او يَمُرْ
في خَلَد الأفلاكْ ؟!

*********



نذرتُ جوانحي للإنتقام !
*************

نذرتُ جوانحي للإنتقامِ !
صَفيُّ البال ِ
أتْعبَني وأقوامي
ويعلمُ أنني أتعبتُ في إطرائهِ
كُتُبي وأقلامي

هو الوطَنُ الذي ناديتُهُ :
يا لَوذَعيَّ الروحِ ما الخَطْبُ ؟
ولكنَّ المواسي فيهِ أدمَتْني
ولي عمرٌ على العشرين لمْ يَرْبُ

تواضَعْ لستَ عَلاّمَ الغيوبْ
صنعتُ قواربي – كي ألتقيكَ –
من القروح , من الندوبْ
ومن نجوى الخيالِ وقد دنا
قَصَباً وأهواراً على الدانوبْ !

فهل ألقاكَ مُغتَسِلاً بلا ذنْبٍ
وكلُّ خطيئةٍ ذكرى ؟
قطعتُ اليكَ أجيالاً من الفَلَواتِ
يندى صُدْغُها جَمرا
وما من صخرةٍ إلاّ امتطتْها لهفتي مُهْرا

دمي المسكون بالأصدافِ
قد ماجتْ بيارقُهُ
ولاحتْ غيمةً فوق السطوح
فقلتُ : أنّى للمُكلّلِ بالمَسرَّةِ أنْ يراهُ ؟
فراتُ الطيّبن دمي
لك العُقبى ,
اذا أسلمتَ ثُمَّ عكفتَ
يُؤيني نَصاراهُ !

انا لم يبقَ لي ماضٍ
سوى التحديقِ في الرُّقَمِ
انا لم يبقَ لي زمنٌ سوى الكاساتِ في الظُّلَمِ !
انا لم يبقَ لي أبداً سوى حُلُمي
وأحلمُ ,
والكواكبُ مثلَ مِسبَحةٍ أُقلِّبُها
وتَبنيني المواجِعُ عالياً
هَرَماً على هَرَمِ

************



رُقى
****

كنتُ رضيعاً
إذْ تَنَبَّأتُ بما يأتي بهِ الشبابْ !
كانتْ أصابعي
بحجم أعوادِ الثِقابْ
كانتْ قلائدي
مِسْبَحَةً كرُقيةٍ من والِدي
كنتُ رضيعاً ما لَهُ إلاّ الفراشاتُ نِقابْ
ورَنَّةُ الخلاخيلِ
تَليها رَنَّةُ الخِضابْ !
وخاتَمي مُطَعَّمٌ بالأنجُمِ
وأحْرُفٍ من مُعجَمِ
أرنو اليها خَزَراً
وواحِدٌ من الصعاليكِ أجابْ :
لا تَدَعوهُ وحْدَهُ
فإنَّما مَقْصَدُهُ الكِتابْ
وموعِدٌ مع المنافي والعذابْ !

**************


أبكيك كي تزعل
********

أبكيكَ كي تزعلْ !
وإذا زعلتَ فدمعُكَ الأنبلْ
أبكيكَ كيلا تشتكي
انا أستفزُّكَ حينما أبكيكَ
فِعلي قاتلٌ
أدري به
لكنَّ فعلَ المُشتكى أَقتَلْ
يا انتَ فاستبقي اللآليءَ في ذُراكَ
ونجمُك الأعماقُ
يشهق بالبريقِ
فليس بحراً مُغْرِقاً ما لا يُحلِّقُ في البروجِ
وليس طيراً باشقاً ما لا يموجُ
وحَقِّ هَمِّكَ
ذاك هَمّي
حينما تسألْ
ستكون إذّاكَ الأَرَقَّ
وضحكُكَ الأنقى
والى ضُحاكَ تعود أشعاري ,
بلهيبِها
او ركبِها الساري
وما أبقى !
أنا هكذا قد علَّمَتْني آيةُ الآلامِ
أمَا أنتَ فالوطنُ
واليومَ كيف وكيف يا جَناتُ ,
بعضُ رحيقِها عَدَنُ
إنْ زاركَ الأحبابُ والوَسَنُ ؟!
او هذه الغاباتُ قاطبةً
ماذا ترى لو صرتَ أَبْحُرَها
وعلى مياهكَ تلتقي الأسماكُ والفَنَنُ !؟
او جئتَ بالأشياء من شيءٍ ولا شَيِِّ !
او صرتَ مَهوى كلِّ أفئدةٍ
وطوارقِ الأضيافِ
من قيسٍ ومن طَيِِّ !؟
او إنْ رأتكَ
فَحَطََّتِ الركبانُ عند رُباكَ وانحرفتْ
والقصْدُ كان بلوغَ نَيسابورَ والرّيِِّ !
ما نفعُ مزرعةِ الهوى
وثمارُها ليست سوى دوّامةِ الوَعيِ ؟
او زاركَ المجنونُ
يسألهُ ذوو الرأيِ ؟!
أنا لا أعيذكَ من جنونٍ كالقضاءِ
وإنما
من هجمةِ العُقلاءِ !
حيث الحُبُّ مُحتَرَفُ الجنونِ
ومَصْنَعُ الموتى الكِبارِ ورفْدُهم
والحُبُّ إرثٌ دائمٌ للمَيْتِ لا الحَيِِّ !
أنا كي يُجازَ لي الحديثُ عن اصطبارِكَ ساعةً
لا بدّ لي في البَدء من لَمِّ الشموسِ ونَثْرِها
فوق العراق سعيدةً
بالكَرْمِ والرَيحان والفَيِِّ !

****************



على مَتن القُلوع
********

تولّى كالضبابِ الليلُ
وانعطفَ الصباحُ
اذا بطلعَتِهِ فضاءٌ لا تزالُ تُزينُهُ الأشباحُ !
يا نفسي قِفي دوني
فماذا ترتجين من التغَرُّبِ بين هاويةٍ وأخرى بَعدُ ؟
ثقباً في بساطِ السندبادِ ؟
طُمُوَّ عَصْفٍ لا يُرى ؟
صَرْعاً كأهدابِ الرعودِ على الذُرى ؟
خَلَلاً بمركبةِ الفضاءِ ؟
فضيحةً في ليلِ أوروبا المُضاءِ ؟
هناك لن يبقى من الأمجادِ
إلاّ سيلُ أربِطةٍ على عنُقٍ غليظٍ ,
بَهوُ روليتٍ ينامُ على يوتوبياهُ الدعيُّ
فَيُسْتَزادُ شخيرُهُ أبداً ...
انا المَلاّحُ
مَركبيَ الجراحُ
أموُجُ فوقَ شوارعِ الدنيا
مَجاديفي الضلوعُ
وفوق الجانبينِ ترى هدايايَ التي انتثرتْ
فحازَتْها الجموعُ
ومن أُولى هدايايَ المِدادُ
ولكنْ وهْمُ سكرانَ الحصادُ !
كَوَهمِ الأمسِ
صحراءُ اتَّقَتْ لحناً نسيميَاً
ولاذتْ بالطنينِ
وما ترنَّمَ في الصحارى كلِّها إلاّ الجَرادُ !
وها انا مرّةً أُخرى هنا ألقاهُمُ في البابِ
أعرفُ مُبتغاهم دونما اسطُرْلابَ !
تسبقُهم أساريرُ الحنينِ !
ولكنْ قد أُصافيهم
ومخفورينَ أُرسِلُهم على متن القلوعِ
وربّما طابتْ مشاويراً !
وإنْ شاؤوا
على عكّازِ دولفينِ
الى جُزُرٍ
جواهرُها قد اختزَلَتْ بحارَ الهندِ والصينِ
وعند سواحلِ النِيلَينِ تنتظمُ الخيامُ لأجلهم ,
تمساحُها العربيُّ مضيافٌ
سيفتحُ جوفَهُ لخطاهمُ
ويَدقُّ ذكراهمْ كإسفينِ !
بِنفْسي أنتِ يا نَفْسي
تَعِبتِ من الأسى
في القُربِ والبَينِ !

*********



مِن ثَدْيَيَّ أُرْضِعُ الوحوش(*)
***************
صَفصافةٌ تُثْمِرُ إجّاصاً ... قصيداتي
زيتونةٌ تسيرُ في الأعراسِ ,
والهلاهلُ الثمارْ
طَلْعٌ يُظَلِّلُ الذاهبَ والآتي
ويَختِنُ الصِّغارْ !
*****
لكي تُجيزَ فِكرةً كالمَعْبَرِ الدقيقْ
بينَ الحقيقةِ الكُبرى وبين العَدَمْ
لكي تكونَ الساحلَ المُبْحِرَ والبحرَ العميقْ
لا بُدَّ أنْ تُصادِقَ الوَهَمْ
*****
تنتصرُ الروحُ , نعم
لكنَّها دون دفاعٍ هكذا دون غطاءْ
إنَّ انتصارَ الروحِ دائماً
لِباسُهُ العراءْ
*****
اذا انتَميتُ فانتمائي لضبابِ الغابةِ الشبيهِ بالهديرْ
لِرَجْعِهِ المُستَديرْ !
يُذْكِرُني بالشُّطوطْ
وبالمرايا والخطوطْ
أمّا وقد سعى الليلُ خُطىً أشُمُّها
وفي حَنايايَ أضُمُّها
فلتَذْكُرِ الغابهْ
انا الذي عمَّقَ فيها تلكُمُ الغرابهْ !
غرابةَ الأجنبيْ
يَشُذُّ عن أقرانهِ مُستَأذِناً
ومُستَعيراً في التعابير التي يختارُها
فضلَ نبيْ !
*****
بعينيَ الكُبرى أرى وحدتي
ملحمةً مكتملهْ
فتارةً أرتعي كالأفْيِلهْ
وتارةً أقدحُ كالنجماتْ
أمرُقُ من شرايينِ الزمانِ
أسبُقُ الصرخاتْ
أضاجعُ الذاتْ
أخلُقُ أعداءاً وأتباعاً
أُجَيِّشُ الجيوشْ
أزرعُ الغاماً وأنغاماً
ومِن ثَديَيَّ أُرْضِعُ الوحوشْ
وتارةً المَحُ كلَّ مبذولٍ لديَّ ثابتاً مُعَبِّراً فريدا
وحينما أفتحُ عينيَ الصُغرى – وقَلَّما أفتَحُها –
ألمَحُني وحيدا .
*****
هذا الذي كان وكان أيُّها الطبيبْ
أمّا لماذا جئتُ ها هنا فانني أجيبْ :
سُرتُ على الدرب دروبا
وحين ظَلَّ يمضي بي
أدركتُ أنَّ اللّعْنَ طُوبى
وعالمَ التشَرُّدِ النقيِّ كالإيمانْ
وفَجأةً وجدْتُني أوزِّعُ الأكوانَ بالدِّلاءْ
لكنني حين التَفَتُّ للوراءْ
إذا بقامتي قد أصبحتْ كرئتي مُحدودِبهْ
وكلِّ ما حولي مُغطّىً بالصدى والدخانْ
وكانت السماءْ
سُجّادةً مُثَقَّبهْ
خطوطُها تَضُجُّ بالوقاحهْ
مثلي انا الآنَ أجيءُ ناشداً منكمُ لا استشارةً
وإنما استراحهْ
تُغْني ولا تُغني .
*****
مِهما اختنَقْتَ او تنَفَّستَ بلا رئهْ
مِهما تكنْ محطّاتُ رؤاكَ هادئهْ
مهما كتَبتَ او أضربتَ
مهما تكنِ العِبارةُ البادئهْ
لا بُدَّ أنْ تطُلَّ من بين الأصابعِ امرأهْ !
*****
دافعُ تحنيطِ اليقينِ فاجرٌ
يطري لَذاذاتٍ
مَراسيها الضَّغينهْ
شوارعُ التَفَّتْ على الأعناقِ هكذا
كحَبْلِ سُرَّةِ المدينهْ .
*****
تَرغبُ أنْ تلحقَ بالأبعادِ
انتَ الجَسَدُ – القِشّةُ في دوّامةِ العيشِ
لكنْ للَحظاتٍ
ترى العالمَ أسماكاً هزيلاتٍ
وأمّا انتَ فالأوحَدُ فيها سَمَكُ القِرْشِ .
*****
معضِلةٌ مسدولةٌ يفيضُ عنها البَدَنُ
وثعلبٌ ما عاد ماكِراً وإنما مُدَجَّنُ
والريحُ لونٌ مُحزنُ .
*****
كلُّ الطيورِ هاجَرَتْ
وقد رأيتُها تَزعَقُ كالجيوشِ
هل يا تُرى حَطَّتْ ام انحَطَّتْ على رموشي ؟
*****
يكبرُ فيكَ الفنُّ والإنسانُ والينبوعُ والزَّهْرُ
وبالتوازي تكبرُ الخيبةُ فيكَ واختلاجاتُ الذُّنوبِ والأسى
فالثَّمَنُ القَهْرُ .
*****
تبحثُ عن مَدارِها الشفاهُ
أدري ,
وموسيقىً من الجروحِ يستقبِلُنا اللهُ .
*****
ها قد أطلَّ المَلَكْ
موَزِّعاً أسماكَهُ المُشَهِيهْ
رأيتُهُ في شاشةِ التلفازِ حيث الضوءُ والعطورُ
واللقاءاتُ على أغنيةٍ تتبعها أغنيهْ
جميعُهم بصحبةِ الكؤوسِ يضحكون حتى السَّمَكْ !
لكنهم ما انتبهوا للُّغْزِ
راحوا هُمُ في سُكْرِهِمْ
واللُّغزُ عادْ
أربَعَةٌ كانت وتبقى
حطباً ناراً فَجَمْراً
ثُمَّ يأتي أربعاءُ الرمادْ !
*****
نهرا بلادي
قابلاني عندما
آليتُ أنْ أمتدَّ بحراً
فاستعاداني نشيداً عند أحواضِ امتدادي ,
اشتَعَلا
كأنني قد كنتُ أشتاقُ اليَّ
استَمَعا للناي فِيَّ :
آليتُ أنْ أكونا
كما هُما مغامراً مجنونا !
*****
زائرتي جاءت مع الشتاءِ
لو تعلمُ بالذي يجري
قميصي في المشجبِ قد علَّقْتُهُ
وأفتحُ الآن لها أزرارَ صدري
وأنني أغلقتُ أزرارَ قميصي
حَذَراً من نَزْلةٍ هناكَ تأتيهِ
فربَّما تَرَكْتُني فيهِ !
*****
بعضَ الأحايينِ أرى الشمسَ
وكلَّ ما في النفسِ من حرائقْ
ومن جُسَيماتٍ وأجرامٍ ومن دقائقْ
كوحدةٍ يُمكنُ أنْ تُخْتَصَرْ :
سيجارتي ,
إصبعيَ الحادي عَشَرْ !
*****
أزقَّةٌ ضيَّقةٌ لكنّها مليئةٌ رأفهْ
أمشي على أطرافِها ,
أمشي لأني مؤمنٌ بالسِّحْرِ نوعاً ما او الصُّدْفهْ
مُصَمِّمٌ : لا بُدَّ أنْ يحصلَ شيءٌ ليس في البالِ
كأنْ تنزُلَ نحوي عِبْرَ ساقٍ مثلما اللَّبلابِ شُرْفهْ
او رُبَّما أعثرُ سكرانَ على كنزٍ طفا بالحَسَراتْ
او رُبَّما القى التي قد غادَرَتني دونما ذَنْبٍ بتاتاً
فأُحَيِّيها طويلاً دون أنْ تَجرأَ بالقولِ :
لقد جئتَ عزيزاً إنَّما بعدَ فواتْ ...
*****
ليس لأحلامي نظيرْ
الى بيوتِ النحلِ في الليلِ أرى
أسألُ : هل لي يا تُرى فيها سريرْ !؟
وشمعةٌ من ضوئِها أُعرَفُ ؟
او طَبَقٌ من عَسَلٍ
بهِ يدي تَهتُفُ ؟
لكنني شيئاً فشيئاً وتسَلَّقْتُ قراري
خارجاً من لُجَّةِ الجُبِّ
وداخلاً الى اللُّبِّ
ودونما مُقَدِّماتٍ
مَلِكاً صُرتُ الى جانبِها
وكان حظي الجانبَ الغربي !
*****
كُرهُكَ للأعمالِ
والحسِّ المُمِضِّ في تَكَلُّفاتِها أنكَ لا تَعملُ بل تغيبْ
ولَذَّةُ الديونِ ,
ما ألَذَّها وهيَ تجيءُ من غريبْ !
وفوقَ كلِّ ذلكم وتحتَهُ تطَفُّلاتٌ خانِقهْ
وقبلَ كلِّ ذلكُم وبَعدَهُ
يأتي الصديقُ – الصَّدَقهْ !
*****
يا طائرَ السُّنونو ذا الأجنحةِ الخمسينْ
لا تَبقَ بيْ في بقعةٍ
فأنتَ في أعيُنِهم كما انا بعينِهم
جُزءٌ من ارتِعاشةٍ تافهةٍ باطلةٍ
وسطَ رياحِ السنينْ .
*****
أفياءُ ظلٍّ في قرارِ بحري
تدفعني للبحثِ عن سِرِّ
لحنٍ مَريءٍ ,
أُغنيهْ
تُضيئني مثلَ يدٍ صغيرةٍ
تضحكُ في مساحةٍ لِدُميةٍ لاهيهْ .
*****
تستَقبلُ الحُمّى
تودِّعُ الأرصِفهْ
ترجو لها الراحةَ والأمانْ
تدخلُ مشفىً نفسهُ سكرانْ
لا شيءَ يعنى بكَ إلاّ الصمتُ , صمتُ المكانْ
وعالَمُ الرتابةِ المُتْلِفهْ
وأنجمٌ بعيدةٌ قد لا تراها مَرَّةً ثانيةً
تبدو كذكرى أثَريَّهْ
ونظرةٌ ترنو بها اليكَ في تَشَوِّقٍ
خمرٌ بعينٍ عسَليّهْ !
*****
لقد تمرأيتُ هنا في ظِليَ المديدْ
رأيتُني أُقَرِّبُ البعيدْ
أجمعُ أشتاتي
ما كان حَولي أحَدٌ
وقبلَ أنْ ينفتِحَ العالمُ لي ثانيةً
طويتُ مِرآتي .
*****
عاينتُها عند الوضوءْ
كانت تُرى لوحدِها
فما عرفتُ هُزْلَها من جِدِّها
وحينما اقتربتُ من ساقيةٍ قريبةٍ منها
أشحْتُ بيْ وحَيرتي عنها
قد كانت المخبوءْ
*****
هل كلُّ هذا راجعٌ للداءْ ؟
حَرٌّ وبَرْدٌ ثُمَّ شمسٌ ومطرْ
غيمٌ وصحوٌ ورعودٌ ووَفَرْ
يَحْدُثُ هذا كُلُّهُ في ساعةٍ واحدهْ
في طقسِ المانيا فيالَلمائدهْ !
يا أيُّها الطقسُ
على عِلْمي انا ما لكَ مِن أعداءْ
فكيفَ فُقْتَ حيلةَ الحَرْباءْ !؟
*****
ها قد دنا الليلُ المُغطّى بالهلالْ
وسُدَّ لونُ الأرضِ بالأقفالْ
وحلَّ في ذاكرتي لونُ القراميدِ التي
ياطالما قد ساحَقَتْها رَبَّةُ الأريافْ
والليلُ يُدنيني من الكنائسِ البعيدةِ الضفافْ .
*****
إنْ حُبُّنا عن حُبِّهِ ارتَدَعْ
وهو كذلكَ ارتَدعْ
فسوفَ لا أدَعْ
شرارةً واحدةً مني تُصيبُ حتى لو بلمعةٍ
قدْرَكِ او كيانَكْ
لذا فانني انا الذي قرَّرَ أنْ يقتحمَ الساعةَ نيرانَكْ !
*****
دمعٌ غزيرٌ
وخدودٌ لونُها لونُ البوادي
عُذْرُ بلادي !
*****
( شيءٌ يُذيبُ الصخرْ )
أمرٌ سمعناهُ
ولكنْ أنْ يَذوبَ الماءْ !
قد تمَّ هذا فوق سطحِ البحرْ
وعندما التقى جبينُ الماءِ
بانتقالةِ الضياءِ عند المغيبْ
ام انني انا الذي كنتُ أغيبْ ؟
*****
(*) كُتِبَتْ هذه القصائد في مستشفى مدينة كولونيا المعروف
Merheimباسم
خلال الفترة من17 - 2 الى 22- 2- 2007

**********************



قطفتْ نداكِ يدي
********

أرويكِ للشمسِ الوئيدة إذْ تمدُّ شعاعَها كخيامْ
والذكرياتِ كسُفْرةٍ
ودمي الطعامْ !
وحكايتي وطنٌ وقد حاذرْتُهُ
إذْ كيف مَن يصبو لهُ لا يصبو إلاَّ للكآبةِ والفصامْ !؟
تلك الضريبةُ – لو عرفتِ – دفعْتُها
وربابةً بيدِ النخيل سمِعْتُها
فالى مَ أبقى مُذْنِباً وعَلامْ ؟
أروي دعيني ,
كنتِ يوماً وردةً ,
قطفتْ نداكِ يدي فقلتِ :
تَرَكتَني أطيافَ قُبْلَهْ
كيفَ انتَحَلْتَ هوى الطفولةِ
بينما شفتاكَ مُطْبَقتانِ من أَبَدٍ على آبادِ عُزْلهْ ؟
لا لستُ معتزلاً ولكني أسيرُ
فتقاربي , سأُريكِ بعضَ تَذمُّري
وأُريكِ بعضَ تَطيُّري
ويُريكِ صحرائي خريرُ !
ما أنتِ إلاَّ فكرةٌ صاحبتُها
ممشىً ونافذةً وحقلا
ما أنتِ إلاَّ دمعةٌ
وتمارسُ التحديقَ في عينيَّ عن بعدٍ
فهل ستظلُّ خجلى ؟
خجلى ولكني أُحِسُّ بأنها
ستطير من رمشٍ الى رمشٍ
وتملأُ راحةَ الضفَتين قتلى !
قتلى كأنَّهمُ أغاني الريفْ
قتلى بدون تأَلُّمٍٍ ونزيفْ !

***********


أتدلّى مِن كنوزي
*********

يا دموعي الخُضْرَ
هل انتِ التي زانتْ نواحَ العاشقينْ ؟
فارتضاني مُقلةً دمعُ المَجرّاتِ جميعاً
والدُّنى والعالَمِينْ ؟
*****
هكذا يُغري الترابُ الذكرياتْ
عبَرَتْ روحٌ سَنىً في سِكَّتي
فتذَكَّرتُ زماناً مع حُلْمِ الطفلِ
بالمَكتَبِ والبدلةِ والجرسونِ يأتي بالدَّواةْ !
*****
نحو غَورِ الظُلْمةِ العَجماءِ تهوي شُهُبُ
غالباً ما تتثَنّى الخمرُ عندي شمعةً مُؤْنِسَةً
حيثُ كوبُ الشاي لا يقوى على المَكْثِ
فيرتدُّ أسىً او خيبةً
أو قُلْ : عَلاهُ الغَضَبُ !
*****
لا أُبالي بالصباحاتِ اذا جاءتْ حزيناتٍ
وإنْ ناداني أسْرُ
طالما أنهضُ في منتصَفِ الليلِ من الحُلْمِ
وقد عَضَّ دمي المسفوحَ نِمْرُ !
*****
لَكَم احتَجْتُ لرأي البُسطاءْ
ولَكَمْ أحسَسْتُ باليأسِ
فقَلَّبتُ حزيناً كُتُبَ السِّحْرِ
وشيئاً من تعاليمَ بها يَنصَحُ
بعضُ الأولياءْ
*****
ظُلْمةٌ لكنما تَزخرُ بالألوانِ كُلاًّ
إنْ تباغِتْها بشيءٍ من إنارهْ
تلكمُ الروحُ
فما بالُكَ بالنورِ الذي يمنَحُهُ الشعرُ ؟
وقد يكفيكَ أحياناً من الحُبِّ الذي خَلَّفْتَ تِذكارٌ
وقد تكفي إشارهْ .
*****
إنْ تُرِدْ مجداً حقيقيَّاً كمَغْنَمْ
فلتُغادِرْ أيها الإنسانُ نفسَكْ
تاركاً للغدِ أمسَكْ
او لِتأْثَمْ !
ليس نُصْحاً ما تفَوَّهتُ بهِ
لكنما الآلامُ تُرْغِمْ .
*****
مِن سياقاتٍ هي الإمكانُ
تَلقى قلْبَكَ المُتْعَبَ يختارُ سياقَهْ
إنما الأصعبُ في كلِّ السياقاتِ .... الصداقهْ !
*****
صرخةُ الأُمِّ
ويتلوها صراخُ الكائن الأَوْهَنِ مولوداً
وصرخاتُ الطريقِ الصعبِ
والرعدُ وموجُ البحرِ
والدمعةُ والقُبلَةُ والضحكةُ والأحلامُ كُلاًّ
إنما صوتٌ بِصوتْ
ولذا قد جعلوا الحكمةَ في الصمتِ
وليس الصمتُ هذا غيرَ مَوتْ
*****
هاجسُ الرغبةِ مفتوحٌ على شتّىً
ولِلإنسانِ تركيزٌ على كلِّ القُطوفْ
فاذا ما كنتَ لا تقطفُ إلاّ الجزءَ في شَكٍّ
ففنّاناً ستبقى
وإذا ما كنتَ لا تُلقيَ إلاّ نظرةً حَيرى فانتَ الفيلسوفْ !
*****
شَجَراتُ السِّدْرِ قد مالتْ بصمتٍ
فوق صمتِ الخطوِ والإسفلتْ
أيها الكونُ الذي أعرِفُهُ مُذْ كنتُ طفلاً
أين انتْ ؟
*****
كم جميلٌ وجهُ هاتيكَ الصبيّهْ
تبسمُ الآنَ الى شيءٍ كما الضوء يُرى
وأرى خصلاتِها مضفورةً تبسمُ أيضاً مثلَها
نحو بحرٍ من أسىً يمتدُّ فِيَّهْ .
*****
صرتُ أدري بالذي سُمِّيَ في الفكرِ
( هنا والآنْ )
عازفٌ يستقطب الغاباتِ حَولي
وجماهيرُ أطَلَّتْ فَجأةً أَرْؤُسُها
من بين قُضبانِ الكمانْ !
*****
عند هذا الحدِّ صمتٌ وسُباتْ
فكرةٌ تطلعُ دُولفيناً
على سطحٍ طفا بالجَمَراتْ
دائمُ البسمةِ هذا الكائنُ – الدولفينْ
إنما مَن يتبعُ البسمةَ حتى قاعِها
ليراها دمعةً في طَرْفهِ البادي الأنينْ ؟!
*****
ليس يعنيني من المرأةِ تِلكُمْ
ما خلا الظلّ الذي قد خلَّفَتْهُ
او صَداهُ
فأراني قد توقّفتُ لحينٍ عندَهُ مُستفْسِراً
مَن ذا رَماهُ ؟
*****
إنْ مضتْ من سُكرةِ العمرِ هنا جُلُّ المسافاتِ
ولم يبقَ سوى النزرِ اليسيرْ
فلقد أرّختُ بالحُبِّ قروناً لم يروها
ولها في حِيرةِ النُّعمانِ مليونُ سديرْ
*****
البروقُ الزُرقُ تمضي فوق أنظاريَ
سَيلا
ودمي قد رفَعَتْهُ نحوَهُ الراحاتُ
ليلا .
*****
كنتُ أصغي
كلَّما أغشى مَمَرّاتِ الشموعْ
فاذا نبضاتُ قلبي
كفقاعاتٍ تشَظّى جِلدُها
بين الضلوعْ
*****
إنما الأوطانُ للإنسانِ
كالأنهارِ للظمآنِ ,
في قيدِكَ تجتازُ صحارى قاحلاتٍ
طالِباً قطرةَ ماءٍ
لا محاراً او عقيقْ
فاذا ما لاحتِ الأنهارُ
لا تحتاطُ من موجٍ
وتسعى صَوبَها
فاذا انتَ المُعَنّى
- إنْ تشأْ او لا تشأْ -
فيها غريقْ !
*****
في دمائي غبطةٌ ليستْ تُدانى
والسعاداتُ التي فيها
غدتْ
أَهوَنَ ما فيها
كما الخُلْدُ أَوانا
إنها تَشعُرُ باللا عدلِ حيناً
فانهبوها
سُعداءَ
وحَزانى !

*****



انتهى

2007 - كولونيا

aliomar71
28-05-2007, 02:03 AM
الأخ سامي العامري,
من عراقنا الحبيب هبت نسائمكم , فيا روح هلمي نشم هاتيك العطرا
نتشرف بقراءة ما خطت يداك , و نتمنى لكم الرجوع لأهلكم سالمين ,
العراق جرح لك عربي كما هي فلسطين ,
الكلام أضحى غصة في الحلق
و نتمنى من الله الفرج
أخوكم عمر