المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة حزينة من أمل دنقل(تأليف:محمد سنجر)



محمد سنجر
27-05-2006, 09:34 PM
(تسلل من بين الجموع مهنئا على أدائي المسرحي،شد على يدي بحرارة)

:إيه الحلاوة دي،واد سنجري صحيح

( شكرته بينما دارت بعيني علامات الاستفهام البلهاء تبحث جاهدة في الذاكرة عن اسم صاحب هذا الوجه القمحي ،ارتدت أبواب الذكرى في وجهي منغلقة دون حراك ،فابتسمت ابتسامة بلهاء)

عاجلني بذكاء

:مش عارفني؟

(أكاد أجزم بأن هذا الوجه وجهي ولكن لم أر في حياتي كلها وجها يشبهني بهذا الشكل حتى أخي حازم ، ولذلك رفعت يدي مستسلما) :الصراحة مش قادر أجمع

:أخوك أيمن سنجر

( تعانقنا نطفئ حرارة فراق سنين طويلة ،بالرغم أن كل ما يربطنا هو تشابه في الاسم إلا أننا لدينا جميعا اعتقاد أننا جميعا أبناء عمومة فرقتهم دروب الحياة ، تعاتبنا على فراق لا ذنب لنا فيه ،تعاهدنا على ترقيع ما تبقى من شتات عائلتنا ووضع خطة لإتمام هذه المهمة الصعبة)

جلسنا نتجاذب أطراف الحديث

أفقنا على عامل المسرح يسألنا مستنكرا

: أجيب لكم بطانيتين ؟

( أفقنا ويا غرابة المشهد ) فعلا لا يوجد غيرنا ،مئات المشاهدين و الممثلين و المهنئين حتى الأصدقاء رحلوا في صمت ،سألنا العامل الحانق : وديت الناس فين ياعم؟

انفجر صارخا

: بلعتهم ،يالا يا خويا انت وهو هوينا

:ماشي ياعم المفترس

خرجنا نلحق بالفلول لعل منهم من ينتظرنا بالخارج

لم نجد إلا الصمت الذي أسدل ستائره على شوارع المدينة الغارقة في حزنها الأبدي، أبحرنا سويا إلى المجهول بدأنا رحلتنا بالمسرح ثم انعطفنا إلى الأدب ، حتى رسونا إلى ضفاف الشعر العربي

: بتحب شعر مين

: الصراحة ، المتنبي - إليا أبو ماضي - إبراهيم ناجي – نزار- مصطفى الضمراني – الأبنودي- نجم – فاروق جويدة، ده بقى غير أصدقائي ، ناصر الجيلاني ، عماد أغا ، فداء الشندويلي ، أسامة شريف ، صلاح أبو حطب

: ما قرأتش لصديقي أمل دنقل ؟

: مين أمل دي شاعرة برضة ؟

نظر لي نظرة استنكارية عجيبة ، عاقبني على جهلي بأمل ...بتجاهل الرد

و فجأة ..........قفز سابحا في روافد أمل دنقل

أخرج عملة من جيبه.......

ورفعها في الهواء ثم التقطها في خفة... وقال

:ملك أم كتابة؟

صاح بي صاحبي ،وهو يلقي بدرهمه في الهواء

ثم يلقفه ..

( خارجين من الدرس كنا ..

وحبر الطفولة فوق الرداء والعصافير تمرق عبر البيوت،

وتهبط فوق النخيل البعيد)

من يملك العملة يمسك بالوجهين

و الفقراء بين بين





( فتح كفه ،هوى كفي عليه في حرارة )

:الله الله الله ............

صاحبك ده بجد ؟ طب قول و الله

( تجاهلني وقفز ثانية يغوص و لكنه جذبني من يدي فهويت أغوص معه)

:لا تسكتي ..

فقد سكت سنة فسنة..

لكي أنال فضلة الأمان

قيل لي ( اخرس)

فخرست .. وعميت..

و ائتممت بالخصيان

ظللت في عبيد (عبس) أحرس القطعان

أجتز صوفها .. أرد نوقها .. أنام في حظائر النسيان ..

طعامي:الكسرة..و الماء..وبعض التمرات اليابسة

و ها أنا في ساعة الطعان

ساعة تخاذل الكماة..و الرماة... و الفرسان

دعيت للميدان

( و انزوى بي بين يدي زرقاء اليمامة ،

وكان الشاهد الوحيد على مقتل القمر ،

و روى لي ما حدث في مخيم الوحدات ،

قال لي : أن الطوابير التي تمر ..في استعراض عيد الفطر و الجلاء

( فتهتف النساء في النوافذ انبهارا)

لا تصنع انتصارا ،

إن المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحاري ،

لا تطلق النيران ..إلا حين تستدير للوراء)



تحشرج صوته فجأة

كاد أن يختنق

نظرت إليه ، فإذا بالدموع تترقرق في عينيه

حاول أن يكمل ما بدأناه لكن الكلمات اختنقت في صدره

حاول جاهدا أن يكمل حديثه عن صديقه أمل ،

خرجت الكلمات باكية

: و سلال من الورد ، ألمحها بين إغفاءة و إفاقة

تتنفس مثلي ـ بالكاد ـ ثانية ..ثانية

وعلى صدرها حملت ـ راضية..

اسم قاتلها في بطاقة

( ارتجف حزنا ،

ضممته إلى صدري أربت على ظهره ،

فانطلق في نحيبه )

:مات يا محمد يا سنجر مات

( صرخ بأعلى صوته )

: أمل دنقل مات يا محمد يا سنجر

( ارتج صدره منتحبا ،

حاولت السيطرة عليه ،

انفلت من بين يدي ،

صرخ بأعلى صوته

: أمل دنقل مات يا هوه

أمل مات يا عالم

( ارتجت البيوت من حولنا حزينة

لكنها أجابتنا بالصمت الحذر

بدأت الأنوار تتسلل إلينا من بين ثنايا النوافذ

بدأت بعض النوافذ تنفض مستطلعة )

: ساكتين ليه يا بشر ؟



خايفين ؟

خايفين من إيه جاتكم خيبة

بأقولكم دنقل مات ،

خايفين حتى تحزنوا عليه

حرموا عليكم حتى البكا ؟ ؟ ؟

( حاولت جاهدا تهدئته )

:أيمن ، مش كده يا أيمن الناس ها يطلبوا لنا الشرطة

ياله عشان خاطري

: ما أنت جبان زيهم ، كلكم جبنا ، كلكم

( انطلق كالمجنون يركض و انطلقت خلفه خوفا مما يمكن أن تسببه ثورته العارمة ، خاصة و أن الساعة قاربت على الثانية بعد منتصف الليل ، اختفى عن نظري للحظات حتى بلغ بي التعب مداه ، بعدها وجدته جالسا على أحد المقاعد الخشبية )

: البقاء لله يا عم هو مين فينا ها يعيش ؟

استهدا بالله بس و قوم بينا

أكملنا سويا طريقنا صامتين حتى وصلنا إلى شقته في بولاق الدكرور

استأذنته في الرحيل فالساعة قاربت على الثالثة بعد منتصف الليل

تمسك بالصعود إلى شقته المتواضعة في إحدى الحارات الحزينة

حاول أغرائي بإفشاء سر البطة و الحمام والفطير اللي لسه جاي من البلد

:لازم تيجي تستقبلهم معايا

( لا أخفي عليكم كان الجوع قد سيطر على معدتي و لذلك لم أتردد في تناول هذه الوليمة المغرية )

وبعد تناول الشاي عزمت على الرحيل إلا أنه أصر على مرافقتي إلى غرفتي في إمبابة

: أمل الله يرحمه كان صديق و الا زميل ؟

: زميل إيه يا حاج ؟ هو ممكن تقول كده إنه صديقي بالرغم من إني عمري ما شفته ولا هو يعرفني

: عروستي

: ياد ده صديقي من قراءتي لشعره فقط

: يا سلام ؟ للدرجة دي ؟

: و أكتر ، أحكيلك

(وبدأ في حكايته مع أمل كيف ومتى تعرف به و إلى أي مدى توطدت علاقته به ، حتى وصلنا إلى إمبابة

: سلام لازم تحضر المسرحية

: إنت ها تمشي من غير ما تعرف الغرفة بتاعتي ؟

وبعدين لازم كوباية شاي عالماشي و بعدين ما فيش كلية ، بكرة الجمعة

: ماشي يا ريس ما فيش مانع ، أنا عارف ها نقعد نوصل بعض للصبح

( صعدنا إلى غرفتي جلسنا نكمل حديثنا عن صديقنا أمل دنقل)

:لا تصالح ...

ولو منحوك الذهب

أترى حين أفقأ عينيك ،

ثم أثبت جوهرتين مكانهما...

هل ترى..؟

هي أشياء لا تشترى

لا تصالح على الدم ...حتى بدم

لا تصالح و لو قيل رأس برأس

أكل الرؤوس سواء؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟

أعيناه عينا أخيك؟

وهل تتساوى يد...سيفها كان لك

بيد سيفها أثكلك؟

(ارتشفنا قصائده و الشاي معا لم نحس كم مر من الزمن )

: الشمس طلعت يا حاج، بص بقى مش ها ينفع تروح دلوقتي ،إنت تنام هنا و نصلي الجمعة و نتغدى سوا

: لا ما ينفعش ، أنا لازم أروح أكيد الجماعة ها يوصلوا النهاردة من البلد

:خلاص يبقى لازم أوصلك

: تاني ؟ لأ كفاية كده إحنا طول الليل ماشيين إرتاح إنت و أنا هاروح لوحدي

: مش ممكن زي ما وصلتني لازم أوصلك

( فعلا إنطلقنا في طريق العودة ولكن في منتصف الطريق وقف )

:بس لغاية كده و خلاص

:يعني إيه ؟

:يعني أنا هاروح من هنا وانت ترجع من هنا ، دي قسمة الحق

: ماشي خلاص و أنا رضيت بقسمة الحق

( تعانقنا ،سلمنا بحرارة اللقاء و الوداع )

قلت و دموع الشك تترقرق في عيني

: إيه هو احنا مش ها نشوف بعض تاني و الا إيه ؟

: مين عالم ؟

( تباعدت يدانا عدنا رويدا رويدا بأرجلنا للخلف ننظر إلى بعضنا البعض ، نتحسس الطريق ،حتى اختفينا )

تسلل إلى قلبي صوت نجاة الصغيرة ( و في وسط الطريق و وقفنا سلمنا و ودعنا يا قلبي و رجعنا الطريق وحدينا و دموعنا في عينينا يا قلبي )

لم أفهم لماذا أرسل القدر لي هذه الرسالة إلا بعد أيام عندما جاءني خبر وفاة أخي أيمن سنجر إثر حادث أليم ،

لم أقو على الحركة ، عندها دارت بي الدنيا ،

و جدت يدي بتلقائية عجيبة تمتد لتتناول ديوان أمل دنقل ،

بدأت عيناي تفتشان فيه عن أخي الذي لم تلده أمي أيمن سنجر ،

نعم أخي رغم أن علاقتنا لم تدم سوى ليلة واحدة ، ولكنها بالنسبة لي عمرا بأكمله

عندها وجدت صديقي أمل دنقل يخرج علي من بين الصفحات

يربت على قلبي الحزين يواسيني

:كان يسكن قلبي و أسكن غرفته

نتقاسم نصف السرير ،

و نصف الرغيف ،

ونصف اللفافة، و الكتب المستعارة

وركضت مسرعا لا أدري أين أذهب

حتى وجدتني أسير في نفس الطريق الذي شهد صداقتنا

و وجدتني أرتج منتحبا أصرخ : أيمن سنجر مات يا عالم يا هوه

أيمن سنجر مات يا أمل يا دنقل

إنت سامعني

أيمن مات يا أمل

أيمن مات يا عالم

أ ي م ن س ن ج ر مااااااات يا هـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــوه

عابده لله
30-05-2006, 02:58 AM
صبــاح رائــع كـ روعة وجودك وقلمك الماسي
أخــي الفاضل محمد سنجر

ذهــول كل ما يعترينــي ..
فقد مشيت وقعدت واحتسيت الشاي معكما في بولاق الدكرور
ومرة اخرى في امبابــه وأنــا شاردة بذهنــي وقصائد أمل دنقل ..

ومن منا يتوه ولا يعرف أمـل دنقــل .. ( ! )
أذكــر وأنا صغيرة وابي يقرأ لـه سألته نفس سؤالك :

أمــل دنقل شـاعرة ( ؟ )
فما كان منــه الإ ابتسامة حنونة رائعــة وشرح مفصل عن
أمــل دنقل ....

http://www.jehat.com/ar/amal/photo/9.jpg


أمــل دنقل هــو :

لا تصالحْ !

http://www.alsakher.com/images/majlah/palst808.jpg

لا تصالحْ !
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى .........!!!

لا تصالح على الدم .. حتى بدم !
لا تصالح ! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ ؟ .... أقلب الغريب كقلب أخيك ؟!
أعيناه عينا أخيك ؟!
وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها .......... أثْكَلك ؟






أمــل دنقل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palst717.jpg


لا تصالح على الدم .. حتى بدم !

لا تصالح ! ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك ؟!

أعيناه عينا أخيك ؟!

وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك ؟

سيقولون :

جئناك كي تحقن الدم ..

جئناك . كن - يا أمير - الحكم

سيقولون :

ها نحن أبناء عم

قل لهم : إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيفَ في جبهة الصحراء

إلى أن يجيب العدم

إنني كنت لك

فارسًا

وأخًا

وأبًا

ومَلِك!





أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p13.jpg

لا تصالح ..

ولو حرمتك الرقاد

صرخاتُ الندامة

وتذكَّر ..

(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين
تخاصمهم الابتسامة)

أن بنتَ أخيك "اليمامة"

زهرةٌ تتسربل - في سنوات الصبا -

بثياب الحداد

كنتُ إن عدتُ:

تعدو على دَرَجِ القصر

تمسك ساقيَّ عند نزولي..

فأرفعها - وهي ضاحكةٌ -

فوق ظهر الجواد

ها هي الآن .. صامتةٌ

حرمتها يدُ الغدر:

من كلمات أبيها

ارتداءِ الثياب الجديدةِ

من أن يكون لها - ذات يوم - أخٌ !

من أبٍ يتبسَّم في عرسها ..

وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها ..

وإذا زارها .. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه

لينالوا الهدايا..

ويلهوا بلحيته ( وهو مستسلمٌ )

ويشدُّوا العمامة ..

لا تصالح!

فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا .. فجأةً

وهي تجلس فوق الرماد ؟!






أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p4.jpg


لا تصالح

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ ..؟

وكيف تصير المليكَ ..

على أوجهِ البهجة المستعارة ؟

كيف تنظر في يد من صافحوك..

فلا تبصر الدم..

في كل كف ؟

إن سهمًا أتاني من الخلف..

سوف يجيئك من ألف خلف

فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة

لا تصالح

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

إن عرشَك : سيفٌ

وسيفك : زيفٌ

إذا لم تزنْ - بذؤابته - لحظاتِ الشرف

واستطبت - الترف




أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p14.jpg



لا تصالح

ولو قال من مال عند الصدامْ

" .. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام .."

عندما يملأ الحق قلبك:

تندلع النار إن تتنفَّسْ

ولسانُ الخيانة يخرس

لا تصالح

ولو قيل ما قيل من كلمات السلام

كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس ؟

كيف تنظر في عيني امرأة ..

أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها ؟

كيف تصبح فارسها في الغرام ؟

كيف ترجو غدًا .. لوليد ينام

- كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام

وهو يكبر - بين يديك - بقلب مُنكَّس ؟

لا تصالح

ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام

وارْوِ قلبك بالدم..

واروِ التراب المقدَّس ..

واروِ أسلافَكَ الراقدين ..

إلى أن تردَّ عليك العظام !





أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p2.jpg



لا تصالح

ولو ناشدتك القبيلة

باسم حزن "الجليلة"

أن تسوق الدهاءَ

وتُبدي - لمن قصدوك - القبول

سيقولون :

ها أنت تطلب ثأرًا يطول

فخذ - الآن - ما تستطيع :

قليلاً من الحق ..

في هذه السنوات القليلة

إنه ليس ثأرك وحدك

لكنه ثأر جيلٍ فجيل

وغدًا..

سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً

يوقد النار شاملةً

يطلب الثأرَ

يستولد الحقَّ

من أَضْلُع المستحيل

لا تصالح

ولو قيل إن التصالح حيلة

إنه الثأرُ

تبهتُ شعلته في الضلوع..

إذا ما توالت عليها الفصول..

ثم تبقى يد العار مرسومة ( بأصابعها الخمس )

فوق الجباهِ الذليلة !




أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p1.jpg


لا تصالحْ ولو حذَّرتْك النجوم

ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..

كنت أغفر لو أنني متُّ..

ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ .

لم أكن غازيًا

لم أكن أتسلل قرب مضاربهم

أو أحوم وراء التخوم

لم أمد يدًا لثمار الكروم

أرض بستانِهم لم أطأ

لم يصح قاتلي بي: "انتبه" !

كان يمشي معي..

ثم صافحني..

ثم سار قليلاً

ولكنه في الغصون اختبأ !

فجأةً:

ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..

واهتزَّ قلبي - كفقاعة - وانفثأ !

وتحاملتُ حتى احتملت على ساعديَّ

فرأيتُ : ابن عمي الزنيم

واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم

لم يكن في يدي حربةٌ

أو سلاح قديم

لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ




أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p11.jpg


لا تصالحُ ..

إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:

النجوم.. لميقاتها

والطيور.. لأصواتها

والرمال.. لذراتها

والقتيل لطفلته الناظرة

كل شيء تحطم في لحظة عابرة:

الصبا - بهجة الأهل - صوتُ الحصان - التعرف بالضيف -
همهمة القلب حين يرى برعمًا في الحديقة يذوي -
الصلاة لكي ينزل المطر الموسمي - مراوغة القلب حين
يرى طائر الموت وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة

كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة

والذي اغتالني: ليس ربًّا

ليقتلني بمشيئته

ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته

ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة



لا تصالحْ

فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ ..

(في شرف القلب)

لا تُنتقَصْ

والذي اغتالني مَحضُ لصْ

سرق الأرض من بين عينيَّ

والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة !



أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p14.jpg

لا تصالح

ولو وَقَفَت ضد سيفك كلُّ الشيوخ

والرجال التي ملأتها الشروخ

هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد

وامتطاء العبيد

هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم

وسيوفهم العربية قد نسيتْ سنوات الشموخ

لا تصالح

فليس سوى أن تريد

أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد

وسواك .. المسوخ !





أمــل دنقــل هــو :

http://www.alsakher.com/images1/palstine/p110.jpg


لا تصالحْ

لا تصالحْ




*
*
*


أمــل دنقــل هــو شاعــر مصــري فــذ كتب للحريــة والكرامـة ..
والأشعار السياسية المليئة بالايحاءات التاريخية...


وأكثر ما كان جعلني أتلهف قراءات لهذا الشـاعر المبدع :

آه ما أقسى الجدار
عندما ينهض في وجه الشروق
ربما ننفق كل العمر .. كي نثقب ثغرة
ليمر النور للأجيال .. مرة !


ربما لو لم يكن هذا الجدار
ما عرفنا قيمة الضوء الطليق !!


*
*
*


أخــي المبدع محمد سنجــر ..

صــدقاً كم هــو زاخــرٌ نصـــك هــذا وكم وجدت فيه
الجمال والإبداع ..
وأيمن ابن عمــك ( رحمه الله ) ماهو الإ فنان وحساس
وعرف جيــداً قيمة من يقرأ لــه ..




كاتب مخضرم أنت وتستحق التصفيق طويــلاً ..
هنيئــاً لنــا بكاتبٍ مثلك انضم لـ كوكبة زاهـرة من
كُتابنا الأفاضــل ..

أهلاً وسهلاً بك مــد البصــر ..

:)

عابده

محمد سنجر
30-05-2006, 09:52 AM
اللـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــه

اللـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــه
اللـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــه
اللـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــه

اللـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــه
اللهم اشف أخي ناصر و اثلج صدورنا جميعا بشفاءه
ويعيده لكم سالما غانما
أخيرا وجدت عاشقا مثلي لأمل دنقل ( صديقي أمل دنقل)
فأنت و أيمن و أمل و أنا أصدقاء

جمال الروح
07-06-2006, 04:55 PM
أخي محمد سنجر..

ررائعة تلك الحكاية بتفاصيلها وبألمها ..

قرأتها منذ فترة على عجل,, ووجدتني أعود اليها لأتامل عمق المعنى ,, وضعف الانسان أمام الاقدار..!

هناك أشخاص ك"امل دنقل" يتركون آثارهم في القلوب والعقول.. فلا تنساهم الذاكرة..!

كل الشكر للغالية عابدة على نشر هذه القصيدة.. فعلا هي من أجمل ما كتب..

سلمت يمينك أخي..


كل التقدير..

اختك

جمال الروح

محمد سنجر
11-06-2006, 09:45 AM
تتبعثر الكلمات بين شفتي
و أنا أحاول لملمتها للرد على طيب ردودكم الطيبة
النابعة من قلوب ببياض الشمع
جزاكم الله عني خيرا

محسن يونس
11-06-2006, 02:29 PM
الصديق الفنان : محمد سنجر
تحياتى
ولا أروع !!!
إمساك اللحظة كان ممتازا فنيا وتشكيليا " دى بتاعة القصاصين مش بتاعة الفنانين بس "
وجع الفقد ملأ النص والحياة أيضا يا فنان .. أروع ما كتب عن فقدنا لأمل دنقل "الجنوبى" ثم اقتران فقده بفقد الصديق أيمن مشهد مؤثر وآثر .. ونجاح النص أنه وضعنا فى حالة قصصية مع معرفتنا بشخصياته الواقعية ، وزاد من اتساع المآساة على عدة مستويات منها الشخصى ومنها الثقافى .. ولا تبقى لنا إلا أن نصرخ معك كما صرخت فى النهاية .. إنها صرخة الانتباه وعدم الرضى لعل النيام يستيقظون ..
سلمت يداك ..
تقديرى واحترامى

محمد سنجر
17-06-2006, 09:33 PM
أستاذنا الفاضل
ردودك و لا أروع
لك مني كل الود
أخيك