المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " شيْمَـاء .. في قلبِ الحَنينْ .."



رغــد
07-07-2006, 01:01 AM
قصة واقعية .
الشيء الوحيد المُحتمل الوقوع دائماً
هو الحزن .
دائماً هو الحزن" واقع .. في الواقع ".

أنا في قلب الحنين .

.
.

أجل ..

في " الدمّام " .. في عقر مدينتك الدافئة , التي تهزّها الرطوبة ولا ترهقها ..
الدمّام التي تحمل في جيوبها صوراً لك .. وفي أكمامها بيتك .. ومقرّ عملك .. وعلى صدرها وقع خطواتك , وخلف أذنيها الكثير من رائحتك .

صدّق أو لا .. هذا القدر يأتيك بي .. وبحقائبي وكلّ مايخصني .. هذه هداياكْ تعود.. اتيت ومعي كل شيء هُنا .. حتى ذكرياتنا الماضية.. هي الأخرى آتية .. أيضاً على أكتاف الحنين .
ترى .. هل سيخبرك حدسك . أن نصفك الآخر هُنا .!؟
صدّقني لا أعلم !.. هل الحنين قد هدّني حتى قد أو شكت على اليباس فرغبت برؤيتك ! أم هي منعطفات المدينة التي كانتْ مُحرضة على احتضانك ؟؟.

لا أفتأ أتفحص أصغر الأشياء وأعظمها هنا .. لا أتعب من تأمّل الليل ومراقبة النهار.. والناس والأطفال والأشجار والشروق والغروب .. أكاد أحفظ طقوس مدينتك .. ولم أدرك بعد معنى الشعور الذي يخالجني الآن .. إنها ضحكات مغمورة بالحرقة وسيل الدموع المدرار .

" يزيد ".. طفلي الأول الذي بلغ بالأمس فقط .. خمس زهرات مثمرات .. يزيد الذي لم تتعرّف عليه بعد .. يدور في فناء المنزل بسعادة غامرة . أحضر له والده كلّ مايمكن من ألعاب ومغريات تقوده للمتعه فقط .. فلا يشعر بالفقد تجاه منزلنا القديم .. وأبناء عمومته الصغار ..
يُرهقني التطلّع في عيني هذا الطفل كثيراً .. ويرهقني معها استحضارك أنت .

لم أكن أعلم بفداحة جرمي تجاهه حتى حملتُ بفيصل .. طفلي الصغير .. وتيقنت معنى أني قد أصبحتُ أمّاً , وأن لديّ طفلين وأباهما .. وأن افتراقنا صار أمراً حتمياً .

.. لا أجد معنى لما أقول .. ولا أجدني على شجاعة كافية للاتصال بك .. والتحدث معك الآن .. على الرغم من سيل الحنين الذي يجرفني برمّتي إليك وحدك .

سوف لن تصدّق .. أني ماأحببتُ سواك . ولارغبت بسواك .
سوف لن تتفهم كيف أخفيت عنك حملي الأول .. وتجاهلته واخترت أن أستمرّ بعلاقتي بك .!
سوف لن تدرك أني تركتك , وأنا على رغبة هائلة بك .
سوف تنهي المكالمة بعدمَا أتجرّع منك أحد الأمرين .. إمّا بركان حب ثائر .. أو تأنيباً لاذعاً قد تتضمنه قسوة مقبولة .
أعلم أنك رائع وفاضل .. وأنك تحتملني .
وأنك على رغم مافعلت بك .. تحبّني .
أعلم أن لا أجمل منك إلا أنت !
وأعلم أني قد أخذت عهداً على نفسي بعدم العودة إليك .. فلماذا هو القدر يعيدني إليك اليوم .؟؟

ناصر .. أحتاج إليك .
أي مخاطرة سأقدم عليها لو قابلتك في أحد الأمكنة المتاحة لنظرات الحب .. ولو من بعيد !
أي إرادة ضعيفة هي إرادتي تجاهك ..!
أي رجل عطوف وحنون أنت .. فلا أعرف إلا أن أفكّر بك .

هل ذنب صالح .. زوجي المكتوب عليّ قدراً ..أني لا أحبه !! ...
أم ذنبي أني لا يمكن أن أحبه .؟
أم هو ذنب أبي الذي اختاره لي قسراً .. على الرغم من فارق العمر الكبير بيننا . أشعر بتأنيب ضميري تجاهه , وكلّما حاولت الاقتراب منه أجدني أبتعد مسافة أخرى وأحلم بعالم آخر .

لايمكنني أن ألقي باللائمة وبذنب الرجُليْن المنكوبَيْن " صالح وناصر " على أبي وحده ., أنا التي اخترت صالح حين كان لابد لي من الاختيار .. وحين كانت الخيارات المتاحة في الأصل قليلة جداً ., وحين كنت أخاف الرجال ولا أميّز بينهم جيداً .. وحين كنتً صغيرة تماماً .. وأقصى أحلامي فستان عرس أبيض .
بل وجاهلة أيضاً .
هل ثقافة فتاة لم تكمل السبعة عشرة عاماً من عمرها ستؤهلها لاختيار زوج ناجح يوافقها ويلائمها كما يجب !؟

أجل سأختار صالح .. هذا الرجل المكافح المناضل والثري جداً , سأختار صالح لأنه قضى عمره في رعاية أمه وأخواته بعد وفاة والده .. حتى أتاني خاطباً وقد بلغ من العمر الأربعين .
كان هذا ردي على أبي حين خيّرني بينه وبين اثنين من أبناء عمومتي في مقتبل العمر وفي منتهى الفسوق .

صالح سيحتمل المسؤولية كاملة .. وسيؤدي حقوقي كاملة .. سأحظى بحياة جميلة بين جنبات قلبه .
وبدأت أفكر في أيامي القادمة معه وتأرجحت مع أفكاري في السعادة كثيراً ..حتى أتى يوم الزفاف .. وذهبت معه لمدينة تبعد عن " تبوك " موطني ومقرّ أهلي وقبيلتي . ذهبت معه إلى حيث يسكن هو وأهله . وتفاجأت بأن مسكني كان فيلا ضخمة كلها لي وتحت تصرّفي .. كبيرة جداً فلم تستطع خادمة واحدة أن تقوم عليها .. فاضطر صالح أن يحضر خادمة أخرى .
فيلا كبيرة في مدينة صغيرة جداً تعاقر الجفاف وبها رمق ضئيل من حياه .

كنت سعيدة بهذا الترف . وحزينة بانشغاله الدائم عني . عضّتـني الوحدة بأنيابها وصالح غير آبه بي . فكّرت كثيراً في الانشغال بأي شيء يجعل من الأيام متحركة لاتقف .. قررت مواصلة تعليمي والالتحاق بالجامعه .. لكن صالح رفض بحجة أنه لاتوجد جامعه في المدينة الصغيرة التي نسكن بها . ولن أتركه وحده هنا لأواصل تعليمي بعيداً عنه ولا حتى بالقرب من أهلي .

رضخت له فوراً .
لقد كنت أهابه لقوّة شخصيته وحزمه وكثيراً ماكنت أراه في صورة أبي .
بدأت الكآبه تنتابني أكثرحين تأخر حملي .. وحين أخبرتني الطبيبة بأني أعاني من مشاكل يلزمني معها العلاج .
لم أكن لأفعل في منزلي الواسع أي شيء .. سوى التحدث إلى أهلي بين فترة وأخرى عبر الهاتف . كنتُ أحتاج لقنبلة تحييني بدلاً من أن تميتني .. فكل مافي منزلي يسقيني الشحوب .

صالح لايتفهمني .. ولا يصغي إلي . لاأذكر أنه قد ناداني بـ .. حبيبتي . كما لا أذكر كم مرة خرجت معه في نزهة أو إلى مطعم .

مطعم .. بالطبع لا . ليست من شيم رجال قبيلتنا تردد الرجال مع نسائهم إلى المطاعم كما يدّعي صالح . ولا يحفل معه أن أقارنه بأحد رجالاتنا المثقفين لأنه سينهي الليل بوابل من السب والشتم الذي سيدفعني لأن أبكي ثم أنام .

الصمت .
لاشيء غير هذا .. سيجعل حياتنا تسير .. أنا وصالح في صمت مستمر .. في قلق لانتظار طفل .. وفي غربة عنيفة استشعرها وحدي .

طلبت منه جهاز كمبيوتر .. على الرغم من جهلي التام به .
رغبت ببعض الانشغال في فكّ لغز الحاسوب , الذي لم نتجرّأ أنا وأخواتي على اقتنائه في بيتنا أبداً .. حيث أننا نجهل فهم هذا الكائن الصعب .
لكني اليوم تجرّأت وطلبت من صالح حاسوباً أشغل وقتي في تعلّم برامجه فيعوضني عن بعض ثقافة كانت فاتتني بعدما أطحت بفكرة مواصلة تعليمي ورميتها في سلة الممنوعات .

وافق بعد حين . وأحضر لي الحاسوب .

لاأنكر أن هذا الكائن الجامد الحي كان ممتعاً جداً . لقد قضيت الكثير من وقتي في مغامرة تقليب محتوياته والضغط المستمر على إيقوناته .. فوجدت الكثير .

كان من السهل علي في هذا الفراغ الكبير معرفة كل مايمت للحاسوب بصله .. سريعاً انطلقت نحو الإنترنت , واقتحمت العالم الإفتراضي , تعلّقت به .. وفي هذا العالم الحالم .. كان لقائي الأول بناصر .

كنا نحتفل كل عام بمرور سنة على لقاءنا الأول انترنتياً .. لازلت أذكر أول كلماته التي استقرت بمخيلتي حين كنت خائفة , جديدة , ووحيدة في هذا العالم الغريب متوشحة اسم " غريبة " .. أمّا هو فـ ناصر .
كان سيّد الغرفة التي أزورها بالشات كل يوم .. كل ساعة .. كل وقت لايكون فيه صالح بالمنزل .. وكثيراً لايكون .
يدير دفة الحوار إلى مايريد ويجعل مني متابعة جيدة له ولكلماته كان يرد عليّ .. يحدّثني ويرحب بي ان حضرت . كان لايستخف بأحد مرتادي الشات وكان يحتمل تهكم البعض لقد صرت أراقب هذا الاسم كظله .

كنت أفتقده إذا ماغاب . وأشعر بغربتي حتى في هذا العالم الافتراضي اذا لم يسجل حضوره في يوم .
توالت الأيام وزادت معرفتي بناصر عبر الماسنجر . أجل لقد أصبح لي إيميل خاص بناصر.. وإيميل عام بأخريات ..
أخبرته كل شيء عني وعن حياتي القاسية مع صالح وأحزاني وأهلي وكان ينصت لي بحب . أهداني كل وقته .. وكل مايمكن من ود .. وكل ماقد صادفته من عطف وحنان . لقد غيّر ناصر حياتي كلها فصرت أجد أن بالحياة متع لم نلمسها بعد وهناك المزيد من الوقت لنكتشف الجديد .

قال لي أن ناصر هو اسمه فعلا .. وأنه يسكن بالدمّام .. ويعمل بأرامكو وأنه غير متزوج .. ولا يفكر بالزواج الآن .
كان ينصحني بأن أستمر مع صالح وأتحمّل وأصبر طالما أن قبيلتي لاتعطينا الخيارات لحياة نختارها . شعرتُ أنه صريح جداً معي .. وأنه رقيق جداً يتأثر مع كل كلمه أرسلها له .. ويردّ عليّ ردوداً تدوّخني وتصبّرني على أيامي مع صالح .

قلت له :
ـ أنت لطيف ورقيق .. تتحملني وتنصت إلي .
فقال :
ـ دواعي إنسانيتي تستدعي هذا وأكثر .

قلت له :
ـ لكنّ أغلب الرجال ليسوا مثلك !
وقال :
ـ شيماء .. هنالك الكثيرون أفضل مني لاتنظري إليّ فقط . كلّ إنسان لابدّ أنه يحمل بدواخله صفات جيدة . وإلا لما تعايش الناس مع بعضهم . لابدّ أنّ صالح كذلك .


كلماته هذه جعلتني أفكّر طوال الليل .. حتى جاء صالح .. استقبلته بتودد ولطف . همست له مُرغمة .. وبلا أي مناسبة : أحبك .
كان يبادلني الحب بالجفاء .. كان لاينظر إليّ . جيّد أنه لم يفعل وإلاّ لأدرك حجم الأكذوبة التي أتزين له بها الليلة , إن كان يفهم شيئاً في لغة العيون .

أحبطني من جديد .. لايهمّه من أمري عدا قضاء وطره مني فقط , و عدا أمر الطفل الذي ينتظره .. . كنت أشتاق لأهلي وأرغب في أن أراهم لكنه أخبرني أنني ليس بإمكاني أن أراهم قبل شهرين حين يحين موعد إجازته . لم يكن هنالك من مأوى سوى ناصر .. أسهر معه حتى قبيل الصبح متمللة , أشكو له صالح فيمسح دمعتي بكلماته ويهدهد قلبي المتعب حتى أذهب للنوم .

ألوم نفسي أحياناً على ماأفعله تجاه هذا الشاب .. أعتذر كثيراً عن بعض همومي فيرسل لي ابتسامة . أشعر دائماً بالحرج حينما يسهر أحياناً معي وأنا في حالة بكاء هيستيرية تجعله يذهب إلى عمله مواصلاً لاينام . وإذا ما تمالكت رغبتي في الحديث اليه أجد منه رسالة عتاب وشوق في الوقت ذاته .

في مارس وقبل ستة أعوام تقريباً فاجأني " يزيد " حين سكن عشّة صغيرة داخل رحمي . كدت أطير فرحاً وأنساً به وسعادة .
صالح كذلك . كان سعيداً بخبر حملي سعادة منضبطة لاتخرجه عن طور مشاغلة . لم أرغب في أن أفقد ناصر .. لذا أخفيت عنه خبر حملي .
كان يعني لي شيئاً كبيراً وعظيماً وكاد أن يكون من أهم الأشياء في حياتي , من الصعب عليّ أن أترك شيئاً ثميناً ذا قيمة ووزن بحياتي الفارغة كناصر .

بقيت أتواصل معه بسعادة .. وطفلي في بطني يكبر ويكبر .. صار يرهقني السهر , ولم أعد أحتمل الجلوس كثيراً على جهاز الكمبيوتر . كنت أتعذر بأعذار غبيّة لأنهي لقاءاتنا . ومؤخراً أصبحتْ أكثر اللقاءات طولاً لاتتجاوز العشر أو العشرون دقيقة أقضيها معه بملل وتعب .
حينما بلغت الشهر الثامن قررت أن أذهب إلى بيت أهلي ,وامكث عندهم حتى الولادة .. فكّرت في أمر ناصر كثيراً .. وشعرت بالذنب تجاهه كثيراً .

لم أترك له رسالة على بريده .. ولا خبراً عني .. ومضيت إلى أهلي .

كنت أترقب قدوم طفلي بخوف وفرح وحذر .. كنتُ أخشى من يوم الولادة وهذه الأفكار أخذت جلّ وقتي .. وكان هذا مما ساعدني على نسيان أمر ناصر تماماً خصوصاً وأن أهلي لايملكون في بيتهم حاسوباً .

أخيراً قدم يزيد .. وقدّ كلفني قدومه الكثير من الفزع والتعب . لكني مع هذا مسرورة به . أحببته أكثر من أي شيء آخر في حياتي .. وانشغلت به لفترة طويلة قد امتدت لأشهر .
كنت ملاصقة له دائماً , وكان صالح يحرّصني على الاهتمام به أكثر , وأسرع في طلب خادمة ثالثة تعينني في تربيته .. يريدني أن أتجاهل كل شيء في المنزل عدا طفلنا .. كان هاجسه الوحيد هو " يزيد " .

كبر طفلي وقد قارب عمره العام الواحد .. واستعدت صحتي وكآبتي وفراغي .. وكلما كبر طفلي أكثر بدأ يعتمد على نفسه أكثر .. صار يجلس وحده غير مسنود لي .. صار يحبو ويمشي .. بدون مساعدتي .. صار مشاغباً جداً وصرت أحيل أمره للخادمه دائماً .. حين لاأحتمل بعض ازعاجه .

من جديد .. يأخذني الحنين لناصر .. منذ مدة طويلة جداً لم أفتح بريدي ولم أتصفح رسائلي فيه .

كان ممتلئاً حدّ التخمة برسائل ناصر . كان يفتقدني ..و قلقاً جداً علي .. كنت أقرأ كل رسالة وكأن جبلاً ينهار فوق رأسي , لم أكن أتوقع أنني أعني له كل هذا . وأني فعلت به كل هذا .. أكلني الذنب فأرسلت له على الفور .

أرسلت كثيراً وكثيراً .. وبعد أيام ردّ ناصرعلى رسائلي . والتقينا على الماسنجر من جديد .
تقبّلت عتبه عليّ .. وأخبرته أن مشكلة عظيمة حدثت بيني وبين صالح ذهبت معها لأهلي بلا تفكير .. وكان ماكان .

بعد الحرمان .. التحمنا أكثر .
صرت ألتقيه في الصباح وقبل أن يذهب لعمله وبعد أن يعود .. في المساء وقبل أن ينام .. ارتقت مشاعرنا فحملت معان عديدة أجلّها الحب .

تبادلنا أرقام الهواتف .. واقتربنا من بعضنا أكثر . كنت أتصل به ويعود ليتصل بي فوراً كي لايظهر رقمه في فاتورة هاتفي . كثيراً ماأجد طارقاً يحمل لي هدية منه .
كنت أسعد بهداياه على الرغم من بعد المسافة التي تفصلنا لكنه يتكبد عناء احضارها إليّ عبر من يعرفهم هنا .

تلقيت اتصالاً من أقرب صديقاتي إليّ , كنتً أسرّ لها بكل شيء عني وعن أهلي وناصر .. كل شيء . قالت أني مجنونة فضحكت .
قالت أيضاً أن القبيلة ستقتلني إن علمت بأمري .. وأن صالح لايلام على ما سيفعله إن علم بهذه العلاقة .
كنت أخبرها أنه الحب . الحب الذي لاتعرفيه .. الاحتواء واللطف الذي أفتقده. الجنة التي تنقذني من الجحيم , الرجل الكامل الذي كنت أحلم به . والذي أحتاجه اليوم وكل يوم . لكنها لاتتفهم .

قلت لها : لو كان زوجك كزوجي لما لمتني الآن . فصمتت . ثم عادت لتحذرني حتى سارعتُ بانهاء المكالمة متضجرة لماتقول .

ذات حب .. قال :

ـ أحبك .
قلت باكية :
ـ لمَ !
ـ امرأة كأنتِ , كيف أبرر لها بأني أحبها , وكم من أمرسأقوله ويكفيك لتثقي بأنك امرأة تُحب هكذا فوراً بلا مقدمات .!؟

كنت أسأله لمَ لمَ .. وكان يرد عليّ بالكثير من القصائد , ويذكر كلّ مايعجبه فيّ بغزل واضح وجعلني سيدة للنساء .. في حين أني تعبت كثيراً من قوله " أحبك " .. وبكيت كثيراً .. كنت أنتظرها هكذا بلا أسباب من زوجي صالح ! .. فلماذا تأتيني الآن من ناصر شفافة وعذبة .. جميلة تتقطر عشقاً ورقة وكأنما هي لحن فريد ..؟!!


تركت قلبي راكضاً مندفعاً حيال ناصر .. لم أدع كلمة حب واحدة إلا وقد نثرتها في مسامعه .. بحب أغرقته في الحب . ولم أتورع في صياغة القصائد له وحده .. كان همي الأكبر هو إسعاده والسعادة معه .

ناصر فقط كان يأخذ جلّ وقتي وتفكيري .. وجل اهتمامي .
أذكره بغدائه وعشائه وأحدد له مواقيت نومه وصحوه وطعامه وبرامجه اليوميه . أوقظه لعمله يومياً بهمسة حب .. وأهتم لهمومه مشاكله وأرصد الحلول لكل شيء معه .

كنت نصفه الآخر وكان غذاء الروح وراحة النفس الحزينة .

في خضم الحب .. يطرق في أحشائي طارق غير منتظر .. إنه فيصل طفلي الصغير ذا الثمانية أشهر .

حامل .. !!
مع الأسف .

يؤسفني أن أستقبل فيصل بكل أسف .. لاأعلم أي أم أنا .. طفلي سيظنني مع هذا الأسف وضيعة حقيرة .. لأنه أيضاً لايعرف الحب .

مالي سواك .. أنت ياناصر ..
هرعت إليه .. كان صوته خدراً لأن اتصالي جاء في وقت قيلولة , أطلب منه دائماً أن ينام فيها ويرتاح .. لكن سريعاً ما دب الخوف بصوته حينما تفاجأ بمكالمتي في هذا الوقت ..

ـ ناصر .. أنا حامل .
كنت أحادثه وأنا أبكي .

تفاجأ كثيراً .. وطلب مني أن أهدأ وأسترخي .. وطلب مني وعداً أن لا أبكي فوعدته .. وقال أنه سيعاود الاتصال بي في المساء .

كانت نبرته هادئة حينما هاتفني وأنا حزينة .. هو يظن أنه طفلي الأول ..
قال لي :
ـ شيماء . لقد وهبك الله ماتريدين وتطمحين .. هذه إحدى أحلامك تتحقق . لطالما أخبرتني منذ سنين بأنك تحلمين بطفل .. هذا هو الطفل قادم .. سيحيل أيامك ورداً وعبيراً .. ماأحلى الأطفال في المنازل الخاوية .
مع هذا كنت أبكي .. وأخفي عنه بكائي .
أسمع صوته وأمسح دموعي .. ولازلت أبكي .

أبكي بكاءً مراً لأني أدركتُ بداخلي أنها النهاية .. وفيصل يلكز الحب , وطفلين لامرأة مثلي تخنقها القبيلة يعني أنه لامتسع للحياة أكثر . بقدوم فيصل سأخلع ثوب الضحيّة لأرتدي أثواب المضحّية . سأكون أمّاً تكرس حياتها لابنائها فقط , دون أن يكون لها الحق في أن تحيا كما تريد , أو تختار النهاية التي تعجبها . رفسات فيصل في بطني كانت صفعات توقظني لأفيق .. وأدرك بأن هناك جبالاً من المسؤوليات تنتظرني , وأبناء بحاجة لي , وغد مُبهم يجعلهم يتشبثون بي , ويجعلني أرعاهم أكثر . وأهتم بأمورهم أكثر .

ربما فيما بعد ستفهم أسباب هذا الرحيل المفاجئ ياناصر . ستعذرني لأني ذهبت لأضع مولودي عند أهلي ولم أخبرك . حتماً ستلتمس كل عذرلي إذا ماعرفت أني قد غيّرت رقم هاتفي .. وقررت الانشطار عنك .. ومنك .

أطفالي .. أطفالي .. القيد العظيم الذي منعني من العودة إليك .

الحنين اختارني لأكون في قلبه .
لو تعلم كم هو مرهق مجرد التفكير في نسيانك ياناصر .
لو تعلم عظم حاجتي وتفاقمها إليك .. !!
لو تدرك كيف أن الذكريات تصرعني لأشفقت علي .. ولو تعلم حجم خوفي عليك بعدما بحثت عني ولم تجدني .. لما فكرت أن تعاتبني .

لاشيء بإمكانه أن يقصيك من تفكيري . ولا حتى فيصل ويزيد .
لاشيء يجعلني أتعافى منك !
وكل ماأرجوه الآن أن تكون بخير .

طفلي الصغير يلازمني , بل أنا التي أصبحت ألازمه .. وكأنما أريد منه أن يحميني من غارات الحزن علي , أو كأنني أرى فيه دعماً لي على ماأفعل , كأن في عينيه بريقاً يشعرني بالقوة والإصرار على القرار .. وكأن في يديه الصغيرة سحراً يلامسني فيلغي عقدة الذنب وتأنيب الضمير .

قبل يومين أخبرني صالح أنه قد حصل على ترقية في عمله ولابد لنا من الرحيل جميعاً إلى " الدمام" .. مقر عمله الجديد .

ياااه .. يالها من مزحة !!
أسخر من ماذا .. مني أو من الحظ ..!
أو منك ياصالح ومن أطفالك وعملك وكل مايتعلق بك ؟!!
هل يتوقع القدر أني أملك إرادة حديدية .. مثلا ً ؟!
أو أني سأملك صبراً لايضاهى .. وحزماً لايعرف الحنين ؟!!
هل حظي سيصبح تعيساً في موطن الحب والجمال !؟
ناصر .. ناصر .. تخيل أني آتية إليك ؟!
تخيّل أن مسكني سيكون هنا بالقرب منك .. هوائي ذات الهواء الذي حدثتني عنه متذمراً حين كنت تتضجر من رطوبته !!
سأتبضع من ذات المركز التجاري الذي كنت تشتري لي هداياي منه !؟
وسأرتاد الشواطئ التي كنت تهاتفني وأنت جالس بها !!

ناصر ..
أنا اليوم أقرب إليك مما تتخيل .. !!



.
.

رغد

29 ـ 5 ـ 2006

Areej
07-07-2006, 08:14 PM
رغـــد..

كان عليّ حتما أن أقرأ قصتك.. و أضع ردي ساخنا هنا..!

كان علي أن أتمرغ في قلب الحنين.. و أخرج مبتلةَ الكلمات .. بكثيرٍ من الدموع المنتهية الى صمتٍ مطبق!!

كم (ناصرٍ) تحتاجه ألفُ (شيماء) .. في زمن الجفاء المستبد!

و لماذا لا يدخل مفتاحُ الحب قفلَه.. فيركب دوما.. باباً صعب المراس.. قفلُه لا مفتاح له!!

لماذا لا يأتينا العشقُ مثاليا !! لمَ علينا دوماً.. أن نكتبه حدثاً حزيناً خالداً.. في دفتر أيامنا المهترىء!؟؟؟

لمَ يكون الدفءُ دوماً مغلفاً بألف طبقةِ ثلجٍ قاسٍ!!

.
.
.
.

قصصك يا رغد.. تلامس القلب بعنف!! بحرارة !! بشيء غريب ..!!

مبدعةٌ أنت والله يا رغد.. أفخر بقلمك دوما ..

محبتي,,


أريــــج

ألنشمي
07-07-2006, 09:25 PM
000

00

0

كلمات جرئيه000بقدر ماسأت شيماء000

000 كانت لي وقفه 000 انتقتلت خلالها بين الكلمات 000والاسطر 000 لا جد نفسي 000وكأني مثل شيماء00

000 لما نفتقد لتلك العاطفة ؟000 هل لاننا لم نحقق احلامنا في حبنا الاول000 لماذا نكون عطشى 000

0-00 اهو خلل 000 في حياتنا 000 لم اجد شيماء الوحيدة 000ولم اجد نفسي كذلك 000 هناك اخرون كثيرون 000يتعطشون 000 يفتقدون 000 واين يجدونها 000؟؟

000هل الكل يفتقد ثقافة العاطفة 000 الحب 000 الحنيه 000 ليغمر بها الطرف الثاني 000 لترتوي الروح 000 وتبقى ساكنه 0000 السنا من طين والطين اليس من الارض000 اذا الماء لم يغمر اعماق الارض000 تجف 000 وتثور وياتي الريح فينقل ترابها من مكان لاخر000 وهل ننتظر ذلك الريح لينقلنا الى احضان اخُر 000وبذلك نكون خسرنا ديننا ودنيانا 000

000الم يآن للقلب أن يسد عطشه 000والروح أن ترتوي000من يفهمنا ؟ من يرحم لحالنا ؟ الى متى تكون القلوب مكبوته 000اننتظر الانفجار 000 واي انفجار يعقب ذلك 000 قد يؤدي للهلاك 00!!

00 رحماك ربي 000 فقلبي بين يديك تقلبه كيف تشاء 000 فارحمه 000 وثبته على مرضاتك 000

000اوخيتي رغد

مررت 000ومعذرة 000 فقد خط قلمي 000 وارجوا السموحة أن تجاوزت

000فلم يكن لي أن اتنفس الا بحروف كلماتي000 كتبتها هُنا 000

00

0

0

0



حفظك الله ورعاك



0

0

0

0

0

تحياتي

Petals
07-07-2006, 10:00 PM
رغــد ... جميــلة


البداية الجوانيـة والمدينــة...جميـلة جدا لغويا وفنيـا أكثر مما تلاها في سرد الأحداث..


لا أذكر من قال أننا نحب المدن كحبنـا للأشخاص...


تذكرت صاحبـة توقيعــك وافتنانها في ذاكرة الجســد ;)


دمتِ بــود

جمال الروح
08-07-2006, 02:19 PM
"شيْمَاء.. في قلبِ الحَنينْ"

لحنٌ قوي مؤلم عبَرَ ثنايا الروح,, ليترك بقعة داكنة تبكي لبكائها..!

مذهلٌ ذلك الحب الذي يأتي مقتحما كل الابواب الموصدة!..

ولذلك,, مؤلمة هي النتيجة...!

ولأنكِ تركتِ لنا نهاية مفتوحة,, جعلتنا لا نقف عند آخر سطر,, بل نتعداه بخيالنا المُمِض لنجد أنْ .. "لا نهاية"... !

بهرتِنا غاليتي رغد بأسلوبك.. وبالحبك المؤثر لهذه القصة..

قرأتها مراراً,, وتوقفت عند جمل كثيرة متأملة.. بعمق..

وخصوصا البداية:

الشيء الوحيد المُحتمل الوقوع دائماً
هو الحزن .
دائماً هو الحزن" واقع .. في الواقع ".

رغد.. بوحُكِ آسر..

دمتِ مبدعة..

المتمردة
11-07-2006, 07:22 PM
:drr05_38: :drr05_38:
قصه رائعه حقا
تحياتي لصاحبه القصه وان اخطئت فكلنا بشر ومعرضين للاخطاء
فالخطا ان نستمر ولا نعود عن اخطائنا
وعميق تقديري لكاتبتها فقد اجادت واجادت

نور عبدالعزيز
13-07-2006, 03:08 AM
تحية صيفية..
رغم عودة الشتاء باكرا هذا العام بقصتك..


هل تسمحين لي بالنقد

بالانتظار الاجابة لاعود واكمل..

دمت بنور

عماد عنانى
30-07-2006, 09:27 PM
أيتها المنسكبة في بحر وقت لم يوقفه نبض الألم
اي عزف تملكين
بأي قلم ( تكتبين\ تعزفين )
وقد كانت أنغام ترانيمك قصر من بكاء
الحزن باذخ الوجع هنا
يمتطي صهوة الجرح
و يوقد للفقد شعلة
مثخن بالجرح حرفك
و موغل بالقصور حرفي
حتى في حزنكِ تبقى مختلفة عن سواكِ
لكِ من الورد قافلة

دمت بود

زاد الركب
01-08-2006, 05:53 PM
المشاعر .. التي تولد من رحم الفراغ ..
تزيد القلب فراغاً ولا تملأه ..

رغد ..
أي ذهول ليس فيك .. !!


.
.

زاد ( ... )

رغــد
02-02-2007, 11:27 PM
رغـــد..

كان عليّ حتما أن أقرأ قصتك.. و أضع ردي ساخنا هنا..!

كان علي أن أتمرغ في قلب الحنين.. و أخرج مبتلةَ الكلمات .. بكثيرٍ من الدموع المنتهية الى صمتٍ مطبق!!

كم (ناصرٍ) تحتاجه ألفُ (شيماء) .. في زمن الجفاء المستبد!

و لماذا لا يدخل مفتاحُ الحب قفلَه.. فيركب دوما.. باباً صعب المراس.. قفلُه لا مفتاح له!!

لماذا لا يأتينا العشقُ مثاليا !! لمَ علينا دوماً.. أن نكتبه حدثاً حزيناً خالداً.. في دفتر أيامنا المهترىء!؟؟؟

لمَ يكون الدفءُ دوماً مغلفاً بألف طبقةِ ثلجٍ قاسٍ!!

.
.
.
.

قصصك يا رغد.. تلامس القلب بعنف!! بحرارة !! بشيء غريب ..!!

مبدعةٌ أنت والله يا رغد.. أفخر بقلمك دوما ..

محبتي,,


أريــــج


الحبيبة القريبة للقلب / أريج

سعيدة بك هنا .. في منطق قصة مؤلمة ..
لابد أن نتجرع شيئاً من الألم لتشملنا الإنسانية .. وليس لشيء أن يكون مثالياً .. فالفجائع تتأهب دوماً لتكون لفرحنا بالمرصاد .
حضورك .. مثل غيمة بللتني بلطفها :)

.
.

رغد

السـ ـأهـ ـره
16-02-2007, 07:05 PM
هي.تلك..
احلام النــساء..الفارغــات من مساحات الحب....
تهــوي بهــن.لـ يصلن فقط لـ كلمه..ترفع مقدار القلــب..
تجعل الـ حياه المستحيــله..
ممكنه...!
لا اضع لومــا..
إلا على قلــوب
ايقظهــا..يومــا بعد يــوم..
حنيــــن..

رغــد..
سعدت جدا بـ قراءت سطرك..
:)
آحترامي